عدد الابيات : 17
يَا مَنْ سَكَنْتِ النَّفْسَ حِينَ تَنَفَّسَتْ
وَغَدَوْتِ لِلرُّوحِ الذَّكِيَّةِ مِسْكُحُ
إِنِّي أَرَاكِ عِطْرًا بِكُلِّ نَفْسٍ أَزْفِرُهْ
وَأَشُمُّ عِطْرَكِ فِي الدُّجَى مُتَفَرِّحُ
أَنْفَاسُهَا الْغَضَّةُ الَّتِي تَنَسَّمَتْ
فِي كُلِّ نَسَمَاتِ صُبْحِنَا تَتَرَجَّحُ
إِنِّي وَإِيَّاكِ لِوِئَامِ عِشْقٍ خَالِدٍ
كَالزَّهْرِ يُعَطِّرُهُ النَّسِيمُ وَيَنْفَحُ
إِنِّي وَإِيَّاكِ وَالْحُبُّ يَجْمَعُنَا أَبَدًا
كَالْعَسَلِ تَعْبَقُهُ الشِّفَاهُ وَيُفْرَحُ
أَنْتِ الرُّؤَى فِي الْمُهَجِ وَشَذَاهَا
يَا مَنْ بِهَا قَلْبِي يُذَابُ وَيُصْلَحُ
إِنِّي وَقَدْ حَمَلَتْكِ نَفْسِي عِطْرَهَا
كُتِبَ الْهَوَى بِدِمَائِنَا وَيَتَوَّشَّحُ
لَوْ كَانَ عِطْرُ الْوَرْدِ فِي الْأَغْصَانِ
لِسِحْرِ الْمَحَاسِنِ كَعِطْرِكِ يُلْفَحُ
يَا نَفْحَةً مَرَّتْ بِأَوْدَاجِي فَزَادَتْ
عُمْرِي نَدًى وَبِسِحْرِهَا تَسْتَبْرِحُ
إِنْ غِبْتِ ضَاعَ النُّورُ مِنْ أَكْوَانِنَا
وَتَنَكَّرَتْ نَسَمَاتُنَا لَوْعَةً وَتَجَرَّحُ
يَا نَفْحَةَ الْحُلْمِ الَّذِي لَا يَعْقَبُ
مَهْمَا تَنَاءَى الدَّهْرُ عَنَّا أَوْ يَنِحُ
وَإِذَا نَأَيْتِ فَكُلُّ عِطْرٍ ذَابِلٌ
وَكُلُّ نَفْحَةِ زَهْرِ رَوْضٍ تَجْتَحُحُ
أَبْكِي فَقَدْ جَفَّتْ نَسَائِمُ وَجْدِي
وَتَنَاثَرَتْ مِنِّي الْحُلُومُ وَيُسَبِّحُ
لَوْ كَانَ لِلشَّوْقِ الْمُبَرِّحِ مَنْزِلٌ
لَجَعَلْتُهُ فِي مُهْجَتِي لَهَا أُطَرِّحُ
مَنْ لِي إِذَا مَرَّتْ رِيَاحُ غِيَابِكِ
إِلَّا الدُّمُوعُ بِالْحُزْنِ وَزَفْرَةٌ تَتَشَبَّحُ
إِنِّي سَأَبْقَى فِي الْهَوَى مُتَوَسِّدًا
عِطْرَ النَّسَائِمِ فِي دِمَائِي مُسَبِّحُ
وَإِذَا تَنَفَّسَ فِي الْمَجَالِسِ ذِكْرُكِ
خَفَقَتْ قُلُوبُ الْعَاشِقِينَ وَأُكْرَحُ
1280
قصيدة