عدد الابيات : 20
أَلَا يَا دَارُ قَدْ سَئِمَتْ رُبَاكِ
وَلَمْ يَبْقَ الْهَوَى إِلَّا طِرَاقِ
نَظَرْتُ إِلَيْكِ مِنْ وَجَعٍ دَفِينٍ
كَأَنَّ الدَّمْعَ مِنْ عَيْنِي غِرَاقِ
رَأَيْتُ الْحُبَّ مِيزَانًا رَقِيقًا
يُمَيِّزُ بِالْهَوَى شَرَفَ الْإِشْرَاقِ
فَمَا أَبْقَى سِوَى رُوحٍ عَلِيلٍ
تَمَزَّقَ بَيْنَ صَدٍّ وَاشْتِيَاقِ
فَإِنْ كَانَتْ صَبَابَاتِي ذُنُوبًا
فَحُبُّكِ كَانَ تَكْفِيرَ الْعِنَاقِ
أَمَا وَاللَّهِ لَوْلَا الْحُزْنُ فِينَا
لَقُلْتُ: الْحُسْنُ مِنْ عَيْنَيْكِ رَاقِ
وَأَنْتِ الشَّمْسُ لَوْلَا أَنَّ لَيْلِي
كَسَاكِ مِنَ السَّوَادِ عَلَى الْمُحَاقِ
وَأَنْتِ الْمَاءُ فِي صَحْرَاءِ رُوحِي
وَلَكِنْ جَفَّ مِنْ كَفِّكِ السَّوَاقِي
فَلَا تَغْفِرِي جُرْمِي وَعُودِي
فَفِي قَلْبِي مِنَ الْأَشْوَاقِ ضَاقِ
وَحَسْبُ الْعَيْنِ أَنْ تَبْقَى رَهِينَةً
تَرَى فِي النَّوْمِ طَيْفَكِ كَالشِّقَاقِ
وَإِنْ حَلَّ الْمَمَاتُ فَلَا تَعُودِي
فَقَدْ ضَاعَ الرَّجَاءُ بِلَا وِفَاقِ
بَكَيْتُكِ مِنْ جِرَاحٍ لَا تُدَاوَى
وَمِنْ جُرْحٍ تَمَادَى فِي احْتِرَاقِ
فَإِنْ ضَاقَتْ بِكِ الدُّنْيَا فَإِنِّي
أَضِيقُ بِهَا كَطَيْرٍ فِي وِثَاقِ
وَأَحْمِلُ فِي ضُلُوعِي أَلْفَ دَمْعٍ
وَلَا أَبْكِيكِ إِكْبَارًا وَعِتَاقِ
غَدَوْتُ كَظِلِّ كَأْسٍ قَدْ تَهَدَّى
وَتَاهَ عَنِ الْمُدَامَةِ فِي انْزِلَاقِ
سَقَتْنِي كَفُّهَا كَأْسًا زُعَافًا
وَكَانَ الْمَوْتُ مِنْهَا فِي اشْتِيَاقِ
سَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ أَبْقَى قَلِيلًا
لِأَرْشُفَ مِنْ حَدِيثِكِ مَا يُذَاقِ
فَيَا زَهْرَ الرُّبَى، مَهْلًا قَلِيلًا
فَلِي بَيْنَ الْمَآقِي مَا يُرَاقِ
إِذَا جَفَّتْ دُمُوعِي فَوْقَ خَدِّي
فَكُونِي الْمُزْنَ، وَالسُّحْبَ الدِّفَاقِ
وَإِنْ طُوِيَتْ صَحَائِفُنَا فَإِنِّي
كَتَبْتُ اسْمَكِ فِي جَبْهَةِ الْبَوَاقِي
472
قصيدة