الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » مَرْثِيَةُ الْعَدْلِ

عدد الابيات : 24

طباعة

عَجَبًا لِأَرْضٍ بِهَا الْأَقْدَارُ مُضْطَرِبَة

تَسْعَى الظِّلَالُ، وَيُقْصَى النُّورُ عَنْ مَهَدِ

صَقْرُ السَّمَاءِ يُقَيَّدُ فِي زَوَايَاهَا

وَالطَّيْرُ فِي لَهْوِهِ يَعْلُو بِلَا أَمَدِ

يَمْشِي الرَّضِيعُ مَهَابًا فِي مَنَاصِبِهِ

وَالشَّيْخُ يُطْرَحُ مَظْلُومًا بِلَا سَنَدِ

وَكَمْ شُجَاعٍ أَذَلَّ الْخَوْفُ قُوَّتَهُ

وَكَمْ جَبَانٍ تَسَامَى فَوْقَ مَا اعْتَمَدِ

وَكَمْ لَئِيمٍ غَدَا فِي الْقَوْمِ مُحْتَفِلًا

وَكَمْ كَرِيمٍ أَضَاعَ الْحَقَّ فِي الْكَمَدِ

تُبْدِي الْغُيُومُ جَفَافًا فِي عَبِيرِهَا

وَتَسْكُبُ الشَّمْسُ بَرْدًا فِي يَدِ الصَّلْدِ

وَالْجَاهِلُ النَّاعِقُ الْمِسْكِينُ يُرْفَعُ فِي

أَبْهَى الْمَرَاتِبِ، وَالْعَاقِلُ بِلَا أَحَدِ

ضَاعَ الْفَصِيحُ الَّذِي بِالْحَقِّ يُلْجِمُهُمْ

وَصَارَ لِلثَّرْثَارِ الْقَوْلُ فِي الْبَلَدِ

وَالْجَاهِلُ الْجِلْفُ إِنْ نَادَى بِخُزَعْبِلٍ

أَضْحَى إِمَامًا، وَصَارَ الْحُلْمُ فِي كَبِدِ

الْعَقْلُ يُدْفَنُ فِي قَبْرٍ بِلَا كَفَنٍ

وَالْحِقْدُ يُرْفَعُ عَرْشًا فَوْقَ مَنْ شَهِدِ

مَنْ فِي الْمُرُوءَةِ عَاشَ الْيَوْمَ مَنْبُوذًا

وَفِي الدَّنَاءَةِ صَارَ الْمَرْءُ ذَا عُمَدِ

مَا عَادَ فِي الدَّهْرِ عَدْلٌ نَسْتَظِلُّ بِهِ

وَلَا أَمَانٌ يُدَاوِي مُرَّ مَا نَجِدِ

تُسْقَى الْمُرُوءَاتُ كَأْسًا لَا رَحِيقَ لَهَا

وَيُصْبَغُ الْعَارُ تَاجًا فَوْقَ مَنْ حَسَدِ

يَا لَيْلُ! هَلْ فِيكَ صُبْحٌ نَسْتَظِلُّ بِهِ؟

أَمْ أَنَّ فَجْرَكَ بَرْقٌ خَادِعُ الْوَعْدِ؟

مَنْ ذَا يُقِيمُ عَلَى الْأَخْلَاقِ مَمْلَكَةً

فِي عَصْرِنَا، حَيْثُ صَارَ الْعَدْلُ كَالْوَتَدِ؟

وَكَمْ تَقِيٍّ غَدَا فِي الْأَرْضِ مُنْهَزِمًا

وَكَمْ فَقِيهٍ غَدَا فِي الْقَوْمِ مُضْطَهَدِ

وَكَمْ جَرِيحٍ بَكَى دَهْرًا عَلَى أَمَلٍ

وَكَمْ قَبِيحٍ تَلَقَّى الْحُسْنَ فِي الصَّمَدِ

نَبْكِي عَلَى الْأَرْضِ مِنْ جَوْرِ النَّوَائِبِ، لَا

نَبْكِي عَلَى النَّاسِ، فَالنَّاسُ بِلَا مَدَدِ

يَا لِلْبَلَاءِ! فَمَنْ يَسْتَنْجِدُ الْعَقْلَ فِي

أَوْجَاعِهِ صَارَ فِي كَفِّ الْأَسَى مُبْدِ

دَارَ الزَّمَانُ وَبَدَّلَ كُلَّ مُعْجِزَةٍ

حَتَّى الْمَوَازِينُ أَضْحَتْ مِثْلَمَا الزَّبَدِ

دَارَ الزَّمَانُ بِنَا حَتَّى اخْتَنَقْنَا أَسًى

وَضَاقَ صَدْرُ الْفَضِيلِ الْحُرِّ فِي الْبَلَدِ

يَا ظَالِمَ الدَّهْرِ! هَلْ تُبْقِي عَلَى أَمَلٍ؟

أَمْ أَنَّ جُرْحَ الْأَنَامِ دُونَ مَا غُمَدِ؟

لَكِنْ سَيَبْقَى الْأَصِيلُ النُّورَ فِي ظُلَمٍ

مَهْمَا تَدَاعَتْ رِيَاحُ الْغَدْرِ وَالرَّمَدِ

لَكِنْ يَظَلُّ الْأَصِيلُ الْحَقَّ مُنْتَصِبًا

كَالطَّوْدِ يَشْمَخُ فِي أَعْمَاقِ مَنْ وَجَدِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

463

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة