عدد الابيات : 25
شَطَّتْ سَرَاةُ الْحُبِّ بَعْدَ تَجَنُّبِ
وَنَأَتْ، وَكَأَنَّ الْبُعْدَ فَوْقَ تَحَجُّبِ
نَالَتْ بِرُوحِي مُهْجَتِي فَتَشَتَّتَتْ
وَقَضَتْ عَلَى صَبْرِي بِلَحْظٍ مُعْجِبِ
يَا دُرَّةَ الْآمَالِ، مَهْلًا فَإِنَّنِي
وَقَلْبِي يُصَالِحُ الْفُؤَادَ الْمُذْنِبِ
أَنَّى ظَعَنْتِ، فَمَا لِهَجْرِكِ مَأْمَنٌ
فِي كُلِّ نَفْسِي مُنْهَكٌ وَمُتَيَّبِ
هَلْ تُبْلِغَنِّيَهَا الرِّيَاحُ إِذَا سَرَتْ
نَحْوَ الدِّيَارِ بِأُفْقِهَا الْمُتَغَرِّبِ
أَجُدُّ فَأَرَاكِ بِمَرْأًى فِي مُقْلَتِي
أَمْ لَحْنُ حُلْمِي بِالْأَمَانِي مُعْزِبِ
عَزَّ اللِّقَاءُ وَكُلُّ مَرْجُوٍّ بِهَا مَضَى
وَتَبَدَّدَتْ فِي الرِّيحِ نَفْحَةُ مَوْهِبِ
لَوْ تَعْلَمِينَ كَمِ اشْتِيَاقِي يَحْتَرِي
وَدِّي يُعَانِقُ مَنْ هَوَاهُ مُتَعْذُبِ
أَسْمَعْ هُتَافَ الشَّوْقِ بِصَدْرِ النَّوَى
وَتَأَمَّلِي وَجْهِي بِطَيْفِ مُحِبٍّ أَشْحَبِ
إِنِّي وَإِنْ طَالَ الْفِرَاقُ بِأَهْلِهِ
صَبٌّ، وَإِنْ قَضَّى الزَّمَانُ بِمَذْهَبِ
يَا نَازِلَةَ الرُّوحِ الْمَلِيحَةَ، أَقْبِلِي
فَبِلَحْظِ عَيْنِكِ كُلُّ دَاءٍ مُرْقَبِ
وَتَفَضَّلِي مِنِّي الْوِصَالَ فَإِنَّنِي
لَوْ كَانَ فِي رُوحِي لَكِ الْقُرْبُ مُرَحَّبِ
يَا بَدْرَ دُجْنَةٍ فِي السَّمَاءِ تَأَلَّقَتْ
وَتَبَسَّمَتْ فِي نُورِهَا الْمُتَصَبِّبِ
كَيْفَ السَّبِيلُ لِأَسْتَجْلِي الْمُنَى
وَأَنَا بِالْعِشْقِ مُسْهَدٌ وَمُتَعَجِّبِ
هَلْ يَصْدُقُ الْأَمَلُ الَّذِي فِي رُوحِنَا
أَمْ نَحْنُ فِي صَدْرِ اللُّيُوعِ نُرَهَّبِ
إِنْ يَكُ وَصْلُكِ دُونَ حَظِّنَا فَكُونِي
لِلذِّكْرِ بَابًا لِلْوَفَاءِ وَمَذَاهِبِ
سَارَتْ بِنَا الْأَيَّامُ فِي سَبْلِ الْجَوَى
وَمَضَى الْبَهَاءُ بِرَوْنَقٍ مُتَقَلِّبِ
فَاعْجَبْ لِعَيْنِي كَيْفَ تُنْكِرُ ذَاتَهَا
وَتَحِنُّ فِي بَحْرِ الْأَسَى الْمُتَجَنِّبِ
يَا دَارَ سَارَةَ كَيْفَ صِرْتِ خَلِيَّةً؟
لَمْ يَبْقَ سِوَى الْغُصُونِ الْمُرْهِبِ
لَمْ يَبْقَ بِهَا إِلَّا دَمْعُ عَيْنٍ حَائِرٍ
يَبْكِي الْأَمَانِي بِالْفُؤَادِ مُنْكَبِ
فَإِذَا اللِّقَاءُ يَحُفُّنَا بِضِيَائِهِ
وَأَرَى السُّرُورَ بِأَنْجُمٍ مُتَكَوْكَبِ
فَأَذُوبُ فِي أَحْلَامِنَا وَجِنَانِنَا
وَأُسَابِقُ النَّجْمَ الْبَهِيَّ مُكَوْكَبِ
وَيُذَابُ مِنِّي وَهْنُ كُلِّ دَاءٍ قَدْ مَضَى
وَتَصِيرُ أَيَّامُ الْفِرَاقِ كَمُنَاكِبِ
لَكِنْ أَخَافُ وَلَيْسَ لِلْقَلْبِ أَمَانِي
إِلَّا وَيُبْتَرُهَا وَقَبْلَ أَنْ تَتَرَتَّبِ
إِنْ كَانَ فِي الدُّنْيَا لِقَاءٌ نَرْتَجِي
فَلَكِ الْبَقَاءُ بِنَبْضِهِ الْمُتَرَقِّبِ
1280
قصيدة