عدد الابيات : 40
إِذَا تَأَدَّبَ فِي الْأَقْوَالِ مُتَّزِنٌ
سَمَا، كَأَنَّ عَلَيْهِ التَّاجَ مَوْرُودُ
لِسَانُهُ طَاهِرٌ، وَاللَّفْظُ مِنْ ذَهَبٍ
يُصَاغُ مِنْ حُسْنِهِ التِّبْيَانُ وَالشُّهْدُ
هُوَ ابْنُ عَقْلٍ، إِذَا مَا قَالَ أَنْصَفَهُ
قَوْلٌ يُجَلِّي بِهِ مَا كَانَ مَنْقُودُ
إِذَا تَحَلَّى الْفَتَى بِالصِّدْقِ مُعْتَصِمًا
سَمَتْ بِهِ النَّفْسُ وَالْأَخْلَاقُ وَالْجُودُ
فَلَيْسَ يُجْزَى جَمِيلُ الْقَوْلِ مِنْ أَحَدٍ
إِلَّا كَمَا يُجْزَى بِالْآكَامِ الْجُودُ مَجْهُودُ
فَكُنْ لِسَانًا نَقِيًّا، لَا دَنَسْ بِهِ
فَالْوُدُّ يُبْنَى، وَيَبْقَى وَهُوَ مَمْدُودُ
وَزِينَةُ الْمَرْءِ بَيْنَ النَّاسِ مَنْطِقُهُ
نِصْفُ الْجَمَالِ بِلِينِ الْقَوْلِ مَعْقُودُ
إِنَّ الْفَتَى بِجَمِيلِ الْفِعْلِ تَعْرِفُهُ
وَالْقَوْلُ مِنْهُ كَضَوْءِ الْفَجْرِ مَشْهُودُ
كَمْ مِنْ فَتًى جَمُلَتْ أَلْفَاظُهُ فَغَدَا
بَيْنَ الْأَنَامِ بِعُرْفِ الذِّكْرِ الشُّهُودُ
لَا خَيْرَ فِي مَنْطِقٍ يُبْدِي الْقُلُوبَ أَسًى
أَوْ فِي حَدِيثٍ بِهِ الْأَحْقَادُ تَتْقُودُ
إِنَّ اللَّبِيبَ إِذَا مَا نُطْقُهُ وَجَبَا
هَذَّبْتَ مِنْ لَفْظِهِ الْآدَابُ وَالْجُودُ
لَا يَتَّبِعُ النَّفْسَ فِي قَوْلٍ وَلَا زَلَلٍ
فَالْحِلْمُ زَيْنٌ، وَبَابُ الْعَقْلِ مَسْدُودُ
وَالْمَرْءُ بِالْقَوْلِ إِنْ أَخْطَاهُ مُحْتَقَرٌ
وَاللَّفْظُ مِنْ سُوءِ تَأْوِيلٍ لَهُ مَرْدُودُ
فَاضْبِطْ لِسَانَكَ وَاحْذَرْ أَنْ تَزِلَّ بِهِ
فَإِنَّهُ مُهَنَّدٌ صَارِمٌ حَدٌّ وَمَحْدُودُ
لَا يُرْجِعُ الْقَوْلَ بَعْدَ النُّطْقِ صَاحِبُهُ
وَالْجُرْحُ يُدْمَلُ، لَكِنْ لَيْسَ مَسْنُودُ
مَنْ كَانَ يُحْسِنُ فِي الْأَقْوَالِ مَنْطِقَهُ
عَاشَ الْمَهِيبَ، وَبَاتَ الذِّكْرُ مَمْدُودُ
فَالْقَوْلُ مِرْآةُ أَخْلَاقِ الْفَتَى أَبَدًا
إِنْ كَانَ عَذْبًا، بَدَا فِي الْعَيْنِ مَسْعُودُ
وَاجْعَلْ لِسَانَكَ عِطْرًا طَيِّبًا أَبَدًا
فَالْفُلُّ يُشْبِهُهُ، وَعِطْرُ الْوَرْدِ وَالْعُودُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ، إِنَّ الْقَوْلَ مَنْزِلَةٌ
فِيهَا الرَّفِيعُ وَفِيهَا الْقَعْرُ مَعْبُودُ
