عدد الابيات : 64
طباعةطَافَ الْخَيَالُ بِسَاحَتِي مُتَهَادِيَا
وَأَثَارَ مِنْ حَرِّ الْجَوَى مَا بَادِيَا
وَسَقَى فُؤَادِي مِنْ لَظَى أَطْيَافِهِ
حَتَّى غَدَا فِي الْعِشْقِ نَارًا حَامِيَا
فَتَنَتْ بِلَحْظٍ كَالسِّهَامِ مُحَطِّمٍ
يَسْبِي الْعُقُولَ وَيَبْعَثُ التَّيْهَ فِيَّا
نَفَحَتْ كَزَهْرِ الرَّوْضِ حِينَ تَفَتُّحٍ
وَالْعِطْرُ مِنْهَا فِي النُّسَيْمِ رَوَافِيَا
وَأَنَا الَّذِي لَمْ يَنْثَنِ صَخْرُ الْعُلَى
أَضْحَيْتُ فِي هَيَامِ عَيْنَيْهَا هَادِيَا
يَا غَادَةً نُورُ الْجَمَالِ بِلَوْحِهَا
نُورٌ يُغَشِّي الْمُقَلَ حَتَّى الْغَافِيَا
إِنِّي سَأَلْتُ اللَّيْلَ عَنْهَا فَانْتَحَى
وَتَنَهَّدَ الْأُفْقُ السَّجِيُّ مُجَابِيَا
قُلْتُ اهْدِنِي يَا لَيْلُ أَيْنَ مَنَازِلٌ
فِيهَا الْجَمَالُ تَمَلُّكًا وَتَهَادِيَا
قُلْتُ اهْدِنِي وَاجْعَلْ فُؤَادِي قُرْبَهَا
يَشْكُو الْهَوَى وَيَحُثُّهُ تَحَارِيَا
قَالَتْ تُهَادِينِي وَثَغْرُكَ بَاسِمٌ
كَيْفَ الْحَيَاءُ وَعِشْقُنَا مَرَامِيَا
قُلْتُ الْعِنَاقُ لِمِثْلِنَا سُنَنُ الْهَوَى
وَالْحُبُّ دِينٌ فِي الْمُحِبِّ الْوَافِيَا
قَالَتْ فَمَا أَرْجُوكَ فِي وَصْلِ الْهَوَى
قُلْتُ الْعُيُونُ تُجِيبُنِي وَكَافِيَا
قَالَتْ فَخُذْنِي يَا حَبِيبِي وَاحْتَفِظْ
بِالْقَلْبِ مِنْ وَجْدٍ يَزِيدُ تَصَاعِيَا
فَأَخَذْتُهَا وَالْقَلْبُ يَرْقُصُ مُذْهِلًا
مِثْلَ الْجَوَادِي إِذَا غَدَا وَهْوَ حَامِيَا
وَبَقِيتُ أَحْسُو مِنْ حَنَانِ جُفُونِهَا
حَتَّى تَنَاهَى الدَّمْعُ مِنْهَا جَارِيَا
نَادَى الْهَوَى فِي نَحْرِهَا وَتَمَايَلَتْ
مِثْلَ الْغُصُونِ بِوَجْدِهَا مُتَوَالِيَا
يَا مَنْ سَحَرْتَ الْقَلْبَ كَيْفَ تُكَابِدُ
نَارًا تُذِيبُ الصَّخْرَ حَتَّى الْمَعَادِيَا
إِنِّي وَرُوحِي فِي هَوَاكِ تَآلَفَا
وَتَصَاغَرَا وَتَسَاقَطَا وَتَسَاقِيَا
أَنْتِ النَّدَى وَأَنَا السَّحَابَةُ رَاحِلٌ
وَإِذَا نَزَلْتُ فَأَنْتِ طُهْرٌ بَاقِيَا
لَوْ كَانَ يُهْدَى الْحُبُّ فِي أَغْلَى اللُّجَى
لَجَمَعْتُ كُلَّ الْجُودِ أَشْهَى بَاذِيَا
لَكِنَّ حُبِّي قَدْ تَجَذَّرَ عِنْدَنَا
فَأَنَا أَصِيلٌ فِي الْهَوَى وَمُوَالِيَا
فَاذْكُرْ هَوَانَا لِلْغُيُوبِ فَإِنَّهُ
