عدد الابيات : 35
وَلَوْلَا طَيْفُهَا فِي الْقَلْبِ مَا هَاجَتْ
مَوَاجِدُني، وَلَا غَنَّى لَهَا طَارَا
تَخَيَّلْتُ الْجَمَالَ بِهَا، فَأَزْهَرَنِي
وَعَادَ الدَّرْبُ مِنْ قَحْطٍ إِلَى نَارَا
رَأَيْتُ النُّورَ فِي عَيْنَيْ مُبَسِّمِهَا
فَفَاضَ الْحُسْنُ، وَازْدَهَرَ الْمَدَارَا
إِذَا بَسَمَتْ، تَسَاقَطَ وَرْدُ أَنْفَاسِي
وَكَأَنَّ الْبُشْرَ أَنْبَتَ لِيَ أَزْهَارَا
فَكَيْفَ يَنَامُ عُشَّاقٌ عَلَى شَجَنٍ؟
إِذَا طَيْفُ الْهَوَى أَسْرَى وَأَنْدَارَا
وَمَا قَلْبِي لَهَا إِلَّا كَمَنْزِلَةٍ
بِهَا سَكَنَتْ، فَصَارَتْ فِيهِ دِيَارَا
تُنَاجِينِي اللَّيَالِي حِينَ أَذْكُرُهَا
وَيُورِقُ مِنْ دُعَاهَا فِيَّ تِبْيَارَا
وَلِي فِي حُبِّهَا بَيْتٌ أُشَيِّدُهُ
بِأَهْدَابِي، وَأَزْرَعُهُ الْحُبَّ أَشْعَارَا
فَإِنْ شِئْتَ الْوُقُوفَ عَلَى جُنُونِي
فَفِي عَيْنَيْ هَوَاهَا يَسْتَعِرُ نَارَا
تُطِلُّ عَلَيَّ كَالْأَحْلَامِ عَاطِفَةً
وَتَسْقِينِي الْهَوَى لَحْنًا وَأَسْرَارَا
وَتَسْكُنُنِي، وَتَبْنِي فِيَّ مَمْلَكَةً
مِنَ الْأَشْوَاقِ تُشْعِلُنِي جُهَّارَا
كَأَنِّي رُوحُهَا، وَالرُّوحُ مُلْتَصِقٌ
بِصَوْتِ الْحُبِّ يَشْدُو لِي، وَيَنْدَارَا
أُحِبُّكِ، يَا نِدَاءَ الْفَجْرِ فِي دَمِي
بِكِ اكْتَسَتِ الطُّرُقُ وَرْدًا وَازْدِهَارَا
تَسَلَّلْتِ، كَالْحُلْمِ الْجَمِيلِ بِخَافِقِي
فَمَا أَبْقَيْتِ لِي غَيْرَ الصَّبْرِ مَسَّارَا
أَيَا زَهْرَةً، فَاحَ عَبِيرُكِ فِي دَمِي
وَطَارَ بَوْحُهَا عِطْرًا شِعْرًا وَأَنْغَارَا
دَعِينِي أَرْتَقِي فِي حُبِّكِ صَلَاةً
وَأَرْسُمَ مِنْ عُيُونِكِ لِيَ نَهَارَا
إِذَا مَرَّ الْهَوَى، فَاسْأَلِيهِ: أَمَا
رَأَيْتَ الْمُبْتَلَى صَاغَ انْتِظَارَا؟
أَنَا الْعَاشِقُ الْمَحْزُونُ، مُذْ نَبَضَتْ
يَدِي، لَمْ أُطِقْ لِلْأَلَمِ إِنْكَارَا
فَرِفْقًا بِي، فَقَدْ ذَابَتْ حُرُوفِي فِي
لَظَى الْأَشْوَاقِ، وَاحْتَرَقْتُ إِصْرَارَا
أُحِبُّكِ... لَا يُقَالُ لِغَيْرِكِ أَبَدًا،
فَهَذَا الْحُبُّ لَا يُشْرَى وَلَا يُعَارَا
وَإِنْ قَبَّلْتُهَا فَالْحُبُّ يَزْهَرُ فِي
مَلَامِحِهَا، وَيَغْمُرُنِي انْتِشَارَا
هِيَ الشَّمْسُ الَّتِي تَهْدِي ضِيَاءَ
دَمِي فَيَسْكُنُ فِي جُفُونِيهَا نَهَارَا
وَفِي خِصْرِ الْهَوَى سَيْفٌ لَهُ وَهَجٌ
يُذِيبُ الصَّمْتَ، يُحْرِقُ لِي جِدَارَا
تُعَلِّمُنِي الْهَوَى دِينًا لَهُ خَطَرٌ
إِذَا مَا لَاحَ، أَسْكَرَنِي اللَّحْنُ أَوْتَارَا
لَهَا عَيْنَاكِ تَمْحُو كُلَّ أَسْبَابِي
وَتَنْسِفُ فِي ضُلُوعِي الِاسْتِبَارَا
تُرَاوِدُنِي، ثُمَّ ارْتَاحَتْ مَشَاعِرُهَا
فَأَزْهَرَ مِنْ هَوَى قَلْبِي دِيَارَا
تُغَنِّي، فَالْحُلَى تَمْشِي عَلَى شَفَةٍ
وَيَسْرِي مِنْ نَدَاهَا الْعِطْرُ دَارَا
إِذَا مَا دَنَتْ، فَالْكَوْنُ يَنْكَمِشُ
كَأَنَّ الْوَقْتَ نَهْرًا قَدْ صَارَ تَيَّارَا
وَإِنْ ضَحِكَتْ، فَيُورِقُ حَوْلَهَا زَهْرٌ
وَيُعْطِي فِي فُؤَادِيَ الِانْبِهَارَا
أُقَبِّلُ فِي يَدَيْهَا رِقَّةً سَكْرَى
وَأَرْشُفُ مِنْ عُيُونِ الْحُبِّ نَارَا
أَنَا الْمَسْحُورُ، مُذْ لَامَسْتُ يَدِي يَدَهَا
أُحِسُّ الدَّرْبَ يُورِقُ لِي قَرَارَا
وَأَحْيَا كُلَّمَا قَالَتْ: "أُحِبُّكَ لِي"
كَأَنِّي وُلِدْتُ بِهَا مَجْدًا ، وَدَارَا
تُدَاعِبُنِي الذِّكْرَيَاتُ فِي وَجْدِي
وَيُغَنِّي الشَّوْقُ، يَمْلَأُنِي كِنَارَا
هَمَسْتُ، فَزَلْزَلَتْ هَمَسَاتُهَا جَسَدِي
وَمَاجَتْ فِي ضُلُوعِيَ الِانْبِهَارَا
وَفِي وَصْلِ الْهَوَى بَيْتٌ شَيَّدْتُهُ
بِأَهْدَابِ عَيْنٍ ، وَأَغْلَقْتُ السِّتَارَا
805
قصيدة