عدد الابيات : 34
إِنَّ السَّفَاهَةَ وَالْإِفْكَ الَّذِي نَشَأَتْ
أَوْدَاجُهُ فِي صُدُورِ الْغَدْرِ وَاللَّعَبِ
يَبْقَى بِقَلْبِ الدَّنِيءِ الْحِقْدُ مُنْطَفِئًا
كَالنَّارِ تُخْفِي اللَّظَى فِي جَوْفِ مُلْتَهِبِ
مَهْمَا تَصَبَّبَ فِي أَثْوَابِهِ شَرَفٌ
يَبْقَى اللَّئِيمُ وَإِنْ عُدَّتْ مِنَ النُّجُبِ
إِنَّ السَّفَاهَةَ دَاءٌ لَيْسَ يَشْفِيهِ
صَبْرٌ وَلَا وَعْظُ حُكَمَاءَ وَلَا كُتُبِ
إِنْ يُصْلِحِ الدَّهْرُ مِنْهُ طَرَفَ مَنْبِتِهِ
تَبْقَ الْجُذُورُ بِالْإِفْسَادِ وَالْخَرَبِ
يَأْبَى اللَّئِيمُ وَلَوْ تَسْمُو نَوَازِعُهُ
إِلَّا احْتِيَالًا بِأَلْفِ الْوَعْدِ وَالْكَذِبِ
يَبْنِي الْعُقُولَ حَلِيمٌ لَيْسَ يَطْرُقُهَا
مَنْ كَانَ لِلْجَهْلِ مِفْتَاحًا بِالْحَطَبِ
مَنْ رَامَ تَأْدِيبَ جُهَّالٍ بِمَوْعِظَةٍ
كَمَنْ يُنَقِّي الدُّجَى بِالزَّهْرِ وَالشُّهُبِ
يَبْقَى الْفُجُورُ وَإِنْ هَذَّبْتَ صَاحِبَهُ
يُخْفَى الْبُخُورُ وَلَكِنْ رَائِحَتُهُ تَجِبِ
وَاللَّهُ يَرْفَعُ أَهْلَ الْعِلْمِ مَنْزِلَةً
وَيُنْزِلُ السَّفْلَ فِي الدُّنْيَا لِلْحُجُبِ
فَدَعْهُمْ وَاهْجُرِ السُّفَهَاءَ تَكْرِمَةً
فَالرَّأْسُ يَعْلُو وَإِنْ طُوِّقَ بِالْخَطَبِ
مَنْ يَحْمِلِ الْعَارَ لَا تُجْدِي مَوَاعِظُهُ
وَلَا يُزِيلُ دَنَاءَاتِ الدَّنِيءِ نَدَبِ
إِنَّ الْخَبِيثَ وَإِنْ طَالَتْ تَسَاتُّرُهُ
يَوْمًا سَيَفْضَحُهُ بِالنَّاسِ مُكْتَسَبِي
يَمْشِي وَوَجْهُ الدَّوَاهِي فِي مَلَامِحِهِ
كَمُجْرِمِ الْجَهْمِ فِي أَسْمَالِ مُنْتَخَبِ
إِنْ يَلْبَسِ التَّاجَ مَنْ تَهْوَى مَذَلَّتُهُ
لَنْ يَسْتَقِيمَ وَإِنْ جُدِّدْتَ مِنْ ذَهَبِ
كَمْ مِنْ لَئِيمٍ رَفَعْنَاهُ لِنَحْسَبَهُ
سَيْفًا فَكَانَ بِلَا مُقَامٍ وَلَا غَلَبِ
مَنْ يَشْرَبِ الْغَدْرَ مَاءً فِي مَشَارِبِهِ
لَا يُرْتَجَى مِنْهُ إِلَّا حِقْدَ مُغْتَصِبِ
إِنَّ السَّفِيهَ وَإِنْ لَطَّفْتَ مَنَاطِقَهُ
يَبْقَى السَّفِيهُ بِطَبْعِ الْغَدْرِ رَغِبِ
يَعْلُو الْكَرِيمُ وَإِنْ ضَاقَتْ بِهِ سُبُلٌ
وَيَسْقُطُ الْخَسِيسُ فِي بُؤْسٍ وَفِي تَعَبِ
مَنْ يُنْشِئِ الْغَدْرَ فِي أَخْلَاقِهِ سُبُلًا
يَلْقَاهُ يَرْتَشِفُ السُّحْتَيْنِ مِنْ حُقَبِ
وَالْمُسْتَقِيمُ وَإِنْ جَارَتْ بِهِ مِحَنٌ
يَبْقَى السُّمُوُّ لَهُ فَوْقَ الْعُلَا طَرَبِ
إِنَّ الْأَصِيلَ وَإِنْ طَالَتْ مَذَلَّتُهُ
يَأْبَى الْخُضُوعَ وَإِنْ صُبَّ عَلَى كُرَبِ
لَا يَرْتَجِي الْحُرُّ مِنْ أَوْغَادِهِ كَرَمًا
وَلَا يُزِيلُ خُبَاثَاتِ اللَّئِيمِ وَجَبِ
كَمْ أَشْرَقَتْ فِي سَمَاءِ الْعِزِّ رَايَةُ مَنْ
سَارُوا بِنُورِ التُّقَى وَالْعَزْمِ وَالْأَدَبِ
وَكَمْ تَهَاوَى إِلَى الْأَوْحَالِ مُنْخَنِقًا
مَنْ كَانَ يَرْفَعُهُ تَلْمِيعُ مُنْتَحِبِ
لَا تَرْتَجِ الْفَضْلَ مِمَّنْ لَا خَلَاقَ لَهُ
فَالنَّبْعُ يَصْفُو وَلَكِنْ مَاؤُهُ عكِبِ
إِنَّ الرَّدِيءَ وَإِنْ طَالَتْ مَعَاذِرُهُ
يَبْقَى كَمَنْ سَفَّهَ الْأَلْبَابَ بِالْخُطَبِ
لَا تَعْتَبِ الدَّهْرَ إِنْ جَارَتْ نَوَائِبُهُ
فَالشَّمْسُ تُخْفَى وَظِلُّ الْغَيْمِ مُقْتَرِبِ
وَالْحُرُّ أَصِيلٌ وَإِنْ جَارَتْ مَذَاهِبُهُ
يَبْقَى سُمُوُّهُ فَوْقَ الْخِلْقِ وَالْحَسَبِ
يُدْنِي الْكَرِيمُ عِزَّ الْقَوْمِ فِي نَسَبٍ
وَالْخِسُّ يَرْفَعُ مَنْ لَا طُهْرَ بِالنَّسَبِ
يَبْقَى الْفَضِيلُ فِي دَهْرِ الْعَنَاءِ نَجْمًا
وَالسَّفْلُ يَرْتَكِبُ الْإِجْرَامَ بِالْغَضَبِ
يَا سَائِلَ الْحَقِّ فِي دَرْبٍ لَهُ مُدَدٌ
احْفَظْ سُلُوكَكَ وَاسْتَنْهِضْ كُلَّ مُنْتَسَبِ
يَعْلُو الْكِرَامُ وَإِنْ نَالَتْهُمُ مِحَنٌ
وَيَسْقُطُ الْخَسِيسُ دُنْيَا مِنَ الْعَطَبِ
فَدَعْهُمْ وَاهْجُرِ السُّفَهَاءَ مُقْتَدِرًا
فَالشَّمْسُ تَعْلُو وَإِنْ جَارَتْ عَلَى غُيُبِ
1280
قصيدة