عدد الابيات : 60
طباعةأَلَا لَيْتَ أَيَّامَ الصَّفَاءِ تَعُودُ
وَزَمَنًا مَضَى وَالْحُبُّ فِيهِ يَجُودُ
فَنُصْبِحُ كَمَا كُنَّا، وَدَرْبُكِ قُرْبُنَا
وَصَوْتُكِ لِلْعُشَّاقِ طَيْفٌ يَحِيدُ
وَمَا زِلْتُ أَذْكُرُ مِنْكِ هَمْسًا رَقَائِقًا
كَأَنَّ بِهِ نُورًا عَلَى الْقَلْبِ يَزِيدُ
وَقَوْلُكِ: لَوْلَا السِّتْرُ يُخْفِي مَسِيرَنَا
لَزُرْتُكِ، لَكِنَّ الْحُدُودَ تَسُودُ
خَلِيلَيَّ، إِنِّي قَدْ غَدَوْتُ مُكَبَّلًا
بِوَجْدٍ إِذَا أَخْفَيْتُهُ لَا يَبِيدُ
وَإِنِّي لَأَبْكِي كُلَّمَا شَطَّتِ النَّوَى
وَأَصْبَحْتُ فِي شَوْقٍ لَهَا أَسْتَزِيدُ
إِذَا قُلْتُ مَا بِي يَا سُرَارَةُ قَاتِلِي
رَمَتْنِي بِلَحْظٍ خَافِقٍ لَا نَدِيدُ
وَإِنْ قُلْتُ: هَاتِي بَعْضَ عَقْلٍ يَرُدُّنِي
تَوَلَّتْ وَقَالَتْ: لَيْسَ هَذَا يَعُودُ
فَمَا لِي سِوَى دَمْعِي إِذَا عَزَّ وَصْلُهَا
وَمَا الْحُبُّ فِي عُمْرِي سِوَى مَا أُرِيدُ
جَزَاكِ الْهَوَى خَيْرًا إِذَا غِبْتِ سَاعَةً
وَأَحْيَاكِ حِينَ الْوَصْلِ بَدْرٌ جَدِيدُ
وَقُلْتُ: لَنَا مِيثَاقُ حُبٍّ مُخَلَّدٍ
وَإِنْ خَانَ قَوْمٌ، عَهْدُنَا لَا يَكِيدُ
وَقَدْ كَانَ حُبُّكُمُ كَغُصْنٍ نَضِيرٍ
فَإِنْ شَحَّ زَهْرٌ، فَالْوَفَاءُ شَدِيدُ
وَإِنَّ لِقَاءَ الْوَصْلِ بَاتَ بَعِيدَهُ
وَلَكِنْ إِذَا شَاءَ الْمُنَى فَهْوَ يَبِيْدُ
وَأَفْنَيْتُ أَيَّامِي انْتِظَارًا لِوَعْدِهَا
فَمَا كَانَ إِلَّا الْعَهْدُ دَهْرًا وَلِيدُ
فَيَا لَيْتَ وَاشِي النَّاسِ بَيْنِي وَبَيْنَهَا
تُدُورُ عَلَيْهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قُيُودُ
وَيَا لَيْتَ مَنْ يَغْتَابُ حُبِّي مُقَيَّدٌ
بِحَبْلٍ شَدِيدٍ أَوْ يُلْقَى حَدِيدُ
وَقَدْ ظَنَّ بَعْضُ الْقَوْمِ أَنِّي مُتَيَّمٌ
بِغَيْرِكِ، وَهَذَا الظَّنُّ وَهْمٌ عَنِيدُ
فَإِنَّ هَوَاكِ الْيَوْمَ يَجْرِي بِمُقْلَتِي
وَمَا الْقَلْبُ عَنْ عَهْدِ الصَّفَاءِ يَحِيدُ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَرَاكِ مُشْرِقَةً
بِوَادِي الْقُرَى، إِذَنْ فَإِنِّي سَعِيدُ
وَهَلْ أُنْزِلَنَّ الْأَرْضَ رِيحًا صَبَابَةً
بِهَا مِنْ هَوَاكِ الْوُدُّ مَا لَا خَمِيدُ
وَهَلْ أَلْتَقِي سَعْدَى زَمَانٍ يُجَمِّعُ
وَفِي الْحَبْلِ مَا زَالَ الْوَفَاءُ جَدِيدُ
وَقَدْ تَلْتَقِي الْأَشْتَاتُ بَعْدَ تَفَرُّقٍ
وَيُدْرِكُ ذُو الْحَاجَاتِ مَا كَانَ بَعِيدُ
وَهَلْ أَرْكَبُ الرَّكْبَ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمُوا
وَأَرْجُو صَدَى الدَّرْبِ الْبَعِيدِ الْوَئِيدُ
أَلَا إِنَّ عَيْنِي مِنْكِ صَارَتْ أَسِيرَةً
فَإِنْ نَظَرَتْ يَوْمًا، فَقَلْبِي شَهِيدُ
فَمَا إِنْ ذَكَرْتُ الْحُبَّ إِلَّا وَهَاجَنِي
هَوًى فِي فُؤَادِي، وَالصَّدَى مَنْشُودُ
تَسِيرِينَ مِثْلَ الْغِيدِ حِينَ تَبَاهَتْ
بِزِينَتِهَا، وَالْحُسْنُ فِيهَا فَرِيدُ
فَإِنْ جِئْتُهَا يَوْمًا بِشَوْقٍ مُتَيَّمٍ
تَعَرَّضَ عَنِّي قَلْبُهَا وَتَجُودُ
تَصُدُّ وَإِنْ أَظْهَرْتُ حُبِّي بِلَهْفَةٍ
وَتُغْضِي، وَعَيْنِي فِي هَوَاهَا تَقُودُ
فَأَهْجُرُهَا قَسْرًا، وَأَدْنُو مَرَّةً
إِذَا غَابَ عَنْهَا الشَّكُّ، قَلْبِي يَعُودُ
فَيَا وَيْحَ قَلْبِي، هَلْ تُدَاوِي جِرَاحَهُ
وَإِنْ جَادَ يَوْمًا، حُبُّهَا لَا قَعِيدُ
وَيَا لَيْتَ عُشَّاقَ الْهَوَى فِي مَرَابِعٍ
يَدُومُ لَهُمْ عَيْشٌ، إِذَا شَاءَ يُجُودُ
يَمُوتُ الْهَوَى مِنِّي إِذَا مَا لَقِيتُهَا
وَيَحْيَا إِذَا شَطَّتْ، فَقَلْبِي يَعِيدُ
يَقُولُونَ: جَاهِدْ فِي الْحُرُوبِ، فَقُلْتُهُمْ:
وَهَلْ مِثْلَهَا حُبٌّ عَظِيمٌ مَجِيدُ؟
لِكُلِّ حَدِيثٍ بَيْنَنَا مِنْ سَرَائِرٍ
كَأَنَّ بِهِ لِلْعَاشِقِينَ عُهُودُ
وَأَحْسَنُ أَيَّامِي وَأَبْهَجُ لَيْلَتِي
إِذَا لَاحَ مِنْهَا الْبَدْرُ وَهْيَ تَزودُ
فَمَا ذُكِرَ الْأَحْبَابُ إِلَّا ذَكَرْتُهَا
وَمَا الْبُخْلُ إِلَّا قُلْتُ: هَذَا قَصِيدُ
وَإِنِّي إِذَا فَكَّرْتُ يَوْمًا بِذِكْرِهَا
أَرَى وُدَّهَا فِي خَاطِرِي لَا يَئِيدُ
وَلَوْ كَشَفَتْ أَسْرَارَ قَلْبِي لَوَجَدْتِ
هَوًى فِي ضُلُوعِي لَا يَزُولُ خَلِيدُ
أَلَا هَلْ أَرَاكِ الْيَوْمَ فَرْدًا بِمَجْلِسٍ
فَأَسْكُبُ شَوْقِي فِي هَوَاكِ وَأَزِيدُ
وَمَنْ كَانَ فِي حُبِّي سُرَارَةَ يُنْكِرُ
فَأَشْهَدُ رَبِّي أَنَّنِي لَا أَحِيدُ
وَإِنْ طَالَ لَيْلِي بِالْهَوَى مُسْتَطِيلُهُ
فَإِنَّ غَرَامِي فِيكِ ضَوْءٌ رَشِيدُ
تَسِيرِينَ فِي قَلْبِي كَأَنَّكِ مَلِكَةٌ
بِهَا الْحُسْنُ يَجْرِي وَالْبَهَاءُ مَدِيدُ
إِذَا قُلْتُ يَوْمًا إِنَّ قَلْبِي مُفَارِقٌ
كَذَّبَنِي وَجْدِي، وَالْهَوَى بِي عَنِيدُ
فَكَيْفَ أُعَادِي الْقَلْبَ وَهُوَ خَلِيلِي
وَفِي مُهْجَتِي، نَبْضُهُ لِي شَهِيدُ
إِذَا غَابَ عَنِّي وَجْهُهَا صَارَ لَيْلُنَا
طَوِيلًا، وَلَيْلُ الْعَاشِقِينَ شَدِيدُ
وَلَوْ أَنَّهَا قَالَتْ: أَتَيْتُكِ مُكْرَهًا
لَقُلْتُ: أَنَا بِالْحُبِّ عَبْدٌ سَعِيدُ
وَإِنْ شَحَّ يَوْمًا وَصْلُهَا عَنْ مَحَبَّتِي
أَعِيشُ بِذِكْرَى وَصْلِهَا وَأُعِيدُ
وَإِنْ جُدْتِ بِالْوَصْلِ الْكَرِيمِ، فَإِنَّنِي
لَأَحْيَا كَمَنْ بِالرُّوحِ عَادَ جَدِيدُ
أُنَاجِي نُجُومَ اللَّيْلِ شَوْقًا لِوَصْلِهَا
وَأَرْجُو هِلَالًا لِلْهَوَى يَسْتَزِيدُ
فَيَا نَجْمَ لَيْلٍ قَدْ تَلَوَّى بِنُورِهِ
أَعِنْ عَاشِقًا، دَمْعُهُ لَا يَجُودُ
وَيَا رِيحَ نَجْدٍ، إِنْ مَرَرْتِ بِرَبْعِهَا
فَأَخْبِرِيهَا أَنَّ الْهَوَى بِي يَزِيدُ
وَقُولِي لَهَا: إِنَّ الَّذِي هَامَ قَلْبُهُ
مُقِيمٌ، فَلَا نَأْيٌ عَلَيْهِ يُفِيدُ
فَيَا حَبَّ بَثْنَى، إِنْ يَكُنْ بَيْنَنَا الْمَدَى
بَعِيدًا، فَقَلْبِي لِلْوِصَالِ بَرِيدُ
أُحِبُّكِ حُبًّا لَوْ رَأَيْتِ جُنُونَهُ
لَمَا أَنْكَرَتْ عَيْنَاكِ أَنِّي أُجِيدُ
فَإِنَّكِ يَا بَدْرَ الْجَمَالِ وَحُسْنِهِ
بِرُوحِكِ قَلْبُ الْعَاشِقِينَ سَهِيدُ
وَإِنَّكِ فِي عَيْنِي مَلَاكٌ مُطَهَّرٌ
وَفِي كُلِّ قَلْبٍ أَنْتِ حُلْمٌ فَرِيدُ
أَلَا يَا بُثَيْنَةُ، هَلْ يَرُوقُكِ أَنْ أَرَى
رِضَاكِ، فَهَذَا فِي الْمَحَبَّةِ عُهُودُ
وَإِنْ جَاءَ مِنْ أَيَّامِنَا مَا يُفَرِّقُ
فَإِنَّ وِصَالِي بِالْهَوَى حُبٌّ أَزِيدُ
فَلَا تَحْرِمِي قَلْبِي وِصَالًا يُجَمِّلُ
حَيَاتِي، فَإِنَّ الْعُمْرَ مِنْكِ رَشِيدُ
فَيَا لَيْتَ أَيَّامَ الْهَوَى قَدْ تُعِيدُنَا
إِلَى عَهْدِنَا الْأَوَّلِ، وَأَنْتِ شهُودُ
1019
قصيدة