فَالْعَقْلُ زَيْنٌ، وَمِيزَانُ الْفَتَى كَلِمٌ
إِنْ زَانَهُ الْحُسْنُ، كَانَ الْعَيْشُ مَمْدُودُ
نِصْفُ الْجَمَالِ بِلِينِ الْقَوْلِ مَوْجُودُ
لَا تَحْسَبَنَّ جَلِيلَ الْقَوْمِ مَنْطِقُهُ
جَهْلًا، فَكَمْ عَثَرَتْ فِي الْقَوْلِ أُسُودُ
فَالْعَقْلُ مِيزَانُ نُطْقِ الْمَرْءِ إِنْ نَطَقَتْ
شَفَتَاهُ، فَاللَّفْظُ مِيزَانٌ وَمَعْدُودُ
وَإِنْ تَكَلَّمْتَ، فَاخْتَرْ قَوْلَ مُعْتَدِلٍ
يُنْجِيكَ، فَالْأَصْلُ بِالْإِنْسَانِ مَعْبُودُ
كَمْ فِي الْقُبُورِ فَتًى أَرْدَاهُ مَنْطِقُهُ
وَالْحِرْصُ بِالنُّطْقِ لِلْإِنْسَانِ مَحْمُودُ
وَكَمْ جَنَى حُسْنُ لَفْظٍ مِنْ مَحَبَّةِ قَوْمٍ
وَكَمْ جَنَى زَلَلُ الْأَلْفَاظِ تَهْوِيدُ
لَا خَيْرَ فِي نَاطِقٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ حَكَمًا
فَإِنَّهُ بِحَدِيثِ الْجَهْلِ كُلُّهُ مَطْرُودُ
وَاحْفَظْ لِسَانَكَ، إِنَّ اللَّفْظَ مَنْزِلَةٌ
إِنْ زَاغَ، زَاغَتْ بِهِ الْأَخْلَاقُ وَالْجُودُ
إِنَّ اللَّبِيبَ إِذَا مَا قَالَ أَجْمَلَهُ
لَفْظًا، وَمَا كَانَ بِالتَّشْوِيهِ مَرْشُودُ
وَاحْذَرْ زَلَلَكَ، فَالْإِنْسَانُ يَحْسَبُهُ
جُرْمًا صَغِيرًا، وَبِالْمِيزَانِ مَشْهُودُ
فَالْمَرْءُ يَحْفَظُهُ عَقْلٌ، وَمَنْطِقُهُ
تَاجٌ، وَفِيهِ مَعَانِي الْخَيْرِ مَمْدُودُ
وَاجْعَلْ لِسَانَكَ عِطْرًا فِي مَجَالِسِهِ
فَالْعُودُ يُذْكَرُ بَيْنَ النَّاسِ مَحْمُودُ
فَالْحُسْنُ لَيْسَ بِزِيٍّ أَوْ بِمَظْهَرِهِ
بَلْ بِاللِّسَانِ، فَإِنَّ الْفَضْلَ مَوْجُودُ
فَاجْعَلْ لِسَانَكَ مِيزَانَ الْعُلَا أَبَدًا
وَاحْفَظْهُ مِنْ زَلَلٍ يُخْفِيهِ مَقْصُودُ
لَا تَجْرَحِ النَّاسَ، فَالْجَرْحُ الَّذِي لُطِمَتْ
فِيهِ الْقُلُوبُ، لَهُ فِي الْقَلْبِ تَوْقُودُ
وَالْقَوْلُ كَالْعُودِ، إِنْ طَابَتْ مَنَابِعُهُ
فَاحَتْ نَسَائِمُهُ، وَالْعُمْرُ مَرْصُودُ
فَصُغْ كَلَامَكَ مِنْ صِدْقٍ وَمِنْ حِكَمٍ
تُبْقِيكَ فِي الْعَيْنِ قَدْرًا مَنْشُودُ
وَكُنْ عَلَى اللَّفْظِ وَزْنًا لَا يُخَالِفُهُ
مِيزَانُ عَقْلٍ بِهِ الْأَفْهَامُ مَسْمُودُ
فَالنَّاسُ تُعْرَفُ بِالْأَقْوَالِ إِنْ نُطِقَتْ
وَفِي اللِّسَانِ عُلَاهَا تُصْنَعُ السُّدُدُ
1280
قصيدة