عدد الابيات : 37
سَلامٌ عَلَى شَاهِرٍ فِي جَنَانِهِ
تَنَامَت مَعَ الأَرواحِ فِي الحُبِّ دَائِقِ
رَحَلتَ وَفِي العَينِ الحَنِينُ مُبَكِّرًا
وَفِي القَلبِ ذِكرَاكَ الحَنونُ المُوَافِقِ
وَلَكِن غَلَبتَ الناسَ أَن تَتبَعَ الهَوى
وَفاءً يَروقُ العَينَ مِن كُلِّ رَائِقِ
فَمَا زَلتَ تَحيا فِي القُلُوبِ بِنُورِكَ
وَتَنسَابُ فِي ذِكرى الزَمَانِ المَرَافِقِ
كَأَنَّكَ نَجمٌ فِي السَماءِ مُشِعٌّ
يُضِيءُ بِذِكرٍ فِي اللَيَالِي الرَوَائِقِ
رَحَلتَ وَمَا زَالَ الوَفَاءُ يَسِيرُنَا
وَنَبكِي عَلَى فَقدِ الشُمُوخِ الشَوَائِقِ
وَكَم كُنتَ مِثلَ الغَيثِ فِي كُلِّ مَرحَلٍ
تَرُوي القُلُوبَ بِالمَحَبَّةِ صَادِقِ
وَإِن غَبتَ فِي الدُنيَا فَإِنَّكَ حَاضِرٌ
بِذِكرِكَ فِي العُمرِ الَّذي لَا يُفَارِقِ
فَسِيرُوكَ يَشهدُونَ الحَياةَ بِعِزَّةٍ
وَفِي صَوتِهِم أَصدَاءُ دَهرٍ مُتَابِقِ
وَكُنتَ أَمَامَ الرِيحِ كَالصَخرِ ثَابِتًا
وَفِي كُلِّ دَربٍ كُنتَ نَجمًا مُنَاسِقِ
فَفَقدُكَ لَيسَ كَالفِراقِ الَّذِي نَرَاهُ
وَلَكِنَّهُ فِي النَفسِ جُرحٌ يُمَارِقِ
فَسَلامٌ عَلَيكَ فِي الرُبَى وَفِي الدُنا
تَرَكتَ وِرَاثَ الحُبِّ فِي كُلِّ مَائِقِ
فَمَا غَابَ نُورُكَ عَن قُلُوبٍ أَحَبَّت
وَمَا زَالتِ الأَعيُنُ فِي الحُزنِ شَائِقِ
وَأَدرَكتَ مَن قَد كانَ قَبلَكَ عامِلاً
بِضِعفَينِ مِمّا قَد جَبى غَيرَ راهِقِ
فَفِي كُلِّ ذِكرٍ كُنتَ سِرَّ بَهَائِهِ
وَبَينَ الخُطى كُنتَ الطَريقَ الوَاثِقِ
فَنَحنُ نُرَاكَ فِي كُلِّ وَجهٍ جَمِيلٍ
وَنَذكُرُكَ فِي صَمتِ الوُجودِ الرَفَائِقِ
فَسُبحَانَ مَن رَفَعَكَ عِندَهُ شَاهِدًا
وَأَبقَى لَنَا مِن ذِكرِكَ العِطرَ بَائِقِ
رَحَلتَ وَفي القَلبِ الحَنِينُ لِمَوطِنٍ
