عدد الابيات : 50
هَلْ دَرَى الْبَدْرُ الَّذِي أَبْهَى السُّهَى
أَنَّ وَجْهَ الْحُسْنِ قَدْ صَارَ سَرَارَا؟
أَمْ أَضَاءَ الْكَوْنَ مِنْ نُورِ الْمُحَيَّا
وَاسْتَبَانَ السِّرُّ فِي الْقَلْبِ خَفَا؟
يَا سِحْرَ الْبَدْرِ الَّذِي لَا يُقْتَفَى
صِدْقُهُ فِي الْحُسْنِ إِلَّا عَجَبَا
سَارَةُ، يَا بَسْمَةَ الرُّوحِ الَّتِي
حِينَ لَاحَتْ طَرَّزَ الْأُفْقُ السَّنَا
يَا جَمَالًا لَمْ يُطِقْهُ الْوَاصِفُونَ
فَاتَّكَأْتُ الْحَرْفَ أُنْشِدُهُ غَنًا
كَيْفَ أُحْصِي مِنْكِ مَعْنًى مُزْدَهًا؟
أَيْنَ قَلْبِي مِنْ عُيُونٍ مُوقِدَا؟
فِيكِ يَا سَارَةُ شَمْسٌ فِي الضُّحَى
حِينَ تَسْرِي تُسْحِرُ النَّجْمَ سُهَى
هَلْ عَرَفْتِ الْحُبَّ مَا بَيْنَ الْوَرَى؟
أَمْ تَسَامَيْتِ بِهِ فَوْقَ الْعُلَا؟
كُلُّ حَرْفٍ مِنْكِ كَوْنٌ مِنْ نَدَى
كُلُّ هَمْسٍ فِيكِ يَرْوِي الْمَدَى
قَدْ تَبَارَى فِيكِ قَلْبٌ مُقْتَبِسٌ
مِنْ سَنَاكِ الْحُبَّ صَرَّى وَكَفَى
كُنْتِ لِي فِي الْوَصْلِ أَقْمَارَ الضِّيَاءِ
كَيْفَ أَمْضِي دُونَ إِشْرَاقِ الْهُدَى؟
كُلَّمَا غَابَ النَّسِيمُ عَنْ دَمِي
جَاءَ وَجْهُكِ مِثْلَ حُلْمٍ قَدْ دَنَا
يَا رُؤَى الطَّيْفِ الَّتِي مَا بُحْتُهَا
فِيكِ سِرُّ الْحُسْنِ أَسْرَى بِالنُّهَى
سَارَةُ، يَا شُعْلَةَ الشَّوْقِ الَّتِي
أَضْرَمَتْ فِي الرُّوحِ نَبْضًا وَاجْتَلَى
لَوْ رَآكِ الْفَجْرُ أُنْثَى قَدْ بَدَتْ
لَانْثَنَى يَحْكِيكِ حُبًّا وَانْطَوَى
لَا تُلامِي الْقَلْبَ إِنْ هَامَ الْهَوَى
فِيكِ مَا يَسْبِي الْمَدَى أَوْ يَبْتَدَى
عَجَبًا كَيْفَ اسْتَوَى حُبُّكِ فِي
رَاحَتَيْ الزَّهْرِ صُبْحًا وَمَسَا
لَمْ يَكُنْ لِلْبَدْرِ شَأْنٌ حِينَمَا
أَشْرَقَتْ أَنْفَاسُكِ الْبِكْرُ هُنَا
سَارَةُ، يَا مَنْ أَذَابَتْ كَوْكَبًا
فِي فُؤَادِي حِينَ أَرْسَتْ مَوْطِنَا
كَيْفَ أَبْقَى دُونَ نَجْمٍ فِي الْوَرَى
قَدْ كَسَا عُمْرِيَ ثَوْبًا مُذْهِلَا؟
قِيلَ لِي: أَيْنَ الْمَعَانِي فِي الْهَوَى؟
قُلْتُ: أَنْتُمْ لَمْ تَرَوْا وَجْهَ الْهَنَا!
