عدد الابيات : 25
نَسَجْتُ لِقَلْبِي مِنْ جُرُوحِي سَرَائِرَا
وَأَوْدَعْتُهُ سِرَّ الْغَرَامِ الدَّفَائِرَا
وَسَافَرْتُ فِي لَيْلِ السُّهَادِ بِحُزْنِهِ
وَمَا آنَسَتْ عَيْنِي إِلَّا الدَّمْعَ سَاهِرَا
حَبِيبَتِي، أَيَّامُنَا قَدْ تَهَاوَتْ
كَأَنَّ رُبَى الْوَجْدِ الْقَدِيمِ مَقَابِرَا
أَجُودُ بِأَنْفَاسِي وَأَصْرُخُ لَيْتَنِي
أَحُطُّ إِلَى أَهْدَابِ عَيْنَيْكِ طَائِرَا
وَأُعْلِنُ بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْجُرْحِ نَدْمَتِي
فَهَلْ كُنْتِ تَدْرِينِي دَخِيلًا مُسَافِرَا؟
سَأُوصِي بِشَوْقِي رِيحَ صَبٍّ تُنَاغِمُكِ
فَتَحْمِلُ مِنِّي وَجْهَ رُوحِي بَشَائِرَا
إِذَا جَاءَكِ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ فَذَكِّرِينِي
أَخَا الْوَجْدِ، سَيْفًا بِالْهَوَى ثَائِرَا
وَإِنْ نَامَ جَفْنُ الْعُمْرِ فَاذْكُرِي صَبِيًّا
تَرَامَتْ بِهِ الْأَيَّامُ دَرْبًا مُدَامِرَا
تَرَكْتُكِ وَالْمَوْتُ الْمُرَادُ تَسَابَقَا
إِلَيَّ، وَمَا أَدْرَكْتُ أَنِّي مُغَادِرَا
سَقَانِي مِنَ الدُّنْيَا كُؤُوسًا مِنَ الْأَسَى
فَأَصْبَحْتُ فِي بَحْرِ النَّوَى مُتَحَيِّرَا
فَإِنْ لَاحَ فَجْرِي فِي عُيُونِكِ فَابْتَسِمِي
لَعَلَّ نُجُومَ الْحُزْنِ تَمْضِي غَوَادِرَا
وَإِنْ حَانَ رَحِيلِي فَارْثِينِي بِوَصْلَةٍ
تُجَاوِزُ هَذِي الْأَرْضَ وَالنَّجْمَ سَافِرَا
حَبِيبَتِي، هَلْ تَسْمَعِينَ الْأَنِينَ
قَلْبٍ يُنَادِيكِ الْحَبِيبَ الْأَسِيرَا
تَرَكْتُ الزَّمَانَ وَرَاءَ ظَهْرِي كَأَنَّهُ
غُبَارُ رَحِيلٍ، ضَاعَ فِيهِ الْمُسَافِرَا
أَحِنُّ إِلَى اللَّيْلِ الَّذِي كُنْتِ فِيهِ لِي
سَنَاءً يُضِيءُ الْعُمْرَ، زَهْرًا وَعَاطِرَا
وَأَذْكُرُ صَوْتَ الْكَوْنِ يَهْتِفُ حُبَّنَا
وَيَنْثُرُ مِنْ بَيْنِ النُّجُومِ الْمَنَائِرَا
إِذَا مِتُّ، فَاذْكُرِي حَبِيبًا تَعَلَّقَتْ
بِهِ الرُّوحُ حَتَّى أَصْبَحَ الْعُمْرُ دَائِرَا
يُحَاوِلُ أَنْ يُطْفِئَ جُرْحَ فِرَاقِكِ
وَلَكِنَّهُ صَارَ الْجَوَى فِيهِ سَاجِرَا
حَبِيبَتِي، لَوْ كَانَ لِلْمَوْتِ صَوْتٌ
لَكَانَ يُنَادِي فِي حُضُورِكِ، صَابِرَا
وَلَوْ كَانَ فِي الْكَوْنِ الْخُلُودُ هِبَةً
لَخَصَّكِ رَبِّي بِالْخُلُودِ الْمُقَادِرَا
أَرَاكِ وَظِلِّي فِي الْحَيَاةِ يُغَادِرُ
وَلَا زِلْتُ أَدْعُو اللَّهَ أَحْيَا دَوَائِرَا
فَإِنْ غِبْتُ، لَا تَسْأَلِي الدَّرْبَ عَنِّي
فَإِنِّي سَأَخْطُرُ بِالْهَوَى نَجْمَ سَافِرَا
وَسَوْفَ تَرَيْنِي فِي الرِّيَاحِ نَسِيمَةً
تُقَبِّلُ وَجْهَ الصُّبْحِ طَيْفًا مُغَادِرَا
وَفِي اللَّيْلِ إِنْ لَاحَ السُّهَى فِي سَمَائِكِ
فَذَاكَ جَنَاحِي فِي الظَّلَامِ يُنَاثِرَا
حَبِيبَتِي، فَلْيَشْهَدِ الْعُمْرُ أَنَّنِي
وَدَّعْتُكِ حُبًّا، وَالرُّوحُ تَبْقَى مُدَابِرَا
1019
قصيدة