عدد الابيات : 51
أَيَا مَنْ زَادَنِي وُدًّا وَلَوْعَا
وَفِي عَيْنَيْكِ أَسْرَارِي صَرِيعَا
كَأَنَّ جَمَالَكِ الْبَسَّامَ سِحْرٌ
يُقَلِّبُ خَاطِرِي نَارًا وَرِيعَا
رَمَيْتِ الْقَلْبَ مِنْ عَيْنَيْكِ قَصْدًا
فَمَا أَبْقَيْتِهِ حَيًّا سَمِيعَا
وَمَرَّتْ مِنْكِ نَظْرَةُ مُسْتَهَامٍ
كَأَنَّ الصَّمْتَ مِنْهَا كَانَ نِيعَا
فَلَوْ جَادَتْ يَدُكِ يَوْمًا بِوَصْلٍ
لَدَاوَيْتِ الَّذِي غَابَ الْوَقِيعَا
فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ عَهْدٌ
وَإِمَّا أَنْ أَذُوبَ وَلَا أُطِيعَا
وَإِنْ خَفَتِ الْعُيُونُ وَلَمْ تُجِبْنِي
فَصَبْرِي مِنْ عَذَابِكِ لَنْ يَشِيعَا
رَضِيتُ بِجُرْحِ عَيْنَيْكِ اعْتِرَافًا
فَفِيكِ الْمَوْتُ أَهْنَى لِي وَأَرْوَعَا
أُحَدِّثُ طَيْفَكِ الْمَسْحُورَ لَيْلًا
فَيُبْكِينِي وَيَتْرُكُنِي وَضِيعَا
وَأَلْمَحُ فِي الْغِيَابِ لَهُ مَعَانِي
تُرَوِّعُنِي وَتُسْكِنُنِي الْفَظِيعَا
وَأَذْكُرُ بَيْنَنَا أَهْدَابَ حُلْمٍ
مَشَى كَالضَّوْءِ ثُمَّ غَدَا قَطِيعَا
فَيَا مَنْ كُنْتِ أُنْشُودَةَ هَوَانَا
لِمَ اسْتَحْلَيْتِ قَلْبِي أَنْ يَضِيعَا؟
وَلَسْتُ أُعَاتِبُ الْأَيَّامَ لَكِنْ
هَوَاكِ عَلَّمَنِي صَبْرًا شَنِيعَا
كَأَنِّي فِي الْمَحَبَّةِ كَانَ قَوْمِي
فَأَصْبَحْتُ الْمُتَيَّمَ وَالْخَلِيعَا
بَكَيْتُكِ لَا لِضَعْفٍ فِي فُؤَادِي
وَلَكِنْ مِنْ هَوَاكِ غَدَوْتُ ضَلِيعَا
تَعَالَيْ وَامْنَحِينِي بَعْضَ وَصْلٍ
يَكُونُ لِعُمْرِنَا الدَّامِي رَبِيعَا
وَإِنْ طَالَ النَّوَى فِيكِ اغْتِرَابِي
فَمَا ظَنِّي بِكِ الْجَوْرَ الْمُرَّيعَا
فَيَا نُورَ الْجَمَالِ وَكُلِّ حُسْنٍ
أَجِيبِينِي فِدَاكِ الْقَلْبُ جَائِعَا
أُحِبُّكِ فِي سُكُونِ اللَّيْلِ سِرًّا
كَمَا يُخْفَى الْبَهَاءُ عَلَى السَّمِيعَا
وَأَعْبُرُ فِي خَيَالِكِ كُلَّ دَرْبٍ
يُعَانِدُنِي وَأَقْطَعُهُ وَدِيعَا
وَأَزْرَعُ فِي هَوَاكِ دُمُوعَ شَوْقِي
لِتَنْبُتَ فِي ضُلُوعِي يَاسَمِيعَا
وَإِنْ طَالَ الْجَفَا فَالنَّفْسُ صَبْرٌ
تُدَارِيهِ الْمُرُوءَةُ وَالْخُشُوعَا
فَمَا لِلْحُبِّ إِنْ صَدَقَتْ وُعُودِي
سِوَى وَصْلٍ يُطَيِّبُ مَا يَضِيعَا
سَأَكْتُبُ فِيكِ يَا قَدَرِي نُجُومًا
وَأُنْشِدُكِ الْقَصَائِدَ وَالرُّبُوعَا
فَلَوْ أَهْدَيْتِنِي عَيْنَ الرِّضَا يَوْمًا
لَمَا رَجَعْتُ مِنَ الشَّوْقِ صَرِيعَا
دَعِينِي أَسْتَكِينُ بِظِلِّ صَوْتٍ
