عدد الابيات : 34
سَأَمْضِي لِمَطْلَعِ مَجْدِنَا مُتَفَائِلًا
وَإِلَى الْعُلَا يَرْقَى الطُّمُوحُ وَيَسْلُبُ
فَدِمَشْقُ يَا أُمَّ الْقُلُوبِ وَرَاحَةٌ
لِلرُّوحِ فِي أَفْيَائِهَا عُشَّاقٌ نَتَقَلَّبُ
سَيْفُ الْعُلَا مِنْهَا وَنَصْرُ حُقُوقِنَا
وَبِسَاحِهَا التَّارِيخُ يَجْثُو يَرْغَبُ
فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ تُرَابِكِ قِصَّةٌ
نَسَجَتْ مَلَاحِمَهَا الرِّجَالُ وَكُتِّبُوا
فَالْأُمَوِيُّونَ اشْتَهَتْهُمْ مَجْدَةٌ
وَعَلَى ثَرَى دِمَشْقَ تَهَادَوْا وَاغْتَبُوا
مِنْ نَهْرِ بَرْدَى تَشْرَبُ الْأَرْوَاحُ مِنْ
صَفْوِ الْحَيَاةِ، وَكُلُّ دَرْبٍ يُرْكَبُ
يَا شَامُ يَا دُرَّ الْعُلَا وَتَأَلُّقًا
مِنْ نَهْرِكِ الْفَيَّاضِ فَجْرٌ يُشْرَبُ
يَجْرِي الْفُرَاتُ كَمَلَاحِمِ بِالْوَرَى
وَيَهِيمُ فِي عُشَّاقِهِ مَنْ بِهَا يُعْجَبُ
يَا شَامُ يَا جَبَلَ الْمَهَابَةِ إِنَّنِي
مِنْ طُهْرِ تُرْبِكِ وَالثُّبَاتُ يُسْحَبُ
فَلَكِ الْقُلُوبُ تَهِيمُ شَوْقًا دَائِمًا
وَعَلَى الْجَمَالِ سُرُوجُ فَخْرٍ تُلْهَبُ
فَدِمَشْقُ يَا نَبْضَ الْحَيَاةِ وَمَجْدَهَا
وَبِمَسْجِدِ الْأُمَوِيِّ، هُنَاكَ تُرْتَجَى
أَدْعِيَةٌ تَرْقَى، وَيَجْثُو الْمُذْنِبُ
هَذِي الْمَآذِنُ قَدْ سَمَتْ بِشُمُوخِهَا
وَصَدَحْنَ بِالْحَقِّ الْجَلِيِّ وَأَطْرَبُوا
وَالْقَلْبُ مِنْهُمْ فِي الصَّلَاةِ تَجَلُّدٌ
وَبِهِ الدُّعَاءُ لِكُلِّ حَقٍّ يُطْلَبُ
هَذِي الْقُصُورُ وَهَذِهِ أَطْيَافُهُمْ
مِنْهُمْ رِيَاحُ الْعِزِّ فِيهَا تُلْهَبُ
وَمَضَى الزَّمَانُ بِكُلِّ مَجْدٍ نَاصِعٍ
وَتَرَى التُّرَاثَ عَلَى الْعُصُورِ يُنْسَبُ
إِلَّا إِذَا شَرَّتْ دِمَشْقُ بِعِزَّةٍ
عَادَتْ لَهَا الْأَيَّامُ تَحْكِي الْأَغْرَبُ
حَتَّى إِذَا الظُّلْمُ اللَّعِينُ تَجَبَّرَتْ
يَوْمًا بِهَا، سَيْفُ النُّفُوسِ يُضَرَّبُ
هَبَّ الشُّبَّانُ كَمَا السُّيُوفِ مَصَائِلًا
وَالنَّصْرُ يُبْنَى فَوْقَ عَزْمٍ يُكْتَبُ
قَدْ قُلْتُهَا وَاللَّهُ شَاهِدُ قَوْلِنَا:
مِنْ ظُلْمِ مَنْ ظَلَمَ الْحَيَاةُ تَهَرَّبُ
لَكِنْ نُؤَرِّخُ كُلَّ ظُلْمٍ يَنْطَفِي
يَوْمًا فَتَبْقَى الشَّامُ حُرَّةً تُجَبُّ
أَرْضُ الْعَزِيمَةِ لَا تُكَلُّ نِضَالُهَا
بِجَمَالِهَا الْعَزَمَاتُ تَفْنَى وَتُكْتَبُ
وَعَلَى ثَرَاكِ يُعَادُ مَجْدٌ شَامِخٌ
بِسَوَاعِدِ الْأَحْرَارِ تَبْقَى الْأَطْيَبُ
لَمَّا رَأَيْتُ الشَّامَ تَزْهُو عِزَّةً
وَبِوَجْهِهَا نُورُ الصَّبَاحِ يَسْكُبُ
قُلْتُ الْجَمَالُ بِهَا تَجَلَّى مَشْهَدًا
وَكَأَنَّهَا بَيْنَ الْبِلَادِ الْكَوْكَبُ
مَا ضَاقَ صَدْرُكِ يَا عَظِيمَةُ بَاسِلًا
إِلَّا وَفِيكِ الصَّبْرُ يَرْفُو الْمَطْلَبُ
يَا شَامُ، يَا مَجْدَ الْوَرَى وَمَلَاذَهُ
فِي ظِلِّكِ الْأَحْلَامُ تَحْيَا تُجْذَبُ
يَا شَامُ، يَا قِبْلَةَ الْحَيَاةِ وَعِزَّهَا
وَبِكِ الْوُجُودُ يُسَطِّرُ الْأَعْجَبُ
لَا تُطْفَأُ الْأَحْلَامُ فِيكِ، وَإِنْ دَهَا
بِالنَّاسِ بَغْيٌ، أَوْ أَتَى مَنْ يُخَرِّبُ
فَالنَّصْرُ يَحْلُمُ فِي ثَرَاكِ، وَحُرُّكُمْ
فِي كُلِّ صَفٍّ لِلنِّضَالِ يُجَنَّبُ
يَا شَامُ، مِيعَادُ الْوَفَاءِ أَرَى بِهِ
وَجْهًا جَمِيلًا لِلْعُلَا لَا يُحْجَبُ
هَذِي الْقُصُورُ، وَهَذِهِ أَسْوَارُكُمْ
تَرْوِي حِكَايَاتِ الزَّمَانِ، وَتَكْتُبُ
فَاصْبِرْ عَلَى كُلِّ الرِّيَاحِ، فَإِنَّمَا
فِي الشَّدَائِدِ يُنْتَخَى مَنْ يُرْهِبُ
وَغَدًا سَتَزْهُو الشَّامُ فِي أَثْوَابِهَا
وَتُعِيدُ فَخْرَ الْعِزِّ يَشْدُو، وَيَطْرَبُ
1280
قصيدة