عدد الابيات : 20
يَا قُدْسُ، يَا تَاجَ فَخْرٍ فِي مَرَاقِيهِ
نُورُ الْمَدَى فِي عُلَاهُ، قَدْ تُوَارِيهِ
يَا مَهْبِطَ الْوَحْيِ، كَمْ زَانَتْكَ أَزْمِنَةٌ
لِلنُّورِ تَشْدُو وَأَيَّامٌ عِزٍّ تُنَاغِيهِ
مِنْ "الْفُتُوحِ" أَتَى عُمَرٌ يُطَهِّرُهَا
بِالْعَدْلِ يَسْرِي، وَحَقٌّ فِي مَسَاعِيهِ
حَتَّى الْأُمَوِيُّ بَنَى فِي الْأَقْصَى مِنْبَرًا
تَزْهُو الْمَآذِنُ بِالْأَضْوَاءِ تُحْيِيهِ
وَالنُّورُ يُشْرِقُ فِي صَحْنِ الْمَسَاجِدِ
مِنْ عِلْمٍ يُنِيرُ دُرُوبَ الْجِيلِ يُعْلِيهِ
مَرَّتْ عُصُورٌ وَلَيْلُ الْقَهْرِ يَغْمُرُهَا
لَكِنَّ شَمْسَ الْإِبَاءِ بَاتَتْ تَحْمِيهِ
وَالصَّخْرُ يَشْهَدُ، وَالزَّيْتُونُ يَحْرُسُهَا
كَأَنَّ أَرْضَكِ نَبْضٌ فِي نَوَاحِيهِ
يَا قُدْسُ، كَمْ مَرَّ مُحْتَلٌّ يَظُنُّ بِهَا
لَكِنَّ أَهْلَ الْعُلَا بِالنَّارِ تُرْدِيهِ
بَنُو صَلَاحٍ أَتَوْهَا فِي مَوَاكِبِهِمْ
جَيْشٌ عَلَى الْحَقِّ، فَالْإِسْلَامُ يُبْقِيهِ
صَرْحُ الْعَزَائِمِ لَا يُثْنَى، وَقَدْ عَلَتْ
رَايَاتُ مَجْدٍ يُبَاهَى فِي مَبَانِيهِ
مَرَّ الزَّمَانُ عَلَى أَقْدَاسِهَا وَكَذَا
شَعْبُ الْبُطُولَةِ فِي الْمَيْدَانِ يَفْدِيهِ
يَا قُدْسُ، يَا مَنْبَرَ الْإِيمَانِ، كَمْ هَتَفَتْ
أَرْوَاحُ قَوْمٍ عَلَى الْهَيْجَاءِ تُثْنِيهِ
قَدْ جِئْتُ أُبْصِرُ فِي تَارِيخِكِ أَمْجَدَةً
كَالنَّجْمِ يُشْرِقُ فَوْقَ اللَّيْلِ يُنْجِيهِ
كَمْ فِي شَوَارِعِكِ التَّارِيخُ يَحْتَضِنُ
ذِكْرَى الْأَنْبِيَاءِ، وَالْآيَاتُ تُرْوِيهِ
يَا قُدْسُ، كَمْ لَكِ مِنْ عِزٍّ وَمَكْرُمَةٍ
فِي كُلِّ رُكْنٍ دُرُوسُ الْعِزِّ تَحْكِيهِ
دَمْعُ الْجِرَاحِ يَفِيضُ الْآنَ مُعْلِنًا
أَنَّ الشُّمُوخَ لِأَهْلِ الْحَقِّ يُهْدِيهِ
وَالْأَقْصَى الْجَرِيحُ، يُنَادِي مَنْ يَذُودُ
حِمَاهُ، وَاللَّيْلُ فِي أَضْلَاعِهِ تِيهِ
أَبْطَالُ شَعْبٍ إِذَا مَا الصَّبْرُ أَرَّقَهُمْ
ثَارُوا كَبَرْقٍ بِلَيْلِ الظُّلْمِ يُفْنِيهِ
مِنْ كُلِّ بَيْتٍ تُرَى الْأَحْرَارُ تَخْرُجُ فِي
مَيْدَانِهَا، وَالرَّدَى بِالسَّيْفِ يُمْضِيهِ
كَمْ زُلْزِلَتْ فَوْقَهَا الْأَحْجَارُ صَارِخَةً
لَنْ يَنْحَنِي الشَّعْبُ إِذِ اللَّيْلُ يُغْرِيهِ
1280
قصيدة