عدد الابيات : 35
هِيَ أُنْشُودَتِي إِذَا مَا الرُّوحُ نَادَتْ
وَهْجُ الْحَنَانِ بِصَدْرِهَا قَدْ أَلْهَمَا
لَيْلِي إِذَا ضَاءَتْ بِوَجْهِكِ نَجْمَةٌ
غَنَّى الْحَنِينُ بِفَجْرِ عَيْنٍ أَنْعَمَا
مَرُّ الْفِرَاقِ عَلَى المُحِبِّ كَسَاعَةٍ
تَمْتَدُّ فِي عُمْقِ الزَّمَانِ وَتَأْلُمَا
وَإِذَا تَلَاوَتْ ذِكْرَكِ الشَّفَتَانِ فِي
صَلَواتِ شَوْقٍ كُلَّ نَفْسٍ أَسْجَمَا
أَتَنَفَّسُ الذِّكْرَى وَكُلِّي نَشْوَةٌ
وَأَضُمُّ ظِلَّكِ فِي الْمَدَى مُتَرَحِّمَا
قَدْ كُنْتِ فِي الأَزْمَانِ أَجْمَلَ قِصَّةٍ
وَأَنَا الرَّوِيُّ لِقَافِيَاتِكَ مَعْجِمَا
مَا بَيْنَ لَحْنِكِ وَالسُّكُونِ حَكَايَةٌ
تَهْوِي الْقُلُوبَ وَتَرْسُمُ الْحُبَّ الْمَهَيَّما
وَإِذَا سَكَنْتِ بِدَمْعَتِي فِي خَافِقِي
نَطَقَ الضِّيَاءُ وَقَالَ: عُدْ لِي مُبْسِمَا
يَسْرِي الْجَمَالُ عَلَى الْوُجُودِ تَحَلُّمَا
يَكْسُو الْفُؤَادَ بِنُورِهِ مُتَنَّغِمَا
زَهْرٌ يُغَنِّي فَوْقَ غُصْنٍ نَاضِرٍ
وَالْمَاءُ يَرْقُصُ فِي الْمَدَى مُنْسَّجِمَا
وَالنَّجْمُ فِي الْآفَاقِ يَلْمَعُ بَاسِمًا
يُهْدِي السُّكُونَ لِلَّيْلِ قَلْبًا مُلْهِمَا
رُوحِي تَطِيرُ مَعَ الْجَمَالِ هَنِيئَةً
تَنْسَابُ فَوْقَ السُّحْبِ عِطْرًا نَاعِمَا
فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ رُبَى الدُّنْيَا أَرَى
حُسْنَ الْوُجُودِ يَفِيضُ حُبًّا جَمَّا
إِنَّ الْجَمَالَ هُوَ الْحَيَاةُ بِنُورِهَا
يَكْسُو الْفُصُولَ فَيُولَدُ الْفَجْرَ نَغْمَا
يَكْسُو الْفُؤَادَ بِنُورِهِ مُتَرَنِّمَا
وَالْمَاءُ يَرْقُصُ فِي الْمَدَى مُتَبَسِّمَا
هَذَا الْهَوَى يَسْكُنْ فُؤَادِي نَافِذًا
يَشْدُو بِذِكْرِكِ فِي الضُّلُوعِ مُتَيَّمَا
مَا بَيْنَ أَحْلَامِي تَرَاءَيْتِ الرُّؤَى
وَكُنْتِ فِي صَحْوِي وَحُلْمِي مَعْلَمَا
قَدْ كُنْتِ فَجْرَ العُمْرِ فِي شَفَقِ النَّدَى
وَكُنْتِ لِلأَزْمَانِ بَدْرًا مُنْعِمَا
لَوْ كُنْتِ تَدْرِينِ الْمُرُورَ بِخَاطِرِي
كَيْفَ اشْتَعَلْتُ بِنَارِ شَوْقٍ مُحْرِمَا
وَكَيْفَ عَيْنِي كُلَّ لَيْلٍ تَسْهُرُ
تَبْكِي الْمَسَاءَ وَتَسْتَجِيبُ تَأَلُّمَا
وَكَيْفَ صَوْتُكِ فِي المَدَى يَتَرَنَّمُ
يَسْقِي فُؤَادِي بِالرَّجَاءِ وَيَسْأَمَا
وَإِذَا الْبُعَادُ تَجَلَّدَتْ أَيَّامُهُ
نَادَيْتُ قَلْبِي أَنْ يَصُونَ تَكَرُّمَا
فَإِلَيْكِ أَشْكُو مَا طَوَتْهُ جَوَانِحِي
شَوْقًا يُقَلِّبُ فِي الضُّلُوعِ تَأَلُّمَا
عُدْنَا، فَعُودُ الدَّهْرِ أَزْهَرَ فَجْأَةً
وَتَفَتَّحَتْ فِي الْقَلْبِ أَنْفَاسٌ سَمَا
وَأَتَى الْهَوَى وَأَتَى الْجَمَالُ مُبَشِّرًا
فَضَحِكْتُ بَعْدَ الدَّمْعِ حُلْمًا بَاسِمَا
إِنْ غِبْتِ يَوْمًا، كَيْفَ أَحْتَمِلُ الْمَدَى؟
وَالدَّهْرُ بَعْدَكِ يَا حَبِيبَتِي عَمَى
فَأَنْتِ نُورُ الصَّبْحِ، أَنْتِ قُصِيدَتِي
وَأَنَا الَّذِي أَهْوَاكِ صِدْقًا مُلْهَمَا
فَهَذِهِ أَشْلَاءُ قَلْبِي نَاظِرًا
فِيكِ الْبَقَاءُ وَفِي غِيَابِكِ مَأْتَمَا
إِنِّي كَتَبْتُكِ فِي السُّطُورِ قَصِيدَةً
تَحْيَا إِذَا نَادَتْ نُجُومُكِ أَنْجُمَا
فَلْيَشْهَدِ التَّارِيخُ أَنَّكِ فِي دَمِي
كُنْتِ الْحَنَانَ، وَكُنْتُ فِيكِ الْمُغْرَمَا
962
قصيدة