عدد الابيات : 21
إِذَا رَنَّ فِي الرُّوحِ الْحَنِينُ إِلَى الدِّيَارِ
وَعَانَقَ فِي الْأَشْوَاقِ صَوْتُ الْبَوَارِقِ
تَذَكَّرْتُ أَهْلِي فِي الْمَنَازِلِ حَوْلَنَا
يُظَلِّلُهُمْ حُبٌّ كَنَجْمٍ مُشَارِقِ
وَكَمْ مِنْ مَسَاءٍ قَدْ جَمَعْنَا بِرِفْقَةٍ
تُبَارِكُهَا الْأَيَّامُ مِنْ كُلِّ شَائِقِ
وَلَكِنْ غَلَبْتَ النَّاسَ أَنْ تَتْبَعَ الْهَوَى
فَكُنْتَ بِذَا فِي كُلِّ صَوْتٍ مَفَارِقِ
فَفِي كُلِّ زَهْرٍ فِي بِلَادِي حِكَايَةٌ
تُغَنَّى فِي النَّفْسِ كَصَوْتٍ بَائِقِ
يَسِيرُ الْحَنِينُ فِي الْقُلُوبِ إِلَى النَّدَى
وَيَزْرَعُ فِي الْأَعْمَاقِ كُلَّ الطَّرَائِقِ
وَكَمْ مِنْ رَبِيعٍ قَدْ رَأَيْتُ بِعَيْنِهِ
يُعَانِقُ أَحْبَابِي فِي أَفْيَاءِ خَافِقِ
فَكُلُّ سَفِينٍ نَحْوَ أَهْلِي تَمِيلُهُ
رِيَاحُ الْهَوَى فِي كُلِّ صَوْتٍ صَدَائِقِ
وَأَذْكُرُ مَجَالِسَ الْأَحِبَّةِ فِي السَّمَرِ
فَتَضْحَكُ لِلنَّفْسِ كَأَصْدَاءِ بَارِقِ
تُعَانِقُ أَيْدِي الْوُدِّ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ
وَتَحْمِلُ إِلَى الْقَلْبِ كُلَّ الرَّفَائِقِ
وَكَمْ مِنْ قُلُوبٍ فِي الْحَيَاةِ تَطِيبُهَا
ذِكْرَى الدِّيَارِ فِي طُرُوقٍ وَعَائِقِ
إِذَا النَّفْسُ غَابَتْ فِي الْأَصِيلِ تَجُوبُهَا
حَنَايَا الْحَنِينِ كَطَيْفٍ فِي الطَّرَائِقِ
فَيَا دَارَ أَهْلِي كُنْتِ مَأْوًى لِقَلْبِنَا
وَأَنْتِ لِدَرْبِ الْحُبِّ أَجْمَلُ رَافِقِ
وَلَا زِلْتِ فِي النَّفْسِ ضِيَاءً كَأَنَّهُ
بَيَاضُ الصَّبَا فِي كُلِّ فَجْرٍ صَادِقِ
فَفِي كُلِّ طَيْفٍ مِنْ دِيَارِي تَجُولُهُ
ذِكْرُ شَوْقٍ تَفِيضُ بِالْحَنَايَا كَوَائِقِ
وَمَنْ لَمْ يُقِمْ بَيْنَ أَهْلِهِ قَلْبُهُ
فَقَدْ غَابَ عَنْهُ كُلُّ ضَوْءٍ مَرَائِقِ
تَوَاضَعْ لِرِفْقَةِ الْأَحِبَّةِ وَابْتَسِمْ
فَفِي الْوُدِّ أَطْيَافٌ كَظِلٍّ مُفَارِقِ
فَكَمْ مِنْ لِقَاءٍ كَانَ بَيْنَ حَنَايَةٍ
تَفُوحُ بِذِكْرَى أَجْمَلَ الْعُمْرِ بَائِقِ
وَأَدْرَكْتَ مَنْ قَدْ كَانَ قَبْلَكَ عَامِلًا
بِضِعْفَيْنِ مِمَّا قَدْ جَبَى غَيْرَ رَاهِقِ
فَسِيرُوا إِلَى الْأَهْلِ الْكِرَامِ بِمَحَبَّةٍ
فَفِي صُحْبَتِهِمْ تُسْقَى النُّفُوسُ رَوَائِقِ
1280
قصيدة