يُدَاعِبُنِي وَيَجْلِبُ لِي الْقُنُوعَا
وَإِنْ ضَاقَ النَّدَى يَوْمًا عَلَيَّ
فَوَجْهُكِ يَسْتَبِيحُ الدَّمْعَ نُوعَا
وَيَكْفِي أَنَّنِي فِي الْحُبِّ وَحْدِي
صَنَعْتُ مِنَ التَّمَنِّي مَا يَشِيعَا
وَذِكْرَاكِ الَّتِي فَاضَتْ بِقَلْبِي
تُنَاجِينِي وَتُشْعِلُنِي اشْتِيَاعَا
تُحَاكِي نَبْضَ أَعْمَاقِي سُكُونًا
فَتُوقِدُ فِي دُجَايَ بِهَا الشُّعَاعَا
تَغِيبِينَ، الدُّنَى تَغْدُو ظَلَامًا
وَتَحْضُرِينَ، يَفِيضُ النُّورُ بَاعَا
فَإِنِّي قَدْ نَذَرْتُ لِكِ احْتِرَاقِي
وَفِي عَيْنَيْكِ أَجْعَلُهُ الْتِمَاعَا
وَفِي لَحْظَيْكِ سِحْرٌ لَا يُجَارَى
يُذِيبُ الصَّخْرَ إِنْ نَادَى السَّمَاعَا
تَمَادَيْ فِي دَلَالِكِ لَا أُبَالِي
فَفِي خَدِّكِ تَشِفُّ الدُّرُّ صَفَاعَا
وَإِنْ مَرَّ النَّسِيمُ بِغَيْرِ عِطْرٍ
ظَنَنْتُكِ قَدْ نَفَخْتِ بِهِ رِيَاعَا
وَفِي أَنْفَاسِكِ الْأَسْرَارُ تُرْوَى
كَمَا تُرْوَى الْمَنَاهِلُ وَالْجِبَاعَا
تُنَاجِينِي خُطَاكِ إِذَا سَكَنْتِ
كَأَنَّ الْأَرْضَ تَخْفِقُ بِالسَّمَاعَا
وَإِنْ ضَحِكَتْ شِفَاهُكِ فِي سُكُونٍ
تُبَدِّدُ مِنْ فُؤَادِي كُلَّ صَاعَا
إِذَا نَادَيْتُهَا يَوْمًا تُجَافِي
وَتَرْمِينِي بِقَلْبِيَ فِي الضَّيَاعَا
فَيَا وَيْلِي إِذَا قَالَتْ وَدَاعًا
كَأَنَّ الْكَوْنَ قَدْ نَادَى اقْتِطَاعَا
وَيَا وَجْدِي إِذَا قَالَتْ صَبَاحًا
كَأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ لَثَمَ الْقُطَاعَا
مَتَى تَجْتَاحُنِي ذِكْرَاكِ يَوْمًا
أُقَبِّلُ فِي الْعَذَابِ بِهَا النِّزَاعَا
وَتَنْهَالُ الدُّمُوعُ لِفَقْدِ وَصْلٍ
كَأَنَّ الدَّهْرَ أَجْفَلَ مِنْ وَدَاعَا
فَأُخْفِي فِي الْجَوَانِحِ كُلَّ حُزْنٍ
وَأَكْتُمُ فِي الْجَوَانِحِ كُلَّ صَاعَا
إِذَا مَرَّتْ نَسَائِمُهَا عَلَيَّا
تُحْيِي فِي دُمُوعِي مَا اضْطِجَاعَا
وَإِنْ هَمَسَتْ بِلَيْلٍ ثُمَّ وَلَّتْ
تَرَكْتُ الرُّوحَ تَغْرَقُ فِي انْصِدَاعَا
أَحِنُّ لِحُسْنِهَا فِي كُلِّ وَقْتٍ
كَأَنِّي قَدْ خُلِقْتُ عَلَى الْتِيَاعَا
أَرَاهَا فِي الْمَدَى نُورًا جَلِيًّا
يُبَعْثِرُ فِي دَمِي أَمَلَ الشُّعَاعَا
تَغَلْغَلَ الْغَرَامُ بِلَا اسْتِئْذَانٍ
وَصَارَتْ مُهْجَتِي فِيهَا ارْتِيَاعَا
فَمَنْ لِي بِالْوِصَالِ وَلَوْ لَحْظَةً
تَكُونُ لِجُرْحِ آمَالِي بُقَاعَا
أُحَاوِرُهَا بِأَشْوَاقٍ تَسَامَتْ
وَأَرْسُمُ مِنْ سُكُوتِي أَلْفَ بَاعَا
991
قصيدة