عدد الابيات : 16
أَشَاقَكَ مِنْ عُلْيَا دِمَشْقَ قُصُورُهَا
وَوَلْهَانَ رَوْضُ النَّيْرَبَيْنِ حُدُورُهَا
تَنَزَّلُ أَسْطَارُ الْوُجُودِ بِرَحْلِهَا
فَيَنْشَقُّ عَنْ مَعْنَى السَّمَاءِ غُدُورُهَا
سَقَاهَا زَمَانٌ لَا يُرَجَّى رِوَاؤُهُ
فَمَا زَالَ يَسْقِي الْخُلْدَ مِنْهَا نُفُورُهَا
تَرَى الشَّمْسَ تَبْكِي حِينَ تَلْوِي بِظِلِّهَا
وَتَضْحَكُ أَقْدَارُ الْخُلُودِ بِدُورُهَا
أَتَانِي خَبِيرُ الْغَيْبِ يَسْأَلُ عَنْ دِمَى
فَقُلْتُ: دِمَشْقٌ كُلُّهَا سِرُّ وُرُودِهَا
تَنَاظَرُ فِي أَحْشَائِهَا كُلُّ حِكْمَةٍ
وَتَحْتَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا تُدْرَى أُمُورُهَا
لَهَا الْوَحْيُ يَرْقُصُ فِي جَوَارِحِهَا دَمًا
وَيَسْكُبُ فِي أَفْكَارِهَا مَا يَسِيرُهَا
تَنَازَعَتِ الْأَزْمَانُ فِي صَدْرِ رَحْلِهَا
فَمَا زَالَ يَبْقَى الْمَجْدُ وَالْعِزُّ مَجْرُورُهَا
أَتَغْزُو دِمَشْقًا؟! قُلْ لِمَنْ يَتَمَنَّى
سَيُدْرِكُهُ قَبْلَ الْوِصَالِ نُفُورُهَا
لَقَدْ خُلِقَتْ مِرْآةَ كُلِّ مُعْجِزَةٍ
تُرَاقِبُهَا أَعْيُنُ الْخَلِيقَةِ تَزُورُهَا
وَتَحْتَ الْجِبَالِ الرَّاسِخَاتِ تَنُوشُهَا
صُرُوفُ اللَّيَالِي وَالْحِجَابُ يَطُولُهَا
أَرَادَتْ لِأَهْلِ الْجُودِ أَنْ تَتَجَلَّى
فَأَصْبَحَ فِي أَحْشَائِهَا كُلُّ سُرُورِهَا
أَلَا يَا دِمَشْقُ الْعُشُّ قَدْ طَارَ أَهْلُهُ
وَمَا زِلْتِ تَبْنِينَ الْجَمَالَ عُمُورُهَا
تَرَفَّعْتِ عَنْ كُلِّ الْمَدَائِنِ رِفْعَةً
وَمَا فُتِحَتْ قَبْلَ الْوُجُودِ قُطُورُهَا
سَتُبْقِينَ حَتَّى تَنْدَثِرَ جَمِيعُهَا
وَيَبْقَى عَلَى أَعْقَابِ مَجْدُهَا ذُكُورُهَا
فَإِنْ سَأَلُوا: مَا الْحُبُّ؟ قُلْتُ: دِمَشْقُنَا
وَإِنْ سَأَلُوا: مَا الْمَجْدُ؟ قُلْتُ: دُسُورُهَا
441
قصيدة