عدد الابيات : 38
هَامَ قَلْبِي لِذِكْرِهَا وَاعْتَرَاهُ
وَاسْتَبَاحَ الْهَوَى عُرُوجَ سَنَاهُ
نَسَمَاتٌ مِنَ الرِّيَاضِ تَسَامَتْ
فَاسْتَرَاحَتْ وَأَطْلَعَتْ فَضْلَ نَاهُ
لَوْ تَرَاهَا النُّجُومُ لَاسْتَحْيَتْ
مِنْ حُسْنِ قَدٍّ يَسْبِي الضِّيَاءَ ضِيَاهُ
يَا مُحَيَّا يُذَابُ فِيهِ عَذَارَى
الْعِفَّةِ الْبِيضِ مُنْتَهَى مُنْتَهَاهُ
قَدْ سَقَانِي مِنْ ثَغْرِهَا رَاحَ وَصْلٍ
فَتَجَلَّى لِلرُّوحِ سِحْرُ رُؤَاهُ
هُوَ لَيْلِي إِذَا بَدَا وَهُوَ صُبْحِي
وَهُوَ مَسْرَى دُمُوعِيَ السُّمْرَاهُ
هُوَ أَحْلَى مِنَ الْعُقُودِ نَظِيمًا
وَهُوَ فَجْرٌ يُبَاحُ مِنْ نَجْوَاهُ
كَمْ سَهِرْنَا وَحُبُّنَا يَتَلَظَّى
وَالْعُيُونُ السُّودُ اسْتَبَاحَتْ دِمَاهُ
كَمْ تَسَلَّيْتُ بِالرَّجَاءِ وَإِنِّي
كُلَّمَا جَدَّدَ الْحَنِينُ بُكَاهُ
قُلْتُ يَا مُهْجَتِي صَبَابَةُ حُبِّي
سَتُبَدِّدْهَا رَفْرَفَاتُ رِضَاهُ
أَسْهَرَ الدَّمْعَ بِالْمَقَامِ وَبَاتَتْ
ذِكْرَتِي وَالشُّجُونُ تَحْتَ لِحَاهُ
هُوَ بَحْرٌ مِنَ الدِّمَاءِ وَأَحْلَى
مِنْ لَهِيبٍ بِأُفْقِنَا يَغْشَاهُ
لَوْ يَرَانِي لَأَحْنَفَتْهُ جُفُونِي
وَأَسَابِيلُ دَمْعِهَا تَتْلَاهُ
يَا لَطَافَةَ طَيْفِهِ فِي مَنَامِي
كُلَّمَا جَاءَ أَحْرَقَتْنِي خُطَاهُ
هَلْ لَنَا فِي النَّدَى لِقَاءٌ وَعَهْدٌ
نَسْتَرِيحُ الْعُيُونَ بَيْنَ يَدَاهُ؟
أَمْ تُرَى الدَّهْرُ قَدْ أَبَى وَتَجَلَّى
يُكْرِمُ الْعُشَّاقَ بَعْدَ أَسَاهُ؟
هُوَ قَمْرٌ يَسِيرُ فِي اللَّيْلِ وَحْدَهْ
يَسْتَبِيحُ الْوُجُودَ مِنْ وَجْنَاهُ
يَا سَنَاهُ الَّذِي سَكَنَّا قُلُوبًا
هِيَ شَوْقٌ وَكُلُّهَا تَنْعَاهُ
أَيُّهَا السَّاهِرُونَ إِنِّي عَشِقْتُ
مَنْ لَهُ الدُّرُّ زِينَةٌ فِي ثَنَاهُ
لَا تَلُمْنِي فَإِنَّ شَوْقِي عَتِيقٌ
هُوَ فِي مُهْجَتِي وَمَا أَنْسَاهُ
فَإِذَا غَابَ فَالْأَمَانِي ظِلَالٌ
وَإِذَا جَاءَ زَالَ كُلُّ جُفَاهُ
لَيْتَ قَلْبِي يَسِيرُ فِي خَفَقَاتِي
نَحْوَ مَنْ قَدْ صَفَا لَنَا مَرْسَاهُ
أَحْسَنُ النَّاسِ مَنْ تَجَلَّى
بِحُسْنٍ يَتَهَدَّى كَأَنَّهُ مَوْلَاهُ
وَإِذَا قَالَ قَوْلُهُ أَلْفُ دُرٍّ
يَتَبَدَّدْ مِنْ كَفِّهِ وَمِنْ فَاهُ
لَا تَرَى فِي الْكَرِيمِ إِلَّا عُبَابًا
هُوَ بِالْجُودِ كَالسَّحَابِ جَرَاهُ
كُلُّ حُسْنٍ تَجَلَّلَتْهُ سُجُوفٌ
مِنْ جَلَالٍ وَكُلُّهُ مَحْفَاهُ
فَإِذَا مَا أَرَادَ فَإِنَّ الْعُلَى
رَهْنُ إِحْسَانِهِ وَمَا أَعْطَاهُ
هُوَ بَحْرُ الْكَرَامَةِ السَّابِغِ الْفَيْـ
ـضِ وَفِي وَصْلِهِ السُّرُورُ وَنَاهُ
لَا يُضَاهِي جَمَالَهُ غَيْرُ نُورٍ مِنْ
سَنَا الْمُلْكِ فِي الْعَلَاءِ سَنَاهُ
يَا بَنِي الْعُرْبِ كُلُّ مَجْدٍ
لَدَيْكُمْ مِنْ مَدَاهُ وَأَنْتُمُ أَعْلَاهُ
فَاذْكُرُوا كُلَّ مَنْ بَنَى مَجْدَ
قَوْمٍ وَاصْطَفَاهُ الزَّمَانُ لِبُرْدَاهُ
هَذِهِ أَرْضُكُمْ فَكُونُوا سَنَاهَا
وَاسْتَحِقُّوا الْمَعَالِيَ بِأَعْلَاهُ
أَنْتُمُ مَنْ حَمَى الدِّيَارَ
فَكُونُوا مِنْ مَدَاهُ وَكُلُّكُمْ سُرَّاهُ
فَإِذَا الشَّمْسُ أَظْهَرَتْ لَهْبَ
وَجْهٍ فَاذْكُرُوا أَنَّكُمْ بَلَغْتُمْ مَدَاهُ
أَكْرِمُوا الضَّيْفَ وَابْنُوا الْمَجْدَ
حَقًّا وَاسْتَقُوا مِنْ كُؤُوسِهِ وَرَوَّاهُ
أَحْسِنُوا فِي الصَّفَاءِ فَإِنَّ جَمَالَ
الْعُمْرِ فِي الْأَخْلَاقِ إِنْ أَحْيَاهُ
قَدْ بَنَيْتُمْ مِنَ الْعُلَى كُلَّ صَرْحٍ
وَكَفَى أَنَّكُمْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ وَوَعَاهُ
1051
قصيدة