عدد الابيات : 18
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ يَفْتِكُ كُلَّمَا
تَسَاقَطَتِ الذِّكْرَى وَغَابَ الْأَهِيلَا
وَكَمْ مِنْ طُلُولٍ قَدْ عَفَا الرِّيحُ رَسْمَهَا
وَبَاتَتْ بِلَا صَوْتٍ تُنَادِي ذَلِيلَا
وَقَفْتُ بِهَا وَالشَّوْقُ يَنْهَشُ أَضْلُعِي
وَقُلْتُ: لَعَلَّ الرِّيحَ تَحْمِلُ نَجِيلَا
فَمَا نَبَحَتْ فِي الرَّبْعِ كَلْبٌ وَلَا بَكَى
حَمَامٌ وَلَا صَاحَ النَّدِيمُ ثَمِيلَا
وَلَكِنَّ رُوحِي فِي الرِّيَاحِ مُشَرَّدٌ
يُنَادِي فَمَا يَلْقَى سِوَى الصَّدِّ حِيلَا
وَيَا دَارَ أَحْبَابِي وَمَأْوَى صِبَايَهُمْ
أَلَا عُدْتِ تُنْبِتُ فِي رُبَاكِ النَّخِيلَا
أَلَمْ تَتَذَكَّرِي اللَّيَالِيَ بَيْنَنَا
وَكَيْفَ سَقَيْنَا مِنْ هَوَانَا الْغَلِيلَا
وَكَيْفَ جَرَى دَمْعِي عَلَى الْخَدِّ سَائِلًا
كَمَا انْهَمَرَ الْوَابِلُ فِي الْأَرْضِ سَيْلَا
أَأَبْكِي هَوًى قَدْ ضَاعَ بَيْنَ مَتَاهَةٍ
وَأَرْقُبُ نَجْمًا غَابَ فِي الْأُفُقِ طُولَا
أَمِ الْبُعْدُ نَادَانِي وَقَدْ كُنْتُ غَافِلًا
فَلَمْ يَتْرُكِ الْوِجْدَانُ إِلَّا عُلُولَا
أَلَا لَيْتَنِي لَمْ أَعْرِفِ الْحُبَّ مُذْ صِبًا
فَكَمْ جَرَّعَ الْقَلْبَ الْكَرِيمَ عَلِيلَا
وَكَمْ مَرَّ طَيْفٌ مِنْ جَمِيلَةِ خَدِّهِ
كَمَا تَعْبُرُ الرِّيحُ الْمُحَمَّلَ نَسِيلَا
فَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ السَّرَابَ بِطَرْفِهَا
وَيَا لَيْتَنِي كُنْتُ السُّهَى إِذْ تَجُولَا
وَيَا لَيْتَ دَهْرِي كَانَ يَعْطِفُ بَيْنَنَا
فَلَا يَتْرُكُ الْوَجْدَ الْقَدِيمَ عَطِيلَا
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الدَّهْرَ غَدَّارٌ وَاحِدٌ
يُرَاوِغُ أَحْلَامَ الْفَتَى وَيُدِيلَا
فَلَا خَيْرَ فِي دَهْرٍ تَقَادَمَ عَهْدُهُ
وَلَا خَيْرَ فِي حُبٍّ يَمُوتُ عَجُولَا
فَلِلَّهِ دَمْعِي إِنْ دَمَتْهُ مُقْلَتِي
وَفِي اللَّهِ قَلْبِي إِنْ أَصَابَ غُلُولَا
وَسَأَكْتُمُ أَشْجَانِي وَأَرْوِي صَبَابَتِي
لَعَلَّ الَّذِي قَدْ فَاتَ يَعُودُ جَمِيلَا
1280
قصيدة