خَلَّدْتُهُ شِعْرًا وَغَنَّوهُ أَغَانِيَا
وَإِذَا مَضَيْنَا وَالْغُيُوبُ تَنَاثَرَتْ
فَالشِّعْرُ يَبْقَى صَادِحًا وَمُحَاوِيَا
وَالْحُبُّ دَرْبٌ لِلصَّبَابَةِ كَامِلٌ
فَكُنْهُ وَكُنْ بِالْعِشْقِ صَلْبًا بَادِيَا
يَا نَجْمَ لَيْلِي إِنَّ طَيْفَكِ زَائِرٌ
يَسْرِي إِلَيَّ وَيُوقِدُ النَّارَ حُمَامِيَّا
مَا زِلْتُ أَرْوِي مِنْ هَوَاكِ حِكَايَةً
لَوْ سَمِعَتْهَا الْأَرْضُ غَدَتْ مُتَرَامِيَا
فَالْعِشْقُ بَحْرٌ لَا تَحُدُّهُ مَوْجَةٌ
وَالْحُبُّ صَرْحٌ فِي الْمُحِبِّ الْعَالِيَا
أَنْتِ الَّتِي مَا زِلْتُ أَسْقُطُ طِفْلَةً
عِنْدَ الْعُيُونِ وَبَسْمَةٍ وَتَحَامِيَا
أَنْتِ الَّتِي مِنْ سِحْرِهَا وَجَمَالِهَا
صَارَتْ قُلُوبُ الْعَاشِقِينَ قَوَافِيَا
يَا وَجْهَ دُنْيَا حِينَ تَطْلُعُ بَاسِمًا
تَكْسُو الْعُيُونَ وَتُبْعِدُ التَّآسِيَا
إِنِّي وَرُوحِي فِي هَوَاكِ مُقَسَّمٌ
نِصْفٌ يُنَاجِيكِ وَنِصْفٌ يُرَاعِيَا
قَدْ كُنْتُ مِثْلَ الصَّخْرِ قَبْلَكِ مُدْنِفًا
فَسَقَيْتِهِ وَبَذَرْتِ فِيهِ الْغَالِيَا
فَالْيَوْمَ إِنْ سَارَ الْغَدِيرُ بِقُرْبِهِ
فَالنَّبْعُ أَنْتِ وَإِنْ نَبَضْتِ جَرَانِيَا
لَا تَسْأَلِينِي كَيْفَ صِرْتُ مُتَيَّمًا
فَالْحُبُّ يَأْتِي أَحْيَانَ يَوْمًا دَاهِيَا
يَغْزُوكِ صَمْتًا ثُمَّ يُبْحِرُ فَجْأَةً
وَيُصِيرُ فِي عَيْنَيْ رَجُلٍ مَاضِيَا
فَالنَّارُ تَغْفُو فِي الْجَمَادِ وَإِنَّمَا
يُشْعِلُهَا النَّفْحُ اللَّطِيفُ مُوَارِيَا
وَالشِّعْرُ يَبْقَى فِي الْفُؤَادِ وَحُبُّهُ
يَشْتَدُّ حَتَّى يُصْبِحَ الْوَجْدُ غَالِيَا
أَكْرَمْتُ صَحْبِي وَالرِّجَالَ فَإِنَّنِي
بَيْنَ الْوَرَى بِالنُّبْلِ كُنْتُ الْمُفَاتِيَا
أَهْوَى الْمَعَالِي لَا أَجُودُ بِمَنْقَصٍ
وَإِذَا مَشَيْتُ فَمُقَوِّمًا أُمَاوِيَا
فَإِذَا دَعَتْكِ النَّفْسُ يَوْمًا فَاذْكُرِي
أَنِّي الْعَزِيزُ وَلَنْ أَكُونَ الدَّانِيَا
أَهْوَى الْعُلَا وَإِذَا غَدَرْتِ بِعِشْقِنَا
صِرْتِ السَّبِيلَ لِمَنْ أَرَادَ تَرَاجِيَا
وَإِذَا رَأَيْتُ اللَّيْلَ يَكْسُو مَوْطِنِي
أَلْقَيْتُ نُورِي فَاشْتَعَلْنَ سَجَاوِيَا
مَا زِلْتُ مِثْلَ النَّجْمِ فِي كِبْرِ السَّمَا
فَإِذَا دَنَوْتُ فَإِنَّنِي الْمُتَعَالِيَا
