عدد الابيات : 81
طباعةسَارَةُ، يَا نَغَمًا تَرَدَّدَ فِي الدُّنَا
فَسَرَى كَطِيبِ الْمِسْكِ الْمُتَهَلِّلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِرِيَاضِ مَحَاسِنٍ
فَتَأَلَّقَتْ بَيْنَ الْخَمَائِلِ تُعْدِلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ جَبِينِكِ تَقْتَبِسْ
نُورَ الضِّيَاءِ وَوَجْهَكِ الْمُتَجَلْجِلِ
وَالْبَدْرُ يَحْسُدُ فِي سَمَاءِ تَأَلُّقٍ وَجْهًا
كَبَدْرٍ فِي سِحْرِ الْجَمَالِ مُكَلَّلِ
إِنْ قِيلَ: مَنْ مَلَكَ الْفُؤَادَ بِسِحْرِهِ؟
قُلْتُ: الَّتِي رُوحِي إِلَيْهَا مُرْسِلِ
مَا إِنْ رَأَيْتُ وَلَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهَا
بَدْرٌ تَلَأْلَأَ فِي الظَّلَامِ الْمُظْلِلِ
حَازَتْ مَحَاسِنَ لَمْ تَكُنْ لِمِثْلِهَا
حُسْنُ الْقِيَانِ وَرِقَّةُ الْمُتَبَتِّلِ
وَإِذَا تَجَلَّتْ، لَاحَ فِي إِشْرَاقِهَا
نُورُ الضُّحَى فِي الْأُفْقِ غَيْرُ مُؤَلَّلِ
تَمْشِي الْهُوَيْنَا وَالْمَهَابَةُ حَوْلَهَا
حُسْنُ الْقَوَامِ يُشِعُّ مِثْلَ الْمُشْعَلِ
وَتَرَى الْمِلَاحَ إِذَا أَطَلَّتْ وَجْهَهَا
خَرُّوا سُجُودًا لِلضِّيَاءِ الْمُذْهِلِ
هِيَ دُرَّةٌ فَاقَتْ لَآلِئَ بَحْرِهَا
مَنْ ذَا يُضَاهِي رَوْنَقَ الْمُتَجَمِّلِ؟
حَوْرَاءُ ذَاتُ دَلَالِ طَبْعٍ طَيِّبٍ
وَالرُّشْدُ فِيهَا سَابِقٌ لِلْمُقْبِلِ
لَوْ أَنَّ دُرًّا قِيلَ فِي أَوْصَافِهَا
مَا كَانَ يَرْقَى لِلْمُحَيَّا الْأَجْذَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي مَنْ لَهَا، وَمَنِ الَّذِي
قَدْ نَالَ وَصْلَ النَّجْمِ فَوْقَ الْجَبَلِ؟
إِنَّ الْمَكَارِمَ قَدْ تَجَسَّدَ حُسْنُهَا
فِي خُلْقِهَا، فِي قَوْلِهَا الْمُتَمَهِّلِ
تَجْرِي الْأَحَادِيثُ الْعِذَابُ بِصَوْتِهَا
وَكَأَنَّهَا شَدْوُ الْحَمَامِ الْمُرْسَلِ
وَإِذَا تَنَفَّسَتِ النَّسَائِمُ حَوْلَهَا
عَطِرَ الْأَصِيلُ بِشَذَى مِسْكٍ مُعَلَّلِ
مَا زَالَ يُغْبَطُهَا الزَّمَانُ بِحُسْنِهَا
وَيُعِيدُ سِيرَتَهَا بِذِكْرٍ الْأَطْوَلِ
وَتَرَى الْجَمَالَ إِذَا تَبَسَّمَ وَجْهُهَا
كَالْبَدْرِ يُشْرِقُ بِالدُّجَى الْمُتَأَمِّلِ
وَإِذَا مَشَتْ هَامَ الْفُؤَادُ بِخَطْوِهَا
وَتَحَدَّثَ الْأَلْحَاظُ حَدْثَ الْمَنْهَلِ
وَالْوَرْدُ لَوْ أَبْصَرْنَ وَجْنَةَ خَدِّهَا
حَسَدَ الشَّقَائِقَ بِالرُّبَى وَالْمُنْزَلِ
سَارَةُ، أُقْسِمُ بِالْمَكَارِمِ أَنَّهَا
تَاجُ الْفَخَارِ لِأَهْلِ مَجْدٍ أَوَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، أَيُّ قَلْبٍ قَادِرٌ
أَنْ لَا يُحِبَّ النُّورَ بِالْمُتَجَلْجِلِ؟
إِنْ قِيلَ: مَنْ أَبْهَى النِّسَاءِ بِنُورِهَا؟
جَاءَ الْجَوَابُ بِغَيْرِ قَوْلٍ مُمَطَّلِ
هِيَ زِينَةُ الدُّنْيَا وَمِسْكُ خِتَامِهَا
وَالْمُلْتَقَى فِي ظِلِّ حُسْنٍ أَجْمَّلِ
سَارَةُ، يَا فَخْرَ الْجَمَالِ وَعِزَّهُ
قَدْ شَادَ حُسْنُكِ مَجْدَهُ بِالْأَكْمَلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ ضِيَاءِ جَبِينِهَا
وَالْمُزْنُ مِنْ عَيْنَيْنِ كُحْلٍ مُظْلِلِ
وَإِذَا بَدَتْ فَالْوَرْدُ يَحْنِي هَامَهُ
إِجْلَالَ دُرَّةِ حُسْنِهَا الْمُتَفَضِّلِ
وَالْغُصْنُ يَرْقُصُ لِنَسِيمِ حَدِيثِهَا
طَرَبًا كَالْمُغْرَمِ هَائِمٍ مُتَهَلِّلِ
لَوْ شَاءَ دَهْرُ الْحُسْنِ وَصْفَ جَلَالِهَا
عَجَزَتْ حُرُوفُ الشِّعْرِ أَنْ تَعْدِلِ
سَارَةُ، يَا حُلْمَ الْقُلُوبِ وَمُهْجَتِي
بِكِ قَدْ كَسَا اللَّهُ الْجَمَالَ بِأَعْسَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، أَيُّ عَقْلٍ سَالِمٍ
يَرْضَى بِأَنْ يَحْيَا بِغَيْرِ الْمُكْمِلِ؟
سَارَةُ، يَا تَاجَ الْمَكَارِمِ وَالْهُدَى
مَا كُنْتِ إِلَّا كَوْكَبًا فِي الْمَحْفَلِ
إِنْ أَقْبَلَتْ أَشْرَقْنَ أَنْوَارُ الدُّجَى
وَإِذَا تَنَاءَتْ غَابَ ضَوْءُ الْمُشْعَلِ
هِيَ زَهْرَةٌ فَاحَتْ بِطِيبِ حَدِيثِهَا
وَعَلَى مُحَيَّاهَا الْبَهَاءُ المُهَلّْلِ
فِي لَحْظِهَا سِحْرٌ يُذِيبُ صَلَابَتِي
وَيَشُدُّنِي نَحْوَ الْهَوَى الْمُتَمَهِّلِ
إِنْ نَطَقَتْ خَرَّ الزَّمَانُ مُصْغِيًا
لِحَدِيثِهَا كَالدُّرِّ غَيْرِ الْمُبْدَلِ
وَإِذَا تَهَادَتْ فِي رِدَاءٍ نَاعِمٍ
ظَنَنْتَ أَنَّ الْبَدْرَ عَادَ لِيَنْزِلِ
وَالرَّوْضُ يَزْهُو لِمَسِيرِ خُطَاهَا
كَأَنَّهَا الْغَيْثُ الْهَتُونُ الْمُهْمِلِ
هِيَ جَنَّةُ الدُّنْيَا، وَمِسْكُ نَسِيمِهَا
عَبَقٌ يَطُوفُ بِطِيبِهِ الْمُتَجَلْجِلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أُبَشَّرُ وَصْلَهَا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي لِلْخَيَالِ الْمُوَكَّلِ؟
سَارَةُ، يَا نَبْعَ الصَّفَاءِ وَمَنْبَعًا
لِلنُّورِ فِي دَرْبِ الْهَوَى الْمُقْبِّلِ
فِي وَجْهِهَا شَمْسُ الضُّحَى لَمْ تُشْرِقِ
إِلَّا لِتَحْسُدَ حُسْنَهَا الْمُتَهَدِّلِ
وَالْبَدْرُ يَخْشَى أَنْ يُقَاسَ جَمَالُهُ
بِجَمَالِهَا فِي اللَّحْظِ غَيْرِ الْمُعْلَلِ
هِيَ لِلْقَصَائِدِ وَحْيُهَا وَعُيُونُهَا
نُورٌ يُضِيءُ ظَلَامَ شِعْرِيَ الْمُقَلِّلِ
إِنْ غَابَ طَيْفُكِ عَنْ عُيُونِي لَحْظَةً
سَاءَ الْوُجُودُ وَذَابَ قَلْبِيَ بِالْوَجَلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِأَرْضِ نَقَائِهَا
وَسَقَتْهَا أَخْلَاقُ الطِّبَاعِ الْمُكْمِلِ
سَارَةُ، يَا نَبْضَ الْفُؤَادِ وَحُبَّهُ
كُونِي لِهَذَا الْعَاشِقِ الْحُلْمَ الْمُؤَجَّلِ
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ سَأَلْمَسُ كَفَّهَا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي فِي الْخَيَالِ مُسَلْسَلِ؟
سَارَةُ، يَا بَوْحَ النَّسِيمِ إِذَا سَرَى
وَالزَّهْرُ فِي رَوْضِ الْجَمَالِ الْمُخْمَلِ
إِنْ غَابَ صَوْتُكِ عَنْ مَسَامِعِ عَاشِقٍ
أَمْسَى كَقَلْبِ الصَّبِّ فِي الْمُتَرَمِّلِ
عَيْنَاكِ، يَا شَمْسَ الضِّيَاءِ وَسِرَّهُ
وَبَرِيقُهُ الْمُسْرَى بِلَيْلٍ مُظْلِلِ
فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِمَا مُتَأَمِّلًا
رَأَيْتُ بَحْرًا مَا لَهُ مِنْ سَاحِلِ
وَالْحُسْنُ، يَا سَارَةُ، بِعَيْنِكِ
أَوْحَى لِلنَّاظِرِينَ بِسِحْرِهِ الْمُتَأَمِّلِ
يَا زَهْرَةً عَطِرَتْ رِيَاضَ فُؤَادِنَا
وَالْمِسْكُ مِنْهَا قَدْ غَدَا مُتَسَلْسِلِ
إِنْ كُنْتُ فِي حُبِّ الْجَمَالِ مُتَيَّمًا
فَسَرِيرَةُ الْأَخْلَاقِ حُبِّيَ الْأَجْذَّلِ
سَارَةُ، يَا وَعْدَ الْأَمَانِي فِي الْمُنَى
هَلْ لِي بِلُقْيَا حُبِّكِ الْمُتَنَزَّلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ أَرَاكِ مُقْبِلًا؟
أَمْ أَنَّ وَصْلَكِ فِي الْمَدَى مُتَعَذِّلِ؟
سَارَةُ، يَا سِرَّ الْجَمَالِ وَكَوْكَبًا
قَدْ فَاقَ نُورُ الْبَدْرِ وَهْجَ الْمُشْعَلِ
تَمْضِي فَتَسْجُدُ لِلْحُسَامِ ظِلَالُهُ
وَيَهِيمُ صَبًّا فِي خُطَاهَا الْمُثْقَلِ
يَا زَهْرَةً نَبَتَتْ بِأَرْضِ عَفَافِهَا
فَازَ الَّذِي يَهْفُو إِلَيْهَا وَيَنْزِلِ
إِنْ لَاحَ وَجْهُكِ، فَالنُّجُومُ تَهَافَتَتْ
حَسَدًا لِتَسْرِقَ مِنْ جَمَالِ الْمُقْبِلِ
وَالْوَرْدُ لَوْ أَبْصَرْتِهِ فِي رَوْضَةٍ
لَعَجِزْتِ عَنْ وَصْفِ الشَّذَى الْمُتَهَلِّلِ
وَالْغُصْنُ إِذْ يَهْتَزُّ عِنْدَ مُرُورِهَا
ظَنَنْتُهُ طِفْلًا يُنَادِي الْمُدْلِلِ
لَا غَرْوَ إِنْ هَامَ الْفُؤَادُ بِوَصْفِهَا
فَسِوَى الْمَدِيحِ بِذِكْرِهَا لَمْ يُؤْمَلِ
سَارَةُ، يَا نُورَ الْقُلُوبِ وَرَوْحَهَا
هَلْ مِنْ لِقَاءٍ فِي الرَّبِيعِ الْمُقْبِلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُجَازِي مُغْرَمًا؟
أَمْ أَنَّ دَرْبِي فِي الْهَوَى مُتَذَلْذَلِ؟
سَارَةُ، يَا نُورَ الْمَحَاسِنِ كُلِّهَا
يَا نَجْمَةً أَضْحَتْ سَنَاءَ الْمُشْعِلِ
مَا الشَّمْسُ إِلَّا مِنْ جَبِينِكِ تَقْتَبِسْ
ضَوْءَ الْمَهَابَةِ مِنْ ضِيَاءِ الْأَنْجُلِ
وَإِذَا تَبَسَّمَ ثَغْرُكِ الْمُتَأَلِّقُ
فَالصُّبْحُ يَخْشَى مِنْ بُهَاءِ الْمُقْبِلِ
عَيْنَاكِ، يَا وَحْيَ الْجَمَالِ وَسِرَّهُ
فِيهِنَّ سِحْرُ الْعَاشِقِ الْمُتَوَكِّلِ
فَإِذَا رَمَتْ نَحْوِي بِلَحْظِ مُغَرِّدٍ
فُتِنَ الْفُؤَادُ بِسَهْمِهَا الْمُتَعَلِّلِ
تَمْشِينَ كَالْأَغْصَانِ تَهْتَزُّ فِي الصَّبَا
كَالْمَاءِ يَجْرِي بِالْجَمَالِ الْمُنْسَكِلِ
وَالرِّيحُ إِنْ مَرَّتْ بِوَرْدِ جَبِينِكِ
نَشِقَتْ عَبِيرَ الْمِسْكِ عِطْرًا مُرْسَلِ
سَارَةُ، يَا حُلْمَ الْقُلُوبِ وَنَبْضَهَا
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى اللِّقَاءِ الْأَجْمَلِ؟
يَا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تُجِيبُ مُتَيَّمًا؟
أَمْ أَنَّ حُبِّي فِي الْغَرَامِ مُوَكَّلِ؟
سَارَةُ، يَا نُورَ الْعُيُونِ وَحُبَّهَا
يَا بَسْمَةً تُحْيِي الْفُؤَادَ الْمُثْكَلِ
أَنْتِ الرَّبِيعُ إِذَا تَفَتَّحَ زَهْرُهُ
وَأَنَا الْغَرِيبُ بِحُبِّكِ الْمُتَأَمِّلِ
لَا زِلْتُ أُنْشِدُ فِي مَدِيحِكِ مُغْرَمًا
وَأَذُوبُ فِي وَجْدٍ عَذَابُهُ مُنْزِلِ
يَا لَيْتَ لِي فِي وَصْلِ حُسْنِكِ فَرْحَةً
أَوْ أَنَّ حُلْمِي فِي هَوَاكِ مُكَمَّلِ
إِنْ كَانَ حُبُّكِ فِي الْخَيَالِ مُعَذِّبِي
فَمَتَى اللِّقَاءُ بِوَعْدِ حُبٍّ مُوَصَّلِ؟
1019
قصيدة