عدد الابيات : 18
بَاتَ الْفُؤَادُ عَلَى النَّوَائِبِ يَسْهَرُ
وَالدَّمْعُ فِي سَيْلِ الْفِرَاقِ يُكَدِّرُ
يَا مُفْرِدَ الدُّنْيَا بِنُورِ وُجُودِهِ
هَلْ يَرْجِعُ الدَّهْرُ الَّذِي لَنْ يُكَرَّرُ؟
أَيْنَ الَّذِي كَانَ الْجَمَالُ بِصَحْبِهِ
وَالْبَشْرُ يُزْهِرُ فِي اللِّقَاءِ وَيُزْهَرُ؟
أَيْنَ الْمُفَاصِلُ فِي الْوُقُوفِ بِحِكْمَةٍ
وَيَكُفُّ مَنْ جَارَتْ عَلَيْهِ الْمَقَادِرُ؟
قَدْ كَانَ صَخْرًا فِي الرِّجَالِ وَعِزُّهُ
يَعْلُو السُّهُولَ إِذَا دَنَتْهَا الْجَوَاسِرُ
مَضَى وَفِي الْأَرْضِ الْحَنِينُ يُرِيبُنَا
وَالْكَوْنُ أَمْسَى فِي النَّائِبَاتِ يَتَسَحَّرُ
هَذَا الَّذِي كَانَ الْوَقَارُ بِوَجْهِهِ
وَالصِّدْقُ مِنْ فَيْضِ الْمَعَالِي يُسَطَّرُ
إِنْ غَابَ عَنَّا فَالصِّفَاتُ تَذُودُهُ
فِي كُلِّ مَجَالِسِهِ وَفِي كُلِّ الْمَنَابِرِ
يَا حَامِلَ الْخُلُقِ الْكَرِيمِ وَرِفْعَةٍ
لَنْ تَبْلُغَ الْآفَاقَ إِلَّا بِهَا الْمَآثِرُ
هَلْ تَرْجِعُ الْأَيَّامُ بَعْدَ رَحِيلِهِ؟
أَمْ هَلْ يَعُودُ الصُّبْحُ بَعْدَ التَّنَاصُرُ؟
كَمْ كَانَ يَكْسُو الْمُعْسِرِينَ بِعَطْفِهِ
وَيَسُوقُ بِالْأَمْنِ الضَّعِيفَ الْمُحَاصِرُ
وَإِذَا تَحَدَّثَ قَالَ حَقًّا وَصِدْقًا كُلُّهُ
وَالسَّيْفُ يَحْمِي كُلَّ قَوْلٍ مُفَاخِرُ
لَا خَانَ عَهْدًا أَوْ تَجَنَّى فِي الْوَرَى
بَلْ كَانَ حِصْنًا لَا يَهُونُ وَيُهْجَرُ
كَمْ فَارِسٍ غَضَّتْ أَحْزَانُ مَنَاكِبِهِ لَهُ
وَكَمِ الْوَرَى حَيًّا بِرَأْيِهِ يَظْهَرُ
لَكِنَّهُ الْأَجَلُ الْمُحَتُومُ يَجْرِي
فَالْبَدْرُ يَغْرُبُ وَالسَّمَاءُ تُقَدِّرُ
أَبْكِيهِ حُبًّا أَمْ أُوَاسِي نَفْسِيَ الـ
مُلْقَى عَلَيْهِ مِنَ الْحَنِينِ الدَّافِرِ
أَوْدَعْتَ دُنْيَانَا فَكَمْ مِنْ كَارِثٍ
جَفَّتْ لَهُ الْأَحْلَامُ وَالْقَلْبُ يَسْعَرُ
وَاللَّهِ مَا خَانَ الْوَفَاءَ وَذِكْرُهُ
يَبْقَى كَرَيْحَانٍ يُفِيحُ وَيُعَطِّرُ
1280
قصيدة