يَا نَجْمَ لَيْلِي إِنْ أَتَيْتِ بِهُدْبِكِ
فَسَتَجِدِينِي سَابِحًا وَمُوَالِيَا
لَا تَزْعَمِي أَنَّ الْفُؤَادَ تُعَذِّبُهُ
فَالنَّفْسُ تَهْوَى مَنْ يُبِيدُ الْمَنَاوِيَا
إِنْ كُنْتِ تَهْوَى الْقَلْبَ فَاسْكُنْ دِمِي
فَإِنَّ حُبِّي فِي السَّوَاعِدِ جَارِيَا
وَإِذَا رَأَيْتِ اللَّيْلَ يُدْرِكُ صَوْتَنَا
فَسَيَغْدُو الصَّمْتُ وَحْيًا حَانِيَا
قَدْ كُنْتُ فِي الدُّنْيَا كَمِثْلِ مُحَارِبٍ
وَإِذَا أَتَيْتِ فَإِنَّنِي الْمُتَعَافِيَا
لَا تَسْأَلِينِي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّهُ
قَدْ خُلِّدَ الْحُبُّ وَأَصْبَحْتُ رَاوِيَا
يَا حُسْنَهَا إِنْ زَارَتِ الرَّوْضَ مُبْتَسِمًا
صَارَتْ زُهُورُ الْأَرْضِ نَهْرًا دَافِيَا
فَكُلَّمَا ضَاءَتْ وَأَشْرَقَ وَجْهُهَا
غَنَّتْ طُيُورُ الْأُفْقِ لَحْنًا شَاجِيَا
وَإِذَا مَشَتْ بِالرَّوْضِ أَنْبَتَ خَطْوُهَا
نُورًا يَسِيرُ وَيَسْتَفِيقُ الدَّارِيَا
فَيَا حَبَّذَا طُهْرُ الْمَلَاحِ وَحُسْنُهُ
إِذْ يَبْتَسِمُ فَتَذُوبُ نَفْسِي هَاوِيَا
حُبِّي لَهَا مَا زِلْتُ أَخْبُو فِي مُدَى
بَيْنَ الْفُؤَادِ وَبَيْنَ رُوحِي مَاضِيَا
فَإِذَا سَقَانِي الْحُبُّ طَيْفًا بَاذِخًا
شَرِبْتُ مِنْهُ وَصِرْتُ نَجْمًا سَامِيَا
فَالْحُبُّ دُنْيَا الْعَاشِقِينَ وَمَجْدُهُمْ
فَكُنْ بِهِ وَكُنْ لِلْعِشْقِ قَلْبًا رَاضِيَا
وَإِذَا رَأَيْتِ الْغَيْمَ يَهْمِي دَمْعَهُ
فَاعْلَمِي أَنِّي الْحَنِينُ السَّاقِيَا
قَدْ أَصْبَحَتْ صَحْرَاءُ قَلْبِي يَانِعًا
إِذْ كُنْتِ فِيهِ النَّبْعَ وَالْمُتَغَاثِيَا
فَلَكِ الْمُنَى وَالْقَلْبُ أَضْحَى مُرْغَمًا
مَا زِلْتُ أُخْفِي وَالْجُرُوحُ تُعَافِيَا
مَا كُنْتُ أَدْرِي أَنَّ قَلْبِي سَائِرٌ
نَحْوَ الْجَمَالِ وَأَنْتِ كُنْتِ الْهَادِيَا
فَالْيَوْمَ إِنْ سَارَ الْهَوَى فِي مَوْطِنِي
فَاعْلَمِي أَنِّي لِلصَّبَابَةِ بَاقِيَا
فَالْحُبُّ دَرْبٌ فِي الضِّيَاءِ وَإِنَّهُ
صَرْحٌ تَسَامَى فِي الْعُيُونِ مُوَالِيَا
وَإِذَا نَظَرْتِ فَإِنَّ عِشْقِي سَيِّدٌ
قَدْ صَاغَ فِي الْأَرْضِ الْمَعَانِي بَارِيَا
فَالْيَوْمَ إِنْ قَالَتْ لِي الدُّنْيَا مُتْ
قُلْتُ الْهَوَى فِي عِشْقِكِ الْحَقُّ جَارِيَا
1280
قصيدة