عدد الابيات : 30
الْحُبُّ رُوحُ الدُّنَا وَسِرُّ الْوُجُودِ
بِهِ تُشْرِقُ الْأَنْفُسُ فِي كُلِّ وُعُودِ
يَسْرِي كَنُورِ الْفَجْرِ فِي أُفُقِ الْمَدَى
وَيَزْرَعُ فِي الْأَعْمَاقِ أَسْمَى الْعُهُودِ
يَا مُلْهِمَ الْعُشَّاقِ يَا نَبْضَ الْهَوَى
لَكَ السِّحْرُ فِي الْقَلْبِ يُحْيِي الْجُمُودِ
إِذَا مَا نَظَرْتُ الْحُسْنَ فِي عَيْنَيْكَ قَدْ
أَبْصَرْتُ كَوْنًا مُفْعَمًا بِالْوُرُودِ
يَا وَاهِبَ الْأَحْلَامِ يَا سِرَّ الْبَهَا
بِكَ تَعْلُو الرُّوحُ فَوْقَ الْحُدُودِ
تَمْجِيدُ حَبِيبَةٍ كَأَنَّا مَلَكْنَا
بِجَمَالِهَا دُنْيَا مِنَ الْحُبِّ تَزُودِ
سَارَةُ يَا حُلْمَ الْحَيَاةِ وَجَنَّتِي
فِي كُلِّ دَرْبٍ كُنْتِ نَجْمَ السُّعُودِ
وَجْهٌ كَصُبْحِ الْعِيدِ يُشْرِقُ ضَاحِكًا
وَحُضُورُهَا أَسْمَى نِدَاءِ الْخُلُودِ
صَوْتُ الْحَبِيبِ أُغْنِيَةُ الْكَوْنِ إِذَا
غَنَّى تَرَاقَصَتِ السَّمَاءُ بِرُعُودِ
فَكَيْفَ لَا تَهْفُو الْقُلُوبُ لِنَبْضِهَا
وَكَيْفَ لَا يَعْلُو الْفُؤَادُ بِهُجُودِ
فِي أَوَّلِ اللَّحَظَاتِ حِينَ رَأَيْتُهَا
لَمَحْتُ بِعَيْنَيْهَا مُرُوجَ الْوُرُودِ
كَانَ اللِّقَاءُ حِكَايَةً مِنْ سِحْرِهَا
تَنْسَابُ كَالْأَلْحَانِ فِي كُلِّ عُودِ
يَا أَوَّلَ الْأَنْوَارِ يَا وَهْجَ الْهَوَى
يَا لَحْظَةً أَشْرَقَتْ بِنُورِ الْوُعُودِ
أَذْكُرُ خُطَاهَا إِذْ تَمُرُّ كَأَنَّهَا
نَسْمَةُ صَيْفٍ تَحْمِلُ الطِّيبَ الْعُودِ
وَبَدَأْتُ أُبْحِرُ فِي سَمَاءِ جَمَالِهَا
وَغَرِقْتُ فِي بَحْرِ الْغَرَامِ الْخُلُودِ
هِيَ مَنْ جَعَلَتْ لِلْحَيَاةِ قَصِيدَةً
تُرْوَى بِأَلْحَانِ الرَّبِيعِ الْخَضُودِ
وَمُنْذُ ذَاكَ الْيَوْمِ صَارَتْ كَأَنَّهَا
شَمْسِي وَمَأْوَايَ وَمِفْتَاحُ صُمُودِي
أَدْمَنْتُ عَيْنَيْهَا وَسِحْرَ بَرِيقِهَا
يَا حُبَّهَا مَا بَيْنَ عَقْلٍ وَجُودِ
مَا كُنْتُ أَدْرِي كَيْفَ أُخْفِي سِرَّهَا
وَالْقَلْبُ يَشْكُو لَوْعَةً فِي الصُّدُودِ
حَتَّى غَدَتْ رُوحِي كَطَيْرٍ تَائِهٍ
يَشْدُو بِحُبٍّ لَا يَهَابُ الْقُيُودِ
سَارَةُ يَا وَعْدَ الزَّمَانِ وَأَمْنَهُ
بِكِ اكْتَمَلَتْ آمَالِي وَأَحْلَامِي وَوُجُودِ
لَحْظَةُ الْبِدَايَةِ لَا تَزَالُ كَأَنَّهَا
فَجْرٌ أَضَاءَ الدَّرْبَ بَعْدَ الرُّكُودِ
وَمُنْذُهَا صَارَتْ حَيَاتِي جَنَّةً
يَا حُبَّهَا بَحْرٌ بِغَيْرِ سُدُودِ
وَمَا الْحُبُّ إِلَّا أَنْ أَرَاهَا قَرِيبَةً
فَأَلْمَسَ فِي عَيْنَيْهَا دِفْءَ الْوُعُودِ
أَوْ أَنْ أَرَى الْفَجْرَ الَّذِي يُشْرِقُ بِهَا
فَيَسْمُو بِآفَاقِي وَيُحْيِي جُهُودِي
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ الَّتِي حِينَ أَقْبَلَتْ
أَيْقَظَتِ الْقَلْبَ الَّذِي كَانَ جُمُودِ
أَحْبَبْتُهَا حَتَّى غَدَتْ كُلَّ مُنًى
أَصْبَحْتُ فِي هَوَاهَا كَعَابِدٍ شَهِيدِ
هِيَ الْبِدَايَةُ وَهِيَ رُوحِي وَمُلْهِمِي
وَهِيَ الْخِتَامُ لِحُبٍّ غَيْرِ مَرْدُودِ
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أُلَاقِي خَاتِمًا
يُبْقِي حَبِيبِي فِي دِيَارِ الْخُلُودِ
لَكِنَّ قَلْبِي مُؤْمِنٌ أَنَّ الْوِصَالَ
سَيَبْقَى حَدِيثَ الدَّهْرِ فِي كُلِّ جُودِ
1053
قصيدة