عدد الابيات : 32
أنا الفارسُ العَاشِّقُ في زمنِ الدُّجى
أنا النّارُ في جَمرِ اللّيالي السّامِتِي
أنا الآهِ إنْ غابَ الهوى عن ضِلْعِنا
وأنا الشوقُ إن هبّتْ نسائمُ قِبلَتي
أنا الوَجدُ في صدرِ الحروفِ مُضرّجٌ
بأوجاعِ لُبّي، لا تداوي لَوْعَتي
فَيَا حُسْنَ أَخْلَاقِي، وَيَا عِزَّ مَوْقِفِي
وَيَا شَهْمٌ مِثْلِي لَا يَبَيعُ صُحْبَتِي
تَعَلَّمْتُ مِنْ دَهْرِي إِذَا مَا رَمَى الْفَتَى
سِهَامًا، فَأَنَّ الصَّابِرِينَ هُمُ الْعُتي
وَإِنِّي إِذَا مَا الرِّيحُ هَبَّتْ بِنَكْبَةٍ
عَزِيزٌ كَسَيْفٍ لَيْسَ يُؤْخَذُ بِالوَقْتِ
وَإِنِّي كَمَا الْأَسَدِ الْعَزُوفِ إِذَا غَدَا
فَحَتَّى الْقَنَاصُ الْخَائِفُونَ لَهُ بَخْتِ
فَسِيرُوا بِنَا نَحْوَ الْمَجَانِدِ وَانْظُرُوا
مَجَادِلَ لِلْمَجْدِ الْعَظِيمِ وَنُصْرَتِي
فَإِنِّي فَتًى لَا أَرْهَبُ الْمَوْتَ سَاعَةً
وَإِنِّي كَرِيمٌ فِي السَّمَاحِ وَعِفَّتِي
وَمَنْ يَسْتَجِرْنِي لَنْ أَخُونَ بِعَهْدَتِي
وَمَنْ يَسْأَلِ الْفَضْلَ الْمُجَازِي فِي دِشْتِي
فَكَمْ قَدْ نَصَبْنَا لِلْكِرَامِ رِوَايَةً
وَكَمْ قَدْ بَنَيْنَا لِلْفُرُوسِ مَحَجَّتِي
وَإِنِّيَ إِنْ عَانَيْتُ وَجْدًا مُلْهَبًا
تَرَنَّمْتُ فِي نَفْحِ الْحَنِينِ وَ حُزْنَتِي
وَأَسْكَنْتُ صَوْتِي فِي مَدَى الْبُعْدِ نَازِفًا
فَكَانَتْ جُرُوحُ الْقَلْبِ شَاهِدَ نَكْبَتِي
وَإِنِّي وَإِنْ أَخْفَيْتُ شَوْقِيَ صَامِتًا
فَنَبْضِي يُرَتِّلُ فِي الضُّلُوعِ قَصِيدَتِي
هَوَاهَا عَلَى جَبْهَاتِ أَيَّامِي سَطَعْ
كَنُورِ السَّمَاءِ يُرَاقِصُ الْكَوْنَ بِرْقَتِي
وَعَيْنَاهُ لَوْ تَهْوِي عَلَى صَخْرِ الجَفَا
لَأَزْهَرَ ذَاكَ الصَّخْرُ مِنْ طِيبِ نَظْرَتِي
تُحِبُّ كَأَنَّ الْحُبَّ وُجِدَ لِأَجْلِهَا
فَمَا العِشْقُ إِلَّا مِنْ نُسُوغِ مَلَكْتِي
أُمَجِّدُهَا، وَالرُّوحُ فِي أَعْمَاقِهَا
تُرَتِّلُ أَسْمَاءَ الْهَوَى فِي سُكْنَتِي
وَإِنْ غَابَتِ الدُّنْيَا وَصَارَتْ ظُلْمَةً
فَإِنِّي أُرِيدُ النُّورَ مِنْهَا لِمِيتَتِي
فَهَلْ فِي الوَرَى أَحَدٌ كَهَذَا وَصْفُهُ
يُمَاثِلُ نُورًا فِي الدُّجَى وَحَنَانَتِي؟
وَيَا نَسَمَاتِ البَيْنِ قُولِي لِمَنْ مَضَى
بِأَنّي غَرِيبٌ فِي أَنِينِ وَحِدَّتِي
وَأَنّي سَقِيمُ اللّيلِ، أَبْكِي نَجْمَهُ
إِذَا مَا سَرَى حُزْنِي، تَرَنَّحَ دَمْعَتِي
تَرَكْتُ الرُّؤى حَتَّى أَصَبْتُ بِغُصَّةٍ
تَصُكُّ جَنَانِي فِي سُجُودِ حَسْرَّتي
وَكَمْ خَانَنِي صَبْرِي وَصَالَتْ مَدَامِعِي
عَلَى طَلَلٍ مَاضٍ، وَنَارِ ذِكْرَتِي
فَكَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى نَجَاةٍ مِنَ الْهَوَى؟
وَقَلْبِي فَتَاهُ بِالدُّجَى فِي غَفْلَتِي
أَأَشْكُو إِلَى مَنْ فِي الهَوَى قَدْ تَعَذَّبَتْ
خُطَاهُ، كَمِثْلِي قَدْ تَفَيَّأَ أُنْسَتِي؟
أَمِ الْحُبُّ دَاءٌ لا يُرَجَّى دَوَاؤُهُ؟
فَلَيْتَ الزَّمَانَ يَعُودُ يَشْفِي نَكْبَتِي
أَنَا العَاشِقُ المَسْحُورُ فِي طَيْفِهَا الَّذِي
إِذَا مَرَّ أَحْيَا لَيْلَ قَلْبِي نْطَفِتي
رَسَمْتُ خَيَالَ الْحُسْنِ فِي كُلِّ نَظْرَةٍ
وَنَحْتُ جِرَاحِي مِنْ صُدُوعِ أُمنْيَتِي
فَإِنْ مَاتَ صَوْتُ الْحُبِّ فِيَّ وَخَافِقِي
فَسَيْحْيَا لِذِكْرَاهُ البَقَايَا فِي مُهْجَتِي
سَأَكْتُبُ مَا ضَاعَتْ حُرُوفُ هَوَانِهِ
عَلَى الرِّيحِ، أَوْ فَوْقَ الضُّلُوعِ بِحِبْرَتِي
فَيَا لَيْتَهَا تَدْرِي بِكَمْ قَدْ تَفَجَّرَتْ
شُهُبٌ مِنْ شُجُونِي فِي مَدَى قِمَّتِي
663
قصيدة