عدد الابيات : 18
صَحَا الْقَلْبُ يَشْدُو فِي الْوَفَا وَالتَّبَجُّلِ
لِذِكْرَى الَّتِي نُورُ السَّمَاوَاتِ مُنْزِلِي
أُمُومَتُهَا تَاجٌ، وَنُبْلٌ، وَرَحْمَةٌ
وَنَبْعٌ مِنَ الْإِحْسَانِ بِالْجُودِ مُسْبِلِ
لَهَا فِي جَلَالِ الْكَوْنِ عِزٌّ وَمَوْطِنٌ
تَنَزَّلَ فِيهِ الْوَحْيُ بِالنُّورِ مُرْسَلِ
إِلَى صَدْرِهَا يَأْوِي الْفُؤَادُ إِذَا اشْتَكَى
وَيَلْقَى بِهَا بَرْدَ الْعَطَايَا مُنَزَّلِ
إِذَا أَظْلَمَتْ دُنْيَايَ كَانَتْ مُنِيرَةً
تُهَوِّنُ صَعْبَ الدَّهْرِ بِاللُّطْفِ مُؤْمِلِ
فَيَا مُهْجَةَ الرُّوحِ الَّتِي لَا يُضَاهِيهَا
كَمَالٌ، وَلَا دُرٌّ عَلَى الْبَحْرِ مُصْقَلِ
كَأَنَّ ضِيَاءَ الصُّبْحِ أَشْرَقَ وَجْهُهَا
وَكَالزَّهْرِ فِي نَفْحٍ بَدِيعٍ مُتَغَزِّلِ
وَقَدْ عَظُمَتْ، فَالْعَظْمُ مِنْهَا جَلَالُهُ
وَأَفْضَلُ مَنْ فَوْقَ الْمَعَالِي تَطَوَّلِ
أَيَا أُمَّ عُمْرِي، أَنْتِ رُوحُ كَرَامَتِي
وَمَجْدُكِ فِي الْأَكْوَانِ نُورٌ مُظَلَّلِ
لِعَيْنِكِ هَذِي الدُّنْيَا تَحْلُو بِبِشْرِهَا
وَفِي مُهْجَتِي حُبٌّ فُؤَادِي مُكَبَّلِ
إِذَا رُمْتُ عَطْفًا لَمْ أَجِدْ كَعَطْفِهَا
وَإِنْ غِبْتُ عَنْهَا عَادَ قَلْبِي مُوَكَّلِ
هِيَ النَّبْعُ، إِنْ جِئْتُ اسْتَقَيْتُ نَقَاءَهَا
وَمَا زَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ الْمُفَضَّلِ
لَهَا مِنْ سَحَابِ الْجُودِ دَمْعٌ مِدَادُهُ
دُعَاءٌ، وَتَسْبِيحٌ بِأَسْرَارِ مُوَصِّلِ
وَكَيْفَ يَفِي نَظْمِي بِمِقْدَارِ فَضْلِهَا؟
فَإِنِّي وَإِنْ أَطْنَبْتُ شِعْرِي مُقَلِّلِ
فَيَا لَيْتَ عُمْرِي كَانَ ظِلًّا لِظِلِّهَا
وَيَا لَيْتَنِي أَفْدِي الْحَيَاةَ بِمُبْدِلِ
أُقَبِّلُ يَدَيْهَا، ثُمَّ أَجْثُو بِشُكْرِهَا
وَتُخْضِبُ جَبْهَتِي دُمُوعٌ بِمُذْهِلِ
فَيَا بُشْرَنَا فِي أُمِّنَا يَوْمَ عِيدِهَا
تُبَارِكُهَا الْأَفْلَاكُ فِي الْعُلُوِّ الْأَجَلِّ
فَخُذْ يَا زَمَانُ الْوُدِّ مِنَّا مَحَبَّةً
وَفَضْلُكِ مَنْشُودٌ بِآيَاتِ مُحَمَّلِ
463
قصيدة