وَجْهُ سَارَةَ طُرَّةُ الْحُسْنِ الَّتِي
كُلَّمَا أَوْمَضَتْ بَدَّدَتْ عَنَّا الْعَنَا
كُلُّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ شَاهِدٌ
كُلُّ طَيْفٍ فِي الدُّجَى بَاتَ مَعَا
يَا سَمَاءً أَطْلَعَتْ لِي وَرْدَهَا
فِي صَبَاحٍ أَزْهَرَ الْعُمْرَ دَنَا
يَا حَبِيبَةَ الْقَلْبِ إِنِّي شَاعِرٌ
قَدْ وَهَبْتُ الرُّوحَ عِشْقًا مُؤَتَّلَا
أَنْتِ نُورُ الشَّمْسِ إِنْ غَابَ السَّنَا
فِيكِ شَمْسٌ أَبْدَعَتْ مَحْوَ الْوَلَا
أَيُّ قَلْبٍ بَعْدَ هَذَا قَدْ يَرَى؟
أَيُّ شِعْرٍ بَعْدَ سَارَةَ يُرْتَجَى؟
كُلُّ حَرْفٍ فِي جَمَالٍ خُلِّدَتْ
كُلُّ بَيْتٍ قَدْ بَدَا لِلدَّهْرِ مَا
سَارَةُ، قَدْ كُنْتِ لِلْحُسْنِ الْعُلَى
مَا أَرَانَا فِيكِ نَجْمًا قَدْ هَوَى
هَلْ تَحَدَّى الشِّعْرُ هَذَا الْمُبْتَدَى؟
أَمْ غَدَا فِي وَصْفِ سَارَةَ مُنْتَهَى؟
يَا زَمَانَ الْوَصْلِ، يَا سِرَّ الْمُنَى
عُدْ إِلَيْنَا بِالْخَيَالِ الَّذِي غَفَا
وَاكْتُبِ الْحُبَّ لَنَا فَوْقَ الْوَرَى
وَارْسِمِ الْوَصْلَ حَيَاةً فِي اللِّقَا
كُلَّمَا ضَاعَتْ رُؤَانَا فِي الْهَنَا
عَادَ وَجْهُ الْحُبِّ فِيكِ وَالْتَوَى
سَارَةُ، يَا بَسْمَةَ الْعِيدِ الَّتِي
لَوْ رَآهَا الْكَوْنُ مَا أَضْنَاهُ نَوًى
عُدْتُ لِلشِّعْرِ رَسُولًا فِي الْوَرَى
أَطْلُبُ الْحُبَّ لَدَى قَلْبٍ قَسَا
سَارَةُ، كَيْفَ الْهَوَى صَارَ نَدَى؟
كَيْفَ وَجْدِي بَاتَ نُورًا قَدْ عَلَا؟
لَوْ رَآكِ الْحُسْنُ يَوْمًا لَانْتَحَى
وَاسْتَقَى مِنْكِ الْجَمَالَ وَاقْتَفَى
أَنْتِ عِطْرُ الْوَرْدِ فِي صُبْحِ السَّنَا
كَيْفَ تَبْقَى الذِّكْرَى مِنْ دُونِ الْفَتَى؟
فِيكِ بَحْرٌ مَا انْتَهَى مَوْجُ الْهَوَى
كُلَّمَا أَبْحَرْتُ أَضْحَى لِي نَوًى
يَا جَمَالًا فِي عُيُونٍ قَدْ رَأَتْ
سِرَّ أَنْوَارِ الْحَبِيبِ وَاقْتَدَى
سَارَةُ، يَا كُلَّ أَنْوَارِ الْمُنَى
يَا مَلَاكَ الْحُبِّ فِي شَوْقِ الْعُلَى
أَنْتِ صَوْتٌ فِي الْمَدَى يُحْيِي الْهَوَى
كُلَّمَا صَارَتْ خُطَانَا مَنْكَبَا
فِيكِ سِرٌّ لَمْ يُطَرَّ مِثْلُ الْحُلَى
كَيْفَ أُحْصِي مِنْكِ حُسْنًا أَوْ تُقًى؟
كُلُّ نَجْمٍ مِنْ سَمَاءٍ قَدْ دَنَا
بَاتَ فِي بَحْرِ الْعُيُونِ مُنْتَهَى
يَا حَبِيبَةَ الْقَلْبِ، يَا سِرَّ الدُّنَا
أَنْتِ سِرٌّ لَمْ يُفَكَّ أَبَدًا
لَوْ تَبَارَى الشُّعَرَاءُ فِيكِ، لَمَا
اسْتَطَاعُوا وَصْفَكِ أَوْ قَدْرَ السَّنَا
أَنْتِ تَاجُ الْحُبِّ فِي صَدْرِ الْوَرَى
أَنْتِ كُلُّ الشِّعْرِ، مَعْنًى وَمُنَى
كَيْفَ لِلشُّعَرَاءِ وَصْفٌ مُقْتَفَى؟
وَأَنْتِ فِي حُسْنِكِ سِرٌّ لَا يُرَى!
يَا سِحْرَ الْبَدْرِ الَّذِي لَمْ يُوصَفَا
أَنْتِ مُعْجِزَةُ الزَّمَانِ وَالْأُلَى
هَذِهِ سَارَةُ، جَمَالٌ مَا غَفَا
مُعَلَّقَتُهَا بِقَلْبِي خُطَّتْ هُنَا
805
قصيدة