عدد الابيات : 26
بالحرفِ أبدأُ، والأشواقُ لاهبةٌ
في كلِّ نبضةِ وجدانٍ لها سببا
ما كنتُ أرسمُ حرفَ البوحِ في ولهٍ
إلّا لأنّ الهوى في القلبِ قد كتبا
تَعَالَ وَاسْمَعْ يَا حَبِيبَ الرُّوحِ مَا كَتَبا
فَالْقَلْبُ مِنْكَ عَلَى جُرْحِ الْهَوَى ثَأَبا
أَهِيمُ فِي صَحْوِ عَيْنَيْكَ الَّتِي سَكَنَتْ
فُؤَادًا صَارَ مِنْ عِشْقِ الْهَوَى خَرِبا
عَتَبْتُ لَكِنْ عِتَابِي مِنْكَ مُبْتَسِمٌ
كَأَنَّهُ الْوَرْدُ فِي خَدِّ الصِّبَا سُحِبا
أَنَسِيتَ أَيَّامَنَا؟ أَمْ كُنْتَ تَجْهَلُهَا؟
وَاللهِ مَا كُنْتَ فِي وُدٍّ لَنَا كَذِبا
قَدْ كُنْتَ تُشْعِلُ فِي صَدْرِي مَجَامِرَهَا
وَالْيَوْمَ تُطْفِئُهَا بِالْهَجْرِ مُغْتَضِبا؟
أَمَا سَمِعْتَ نِدَاءَ الْقَلْبِ مُنْكَسِرًا؟
أَمْ أَنَّكَ اتَّخَذْتَ الْحُبَّ مُرْتَقَبا؟
يَا مَنْ تَفَرَّدْتَ فِي سِحْرٍ وَفِي خَفَرٍ
وَبِالْجَمَالِ بَدَوْتَ الطُّهْرَ وَالْعَجَبا
إِنِّي رَأَيْتُكَ فِي حُلْمِي تُنَادِينِي
فَكِدْتُ لِشَوْقِ هَذِي الرُّؤْيَا مُنْتَحِبا
فَإِنْ رَحَلْتَ فَفِي قَلْبِي مَنَاكِبُهُ
مَا زَالَ يُذْكِرُنِي بِالْبَيْنِ مُغْتَرِبا
أَمَلِي بِأَنْ تَرْجِعِي، وَالْوَعْدُ مُبْتَدَأٌ
يَهْتَزُّ مِنْ طَيْفِه الْآمَالَ وَالطَّرَبا
عُدْ، إِنَّنِي فِي هَوَاكَ الْيَوْمَ مُلْتَهِبٌ
كَأَنَّ فِي جَوْفِيَ النِّيرَانَ وَاللَّهَبا
يَا مَنْ لَهُ الْقَلْبُ مَا زَالَ الَّذِي سَكَنَتْ
رُوحُ الْعَبِيرِ بِهِ، مَا زَالَ مُنْتَصِبا
هَذَا نِدَائِي، وَفِي كُلِّ الْحُرُوفِ دَمِي
فَهَلْ تُجِيبُ نِدَاءَ الْمُسْتَهَامِ، أبا؟
إِنِّي سَمِعْتُ صَدَى الذِّكْرَى يُنَادِينِي
فَكَيْفَ أَطْفِئُ فِي عَيْنِيْكِ مَا رَهَبا؟
تَرَكْتِ فِي خَلَدي أَشْلاءَ ذِكْرَاكِ
فَهَلْ سَتَجْمَعُهَا أَيَّامُنَا طَرِبا؟
هَلْ تَذْكُرِينَ وُعُودَ الْعُمْرِ؟ قُلْتِ لِيَ:
“مَا ضَلَّ قَلْبِي، وَمَا غَيَّابُهُ حُجُبَا”
كَيْفَ ارْتَضَيْتِ لِعَيْنِي الْوَجْدِ مُنْكَسِرًا؟
وَكَيْفَ صِرْتِ لِجُرْحِ الْحُبِّ مُعْتَنِبا؟
كَانَ الْهَوَى بَيْنَنَا غَيمًا يُظَلِّلُنَا
فَصِرْتِ لِلصَّفْوِ مِثْلَ الْغَيْثِ مُجْتَنِبا
كَمْ صِرْتُ أَجْهَشُ فِي سِرِّي وَأُخْفِيهِ
وَالدَّمْعُ مِنِّي عَلَى الْأَجْفَانِ مُنْسَكِبا
لَيْتَ الْمَسَاءَ الَّذِي فَارَقْتِهِ عَوْدٌ
وَأَنْتِ فِيهِ لِوَجْدِي نَبْضُهُ الطَّرِبا
قَدْ كُنْتِ لِي أُنْسَ عُمْرٍ، كُنْتِ بَسْمَتَهُ
وَالْآنَ تَرْكًا بِقَلْبِي صِرْتِ مَا طَلَبَا
إِنْ كُنْتِ نَسْيَانُكِ الْعُهْدَ الَّذِي عُقِدَتْ
أَكْفَانُهُ، فَاجْعَلِي صَدْرِيَ الْكُتُبا
هَذَا كَلَامِي، وَقَدْ سَالتْ مَدَادَتُهُ
دَمْعًا عَلَى وَرَقِ الأَشْوَاقِ مُنْسَكِبا
إِنْ كَانَ فِي قَلْبِكِ الْمَوْعُودِ مَغْفِرَةٌ
فَعُدْ، فَإِنِّي لِوَصْلِ الْحُبِّ مُرْتَقِبا
942
قصيدة