الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » وهجُ المُغْرَم و أنينُ النجوم

عدد الابيات : 93

طباعة

هَتَفَ السَّعْدُ وَقَدْ لَاحَ سَنَا

فِي مَغَانِينَا بِلَحْنٍ أَنِسِ

يَا زَمَانَ الْأُنْسِ عُدْ مُرْتَهَنَا

بِالْمُنَى أَوْ نَفْحَةَ النَّفْنَسِ

كَمْ سَقَى الْعَهْدَ صَفَاءً وَغِنَى

ثُمَّ وَلَّى كَطُيُوفِ الْهَجَسِ

لَمْ يَكُنْ إِلَّا خَيَالًا رُسِمَا

فِي الْكَرَى أَوْ نَشْوَةَ الْمُفْتَرِسِ

إِذْ يُسَاقُ الْحَظُّ سَوْقَ الْأَنْجُمِ

وَيُرِيغُ الدَّهْرُ مَا لَا يُرْغَمِ

وَالرُّبَى تَجْلُو مَرَايَا الدِّيَمِ

فَثُغُورُ النَّوْرِ فِيهَا مَبْسَمِ

كُلُّ شَادٍ فِي الْوَرَى وَالْأَنْسُمُ

يَتَهَادَى حَيْثُ شَاءَ الْمُلْهِمُ

وَاللَّيَالِي كَنُسُورِ الْقِمَمِ

تَخْطَفُ الْآمَالَ مِمَّنْ يَحْلُمُ

كَمْ نَجَتْ نَفْسٌ بِظِلٍّ مِغْنَمِ

ثُمَّ وَافَتْ حَتْفَهَا الْمُتَجَهِّمُ

وَالدُّجَى سَاجٍ كَصَدْرِ الْمُتَيَّمِ

يَسْتَبِيحُ الصَّبْرَ مِنْ مَنْ يُظْلَمُ

وَالصَّبَا تَشْدُو هَوَاهَا فِي الدُّمَى

كُلَّمَا رَاقَتْ عُيُونُ الْمُغْرَمُ

فَاسْلُكِ الدُّنْيَا زُهِيدًا إِنَّمَا

كُلُّ مَا نَرْجُوهُ يُرْدَى وَيُعْدَمُ

وَغَدَا الرَّوْضُ بِنُورٍ مُلْهَمَا

يَحْكِيَ الْآمَالَ عَنْ كُلِّ نَفَسِ

فَتَهَادَى الْعِطْرُ فِيهِ مُنْعَمَا

يَتَبَاهَى فِي جَمَالٍ مُفْرِسِ

يَا بَهَاءَ الْأُفْقِ فَاضَ وَارْتَمَا

فِي دُجَى الدُّنْيَا كَنُورِ الْأَقْبَسِ

فَكَسَاهُ الْحُسْنُ ثَوْبًا مُعْلَمَا

يَزْدَهِي مِنْهُ بِأَبْهَى مَلْبَسِ

فِي لَيَالٍ أَخْفَتْ لُطْفَ الْهَوَى

كَالدُّجَى لَوْلَا سُرُرُ النَّظَرِ

مَالَتْ أَنْجُمٌ لَمَّا قَضَى وَهْمَا

عَادِلَ السَّيْرِ يَهْدِي قَمَرَ السَّرَرِ

يُحَلِّقُ الطَّيْرُ بِمَا جَاءَ مِنْ سُرَى

زُرُودُ اللَّيْلِ تُخْبِئُ الضَّجَرِ

وَجْهٌ مَا فِيهِ مِنْ عَيْبٍ سِوَى

أَنَّهُ حُلْوٌ كَلَحْظِ الْقَمَرِ

فِي لَيَالٍ غَسَتْ بِالْوَجْدِ السِّرَّ

وَحَجَبَتْهُ السُّرُرُ فِي دُجَى

مَالَ نَجْمُ الْكَأْسِ وَهَوَى قِمَّةً

سَارَ فِي الدَّرْبِ سَعْدَ الرَّجَى

وَالطَّرُّ مَا بِهِ مِنْ عَيْبٍ سِوَى

أَنَّهُ مُبَرِّحٌ، كَقَلْبِ الثَّائِرِ

ذَاكَ جَمَالٌ قَدْ يَعِدُ مِنْ جَوَى

وَغَصَّ فِيهِ الْمَدَى بَعْدَ الصَّبَرِ

فِي دُجَى اللَّيْلِ سَرَى طَيْفُ النَّوَى

حَامِلًا وَجْدًا كَنَبْضِ الْوَتَرِ

فَتَوَارَتْ نَفَحَاتُ الصَّبَا

فِي حَنَايَا الرَّوْضِ بَيْنَ الْأَزْهُرِ

وَانْحَنَى الْبَدْرُ بِسَكْرٍ وَهَوَى

يَحْتَسِي نُورًا كَزُلَالِ الْمَطَرِ

قَمَرٌ لَوْلَاهُ مَا طَابَ الْهَوَى

غَيْرَ أَنَّ الْوَقْتَ مَرَّ كَالْبَصَرِ

حِينَ لَاحَ الْبَدْرُ فِي لَيْلِ الْكَرَى

وَسَرَى الطِّيبُ كَنَفْحِ قَحْوَانِ

هَجَمَ الصُّبْحُ كَسَيْفٍ مُسْتَلَتٍ

يَذْبَحُ الْحُلْمَ وَيَجْتَاحُ بِأَمَانِ

غَارَتِ الْأَنْجُمُ مُذْ هَاجَ السَّنَا

وَانْثَنَتْ تَشْكُو لِدَاجٍ وَحَانِ

أَوْ لَعَلَّ الزَّهْرَ فِي رَوْضِ الصِّبَا

حَسَدَ الْوَجْهَ الْمُوَشَّى بِجِنَانِ

لَمَّا لَاحَ الْوَصْلُ فِي لَيْلِ الْمُنَى

وَابْتَسَمْنَا بِشُهُودِ الْأَنَسِ

هَجَمَ الْفَجْرُ كَطَيْفٍ مُنْقَضٍ

يَحْسِمُ الْحُلْمَ بِسَيْفِ الْحَرَسِ

ذَابَتِ الْأَنْجُمُ خَوْفًا أَوْ سَنَا

خَجِلَتْ مِمَّا بِوَجْهِ الشَّمْسِ

أَوْ لَعَلَّ الزَّهْرَ فِي بُسْتَانِهِ

حَارَ فِي نَظْرَةِ عَيْنِ النَّرْجِسِ

أَيُّ شَيْءٍ لِلْفَتَى قَدْ حُصِدَا

غَيْرُ سَيْرٍ فِي الدُّنَا مُضْطَرِبِ

لَمْ يَزَلْ يَحْسِبُ أَنَّ الْغَدَا

سَوْفَ يَجْلُو مِنْ مُنَاهُ الْعَجَبِ

فَإِذَا الدَّهْرُ إِذَا مَا أَقْبَلَا

خَلَّفَ الذِّكْرَى بِسَيْفِ النَّوَبِ

وَتَرَى الْعُشْبَ عَلَى الرَّوْضِ انْجَلَى

ذَابِلًا يَبْكِي كَدَمْعِ السَّحَبِ

وَتَرَى الزَّهْرَ كَئِيبًا كَمَضَى

يَتَلَظَّى فِي اللَّظَى الْمُلْتَهِبِ

بَيْنَمَا الْآسُ يَفُوحُ شَذَى

كَفَتًى فَزَّاعِهِ مُقْتَرِبِ

يَا رِفَاقَ الْعُمْرِ هَلْ مِنْ سُبُلِ

نَلْتَقِي فِيهِ بِعَهْدِ الذَّهَبِ؟

ذَهَبَ الْأُنْسُ كَحُلْمٍ وَسْطَ لَيْلْ

وَتَلَاشَى فِي غَيَاهِبِ النَّصَبِ

أَعِيدُوا مَاضِيَ الْأَيَّامِ لِوَصْلِنَا

تُطْلِعُوا شَمْسِي مِنَ الْمُغْتَرِبِ

وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَعُودُوا أَمَلِي

إِنَّ عُمْرِي فِي هَوَاكُمْ يَذُبِّ

أَيُّ دَهْرٍ لِامْرِئٍ قَدْ وَفَى

أَوْ تَبَدَّى لِلْفَتَى فِي ثَوْبِهِ؟

كُلُّ زَهْرٍ فِي الرُّبَى قَدْ قَطَفَا

نَفَحَ الْعِطْرَ وَلَمْ يُمْسِكْ يَدِهِ

فَإِذَا الْغَيْمُ تَهَادَى مُنْسَجِي

وَتَسَاقَى الْقَطْرُ شَوْقًا لِثَرَاهِ

وَتَنَاجَى الشَّطُّ وَالنَّجْمُ الْوَضِي

حَيْثُ لَا يُبْصَرُ إِلَّا مِنْ رُؤَاهِ

وَتَرَى الْوَرْدَ كَئِيبًا مُغْضَبًا

يَتَلَظَّى فِي لَظَى الْغَيْظِ الْمُضِي

وَتَرَى الْآسَ رَزِينًا مُعْجَبًا

يَتَنَصَّتْ لِحَدِيثِ الْمُنْتَهِي

يَا رِفَاقَ الْعُمْرِ مِنْ بَيْنِ الْحِجَى

وَبِقَلْبِي مِنْكُمُ سِرٌّ بَدِي

ضَاقَ عَنْ وَجْدِي فَسِيحُ الْمُنْتَهَى

مَا أُبَالِي شَرْقَهُ مِنْ مَغْرِبِهِ

فَأَعِيدُوا لَيْلَ أُنْسٍ قَدْ مَضَى

تُعْتِقُوا مُغْرَمَكُمْ مِنْ عَذْرِهِ

وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعُودُوا مُلْهَفًا

يَتَلَاشَى بَيْنَ شَوْقٍ وَسَنِيهِ

أَفَتَرْضَوْنَ جَفَاءَ الْمُغْرَمِ

وَبِفُؤَادِي وَهَجٌ مُضْطَرِمِ؟

قَدْ تَنَاجَى الشَّوْقُ فِيهِ وَالنَّوَى

وَبَكَتْ مِنْ وَجْدِهِ الْأَنْجُمِ

قَمَرٌ لَاحَ وَلَمْ يَنْسَحِبِ

فِي دُجَى الظُّلْمَةِ وَالْمُعْتِمِ

أَشْعَلَ الْوَجْدَ بِقَلْبِي نَارَهُ

وَجَنَى مِنْ حُرْقَتِي مَغْنَمِي

بِشَقَاءِ الْعَاشِقِ الْمُلْتَاعِ بِهِ

وَبِسُهْدِ الطَّرْفِ وَالْمُسْهَمِ

قَدْ تَسَاوَى الْمُذْنِبُ الْمُسْتَغْفِرُ

وَالْمُحِبُّ الْبَارُّ بِالْمُجْرِمِ

فِي هَوَاهُ الْوَعْدُ وَالْوَعِيدُ

وَبِدَرْبِ الْعِشْقِ وَالْمُبْهَمِ

مَنْ جَفَاهُ الدَّهْرُ أَمْ قَرَّبَهُ

كُلُّهُمْ فِي دُرُوبِهِ مُغْرَمِ

أَتُسِيغُونَ جَفَاءَ الْمُنْجِدِ

وَقَلِيبِي فِي هَوَاكُمْ مُتْلَفُ؟

قَدْ سَقَتْهُ الذِّكْرَيَاتُ أَسًى

وَاصْطَلَى مِنْ جَمْرِهَا يَرْتَجِفُ

بَيْنَ وَعْدٍ يَتَلَظَّى أَمَلًا

وَوَعِيدٍ زَفَّهُ الْمُتَّلِفُ

قَمَرٌ يَسْرِي إِلَى مَغْرِبِهِ

وَدُمُوعُ الْعِشْقِ فِيهِ تَذِفُّ

أَتُسَاوِي مُذْنِبًا أَوْ بَرًّا

مَنْ أَتَى فِي وَصْلِكُمْ يَعْتَرِفُ؟

لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لَنَا مِنْ مُلْتَقًى

أَمْ أَضَاعَ الدَّهْرُ مَا نَسْتَلِفُ؟

فَاتِنُ الطَّرْفِ رَمَانِي بِالسِّهَامْ

فَاسْتَبَاحَ الرُّوحَ فِي كَفِّ الْقَضَا

غَالَ قَلْبِي وَسَقَاهُ مِنْ مُدَامْ

سَكِرَتْ عَيْنَايَ مِنْهُ وَمَضَى

إِنْ يَكُنْ ظُلْمٌ وَإِنْ طَالَ الْجَفَا

فَهُوَ دَاءٌ مُلِحٌّ فِي دَمِي

لَيْسَ فِي الْعِشْقِ لِمَعْشُوقٍ جَفَا

فَسِهَامُ الْوَصْلِ مِنْهُ كَالنَّعَمِ

أَمْرُهُ مُنْفَذٌ لَا يُنْتَقَضْ

وَإِلَيْهِ الْخَلْقُ طُرًّا مُمْتَثِلِ

فَإِذَا مَا قَالَ شَيْئًا أَوْ مَضَى

فَأَمِيرُ الْحُسْنِ حُكْمُهُ الْعَدِلِ

فَاتِنُ اللَّحْظِ بِلَحْظٍ قَدْ رَمَى

فَاسْتَبَاحَ الْقَلْبَ مِنْ غَيْرِ وَجَسِ

حَائِرُ الطَّرْفِ سَقَى ثُمَّ ظَمَا

وَتَمَادَى فِي الْهَوَى دُونَ مُقْيَسِ

إِنْ يَكُنْ بِالْجَوْرِ قَدْ خَطَّ الْقَدَرْ

وَأَذَاقَ الرُّوحَ سُمَّ الْكَلِمِ

فَهُوَ فِي الْعَيْنِ مَلِيحٌ إِنْ ظَهَرْ

لَيْسَ فِي الْعِشْقِ لِجَانٍ مِنْ نَدَمِ

حُكْمُهُ نَافِذُ الْأَمْرِ الْجَلَى

وَبِهِ يُعْتَمَدُ الرَّأْيُ الْمُسَدَّدِ

إِنْ يَقُلْ شَيْئًا فَقَوْلٌ لَا يَمِيلْ

وَإِذَا مَالَ فَمَيْلٌ لَا يُعِيدِ

فِي فُؤَادٍ قَدْ طَوَاهُ الْأَلَمُ

وَسَقَاهُ الدَّهْرُ صَابًا وَعَنَبِ

حَكَمَ اللَّحْظُ بِهِ وَاحْتَكَمُ

فَاسْتَجَارَ الْقَلْبُ مِمَّنْ غَلَبِ

لَمْ يُرَاعِ الْبَأْسَ فِي الْمُمْسَكِ

أَيُّ عَدْلٍ فِي قَضَاءِ الْهَوَى؟

مُنْصِفُ الْمَظْلُومِ فِي الْمُشْتَكَى

هُوَ مَنْ أَبْكَى، وَأَعْطَانَا الْجَوَى

مَا لِعَيْنِي كُلَّمَا هَبَّ الصَّبَا

سَالَ دَمْعِي وَاسْتَثَارَ الْوَجْدِ؟

كَانَ مَكْتُوبًا عَلَى اللَّوْحِ قَضَى

أَنَّ صَبْرِي فِي الْجَوَى لَا يَسْعُدِ

قَدْ رَمَى فِي مُهْجَتِي نَارَ الْأَسَى

فَهْيَ جَمْرٌ فِي هَشِيمِ الْحَطَبِ

لَا تُبْقِي فِي الْحَشَا إِلَّا الرَّدَى

أَوْ بَقَايَا مِنْ ظِلَالِ التَّعَبِ

فَاسْتَقِيمِي يَا فُؤَادِي لِلْقَدَرْ

وَاغْنَمِي الْوَقْتَ بِدَمْعٍ وَتُقَى

وَاتْرُكِي الذِّكْرَى لِعَهْدٍ قَدْ عَبَرْ

بَيْنَ لَوْمٍ قَدْ تَوَلَّى وَشَقَى

وَاصْرِفِي الْقَوْلَ إِلَى رَبِّ الْعُلَا

فَلَهُ الْحُكْمُ، وَإِلَيْهِ الْمُلْتَقَى

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1064

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة