عدد الابيات : 20
أَلَا أَيُّهَا الدَّهْرُ الْمُجِيرُ مِنَ الْعَلَلِ
أَمَا آنَ أَنْ تُبْدِي الْجَوَابَ لِلسُّؤْلِ؟
سَقَتْكَ اللَّيَالِي مِنْ كُؤُوسِ مَذَاقِهَا
فَمَا أَنْتَ إِلَّا عَاثِرُ الْخَطْوِ وَالسُّبُلِ
تُذِيقُ الْفَتَى مُرَّ الزَّمَانِ بِحُلْوِهِ
وَتُرْدِيهِ بَيْنَ الْعُسْرِ وَالْبَسْطِ وَالْمَيْلِ
وَمَا الدَّهْرُ إِلَّا كَالسَّحَابِ إِذَا جَرَى
يَسُوقُ الْأَمَانِيَّ وَهْوَ مُنْهَمِلُ الْوَبْلِ
إِذَا ضَحِكَتْ شَمْسُ الْأَمَانِي لِعَاقِلٍ
فَإِنَّ غُيُومَ الْحُزْنِ تَتْبَعُهَا النَّوَازِلُ
تُرَاوِدُنَا الدُّنْيَا بِفَضْلِ نَوَالِهَا
وَمِنْ تَحْتِهَا مَوْتٌ يُسَاقُ بِلَا مُهْلِ
فَمَنْ عَاشَ فَوْقَ الْأَرْضِ ضَيْفٌ مُؤَجَّلٌ
وَمَنْ مَاتَ نَامَ الْعُمْرَ فِي كَفَنٍ أَزَلِي
نُجَارِي رِيَاحَ الْغَدْرِ طُولَ حَيَاتِنَا
وَلَكِنَّهَا تَهْوِي بِنَا نَحْوَ الْمَنَازِلِ
فَلَا فَخْرَ فِي الدُّنْيَا وَإِنْ طَالَ عُمْرُهَا
وَلَا الْعِزُّ يُبْقِي فَوْقَهَا مُلْكَ مُحْتَلِّ
إِذَا مَا ارْتَقَى الْفَانُونَ عَرْشَ كِبَارِهِمْ
فَإِنَّ الرَّدَى يَهُومِي بِالْعَرْشِ مِعْوَلِ
تَحُثُّ خُطَانَا فِي الدُّرُوبِ كَأَنَّنَا
نُسَاقُ لِلْمَوْتِ وَلَا نَدْرِي بِالْمُقَلِ
فَمَا الْعُمْرُ إِلَّا مَوْجَةٌ تَحْتَ فَلْكِهَا
وَمَا النَّاسُ إِلَّا زَبْدُ بَحْرٍ بِالْوَحْلِ
أَرَى الْمُلْكَ يَبْقَى وَالْمُلُوكَ تَذُوبُ
لِمَدَافِنِهَا كَالنُّورِ يَذْوِي بِلَا طَفَلِ
وَكَمْ مِنْ عَزِيزٍ جَلَّ بِالْأَمْسِ ذِكْرُهُ
يُجَرُّ إِلَى التُّرْبِ الْمَكِينِ بِلَا رِجْلِ
يُنَازِعُنَا الْحُبُّ الْخَفِيُّ بِلَذَّةٍ
وَنَرْتَشِفُ الْأَحْلَامَ مِنْ كَأْسِهِ الثَّمِلِ
فَمَنْ لَمْ يُغَنِّ الْعَيْشَ طَرَبًا بِحِكْمَةٍ
فَإِنَّ الرِّيَاحَ الْغَدْرِ تَجْرُفُهُ بِالْوَحْلِ
إِذَا الْأَرْضُ ضَاقَتْ بِالْفَتَى فِي شَبَابِهِ
تَرَاهُ بِلَيْلِ الْحُزْنِ مُمْتَهِنَ الْوَجَلِ
أَمَا وَاللَّهِ مَا الدُّنْيَا سِوَى وَهْمٍ مُسَطَّرٍ
فَمَنْ يَرْكَنُ الدُّنْيَا يُلَفُّ بِالْحَبْلِ
فَخُذْ مِنْ فُتُوحِ الْعَقْلِ سَيْفًا مُشَرَّعًا
وَلَا تَسْكُنِ الْأَيَّامَ فِي قَلْبِ مَنْ ذَلَّ
فَإِنْ كَانَ لِلْعُلْيَا طَرِيقٌ فَصَاعِدٌ
وَإِنْ كَانَ لِلدُّنْيَا سَبِيلٌ فَمُنْتَهِلِ
1280
قصيدة