الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » نداء العروبة و أطلال المجد

عدد الابيات : 55

طباعة

أَيَا أُمَّةَ الْعُرْبِ انْظُرِي وَتَكَلَّمِي

هَلْ عَادَ يُنْصِفُ حُكْمُكِ الْحُكَّامُ؟

بِالْأَمْسِ كُنْتِ النُّورَ فِي أَوْطَانِنَا

وَالْيَوْمَ فَلَا فِينَا نَجْمٌ وَلَا إِقْدَامُ

نَامَتْ بَنِيكِ عَلَى الدِّيَارِ كَأَنَّهُمْ

حُطَامُ غَابٍ فَأَيْنَ مِنْكِ عِظَامُ؟

جُرْحَانِ يَنْزِفُ فِي الْجَوَانِحِ مَاؤُهُ

وَيُعِيدُهُ بِمَجْدِ التَّارِيخِ وَالْأَيَّامُ

بِكُمَا انْحَنَى الْمَجْدُ الْأَثِيلُ، وَلَمْ

يَزَلْ فِي كُلِّ رُكْنٍ خَائِفٌ مُسْتَهَامُ

الْقُدْسُ تَبْكِي، وَصَنْعَاءُ حَزِينَةٌ

وَالْخُرْطُومُ تَشْكُو ضَعْفَهَا وَالشَّامُ

أَوْهَى التَّخَاذُلُ مَجْدَنَا فَتَفَرَّقَتْ

أَشْلَاؤُنَا وَسَعَى بِيَوْمِنَا الْإِجْرَامُ

مَا بَيْنَ مَصْرَعِكِ الْجَلِيلِ وَمِثْلِهِ

كَمْ قَدْ قَضَى مَظْلُومُهَا وَالْهَامُ

مِائَةٌ وَعِشْرُونَ سِنِينَ وَالزَّمَانُ مُغَيِّبٌ

وَفِي كُلِّ عَقْدٍ مَضَى دَوْلَةٌ وَحُطَامُ

كَمْ أُنْبِئَ الْأَحْرَارُ أَنَّ مَصِيرَهُمْ

إِنْ سَكَتُوا، أَنْقَاضُهُمْ ذُلٌّ وَرُكَامُ

يَا قَوْمُ، إِنَّ الْقَيْدَ يُنْكِرُ كَفَّهُ

وَيَصِيحُ: أَيْنَ الْعِزُّ وَأَيْنَ الْأَقْوَامُ؟

مِنْ أُسْدِ غَابٍ كُنْتُمُ لَمْ تَعْرِفُوا

إِلَّا الْعَرِينَ وَمَوَاطِنَ الْإِقْدَامُ

هَذِي الْجِرَاحُ بِأَمْجَادِنَا تَتَغَنَّى

وَالْجُرْحُ يُنْبِئُ أَسْرَارَهُ الْآلَامُ

فَمَتَى يُفِيقُ بَنُو الْعُرُوبَةِ مِنْ كَرَى

ذُلٍّ، وَمِنْ أَيْدِي الْجَهُولِ حِمَامُ؟

نَامُوا قُرُونًا غَافِلِينَ، فَهَلْ تُرَى

يَصْحُونَ إِنْ أَطْبَقَ عَلَيْهِمْ لِثَامُ؟

أَيَا رُوحَ مَجْدٍ غَابَ عَنْهُ دَوَامُ

بَكَتْكَ أُمَمٌ وَاسْتَبَاحَكَ لِئَامُ

سَقَتْكَ الْمَآسِي مِنْ دُمُوعٍ سَخِينَةٍ

وَفِيكَ جِرَاحُ غَدْرٍ مَا لَهَا خِصَامُ

تَهَدَّمَ صَرْحُ الْمَجْدِ عَنْكَ وَمَا بَقَى

سِوَى مَجْدِ مَاضٍ تَخُطُّهُ الْأَيَّامُ

كَأَنَّ اللَّيَالِيَ جَرَّعَتْكَ مَذَلَّةً

وَأَلْبَسَتِ الْعِزَّ الْمُهَابَ حِمَامُ

فَيَا غُرَّةَ التَّارِيخِ هَلْ مِنْ رُجُوعِهِ

وَهَلْ يَرْتَقِي فَجْرٌ وَهَلْ يَكُ تَمَامُ؟

مَضَى النُّورُ عَنْكَ فَانْطَفَأَتْ كُلُّ شَمْعَةٍ

وَحَلَّتْ دُجًى ضَاقَتْ بِهَا الْأَحْلَامُ

وَكَانَتْ سُيُوفُ الْعَدْلِ نِصَالَ عِزٍّ

فَاعْتَدَى عَلَيْكَ زَمَانٌ غَادِرٌ هَدَّامُ

لَقَدْ نُقِشَتْ تِلْكَ الْمَعَالِمُ وَانْطَوَتْ

كَأَنْ لَمْ يَكُنْ لِلْأَمْجَادِ فِيكَ مُقَامُ

وَسَادَكَ قَوْمٌ لَا يُرَاعُونَ حُرْمَةً

وَلَا صَانَ أَهْلُ الْحُكْمِ فِيكَ ذِمَامُ

تَغَنَّوْا بِسِلْمٍ زَائِفٍ وَهُوَ حِرْبَةٌ

وَأُعْلِنَ بِاسْمِ الدِّينِ فِيهِ حَرَامُ

فَيَا أَيُّهَا الْمَاضِي أَفِيكَ مَلَاذُنَا؟

وَهَلْ لِلْقَضَا فِي ظُلْمَةِ دَهْرٍ إِلْهَامُ؟

نَسُوقُ الْجِرَاحَ مُرْغَمِينَ وَنَرْتَجِي

سَلَامًا وَلَكِنْ فِي الْعِدَا إِجْرَامُ

تُرَاقُ الدِّمَا وَالْمُدَّعُونَ إِلَهُهُمْ

يُنَادُونَ وَالْحُبُّ الْمُفَدَّى كَلَامُ

فَيَا أَيُّهَا الْعَهْدُ الَّذِي قَدْ تَصَرَّمَتْ

مَجَالِسُ ذُلٍّ هَلْ يَرْتَجِعْكَ خِتَامُ؟

إِذَا كَانَ لِلْإِصْلَاحِ فِي الْأَرْضِ مَوْطِنٌ

فَأَيْنَ الْأُلَى ذَابُوا وَأَيْنَ الْكِرَامُ؟

رَجَعْنَا إِلَى الْأَقْدَارِ نُحَنِّي هِمَمَنَا

فَهَلْ لِانْتِظَارِ النَّصْرِ صَمْتٌ حَرَامُ؟

أَيَا أُخْتَ فِلَسْطِينَ عَلَيْكِ سَلَامُ

هَوَى الْمَجْدُ فِيكِ وَأَدْبَرَ الْإِقْدَامُ

تَسَاقَطَ نَجْمُ الْعِزِّ بِالْأُفُقِ الَّذِي

أَضَاءَ الدُّنَا إِذْ أَزْهَرَ السَّلَامُ

وَقَامَتْ بِلَيْلِ الْحُزْنِ نَارٌ وَأَطْفَأَتْ

شُمُوسَ الْعُلَا إِذْ زَمْجَرَ الظَّلَامُ

تَدَاعَتْ صُرُوحُ الْعِزِّ وَالْحُبِّ تَصَدَّعَتْ

رَكَائِزُهُ وَهُدَّتِ الْمَعَانِي وَالْمُقَامُ

وَفِيكِ جِرَاحٌ لَا تُطِيقُ ضَمَائِدُهَا

وَفِي الْأَرْضِ جُرْحٌ نَازِفٌ وَلَا حُسَامُ

بِكِ انْهَدَّ صَرْحُ الْعِلْمِ فَانْطَفَأَتْ بِهِ

مَصَابِيحُ فِكْرٍ غَيَّبَهُ الظَّلَامُ

فَسَالَتْ دُمُوعُ الْمَجْدِ حَتَّى تَلَاشَتْ

كَمَا ذَابَ فِي لُجِّ الْبِحَارِ غَمَامُ

مَضَتْ دَوْلَةُ الْفَاتِحِينَ كَأَنَّهَا

سَرَابٌ تَبَدَّى وَاخْتَفَتْ أَحْلَامُ

وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا مَارِدٌ لَا يَنِي مَتَى

غَفَا الْمُلْكُ هَبَّتْ نَحْوَهُ الْآثَامُ

بِلَادُ الشَّامِ وَالْمَجْدُ كَانَ قَرِينَهَا

فَأَيْنَ الْيَرَاعُ الشَّامِخُ الْمِقْدَامُ؟

أَلَيْسُوا أُبَاةَ الْعِزِّ فِي سَالِفِ الْمَدَى؟

وَكَيْفَ غَدَا فِي أَرْضِهِمْ إِرْغَامُ؟

كَأَنَّ اللَّيَالِيَ نَازَعَتْ مَجْدَ أَهْلِهَا

فَأَوْدَى بِهَا ذُلٌّ وَهَانَ مَقَامُ

رَأَيْتِ صُرُوفَ الدَّهْرِ كَيْفَ تَغَيَّرَتْ

وَكَيْفَ انْجَلَى عَنْ رَوْنَقِكِ الْإِلْمَامُ

ظَنُّوكِ عِبْئًا فِي الْمَمَالِكِ فَانْطَوَتْ

عَقَائِدُهُمْ فِي زَيْفِهَا أَوْهَامُ

أَلَمْ يَرَ أَهْلُ الْفِكْرِ أَنَّكِ دُرَّةٌ؟

وَأَنَّكِ رُوحٌ فِي الْمَيَادِينِ سَنَامُ؟

وَلَكِنَّ أَقْوَامًا تُقَيِّدُ فِكْرَهُمْ

قُيُودٌ مِنَ الْجَهْلِ الَّذِي لَا يُرَامُ

فَلَا عَجَبٌ إِنْ زَاغَ عَنْهُمْ طَرِيقُهُمْ

وَكَانَ الَّذِي أَفْضَى إِلَيْهِ حِمَامُ

وَلَيْسَ مِنَ السَّيْفِ الْقَوِيِّ رَهِينَةٌ

إِذَا الشَّعْبُ عَنْهُ قَدْ ثَوَى وَاسْتَنَامُ

فَيَا أُمَّةً عَزَّتْ وَعَزَّتْ حُرُوبُهَا

أَمَا آنَ لِلْعَلْيَاءِ فِيكِ عِزَّةٌ وَقِيَامُ؟

تُبَشِّرُ بِالسِّلْمِ الْخُطُوبُ وَلَكِنِ

لَهَا فِي دُجَى الْأَيَّامِ سَهْمٌ سِهَامُ

فَقَدْ يُظْهِرُ السِّلْمُ الْأَمَانِيَ وَلَكِنِ

بِهِ مِنْ دُخَانِ الذُّلِّ مَا لَا يُضَامُ

أَمَا آنَ أَنْ تَصْحُوَ الْعَزَائِمُ بَعْدَمَا

تَدَاعَى بَنِيكِ الصَّرْحُ وَالْأَعْلَامُ؟

أَمَا آنَ أَنْ تَصْحُوَ الْحَيَاةُ لِتُدْرِكَ

بِأَنَّ كُلَّ الَّذِي جُرِّعْتِهِ أَوْهَامُ؟

فَكُونِي إِلَى الْعُلْيَا مِثَالًا وَعِزَّةً

فَمَا الْمَجْدُ إِلَّا عَزْمَةٌ وَإِقْدَامُ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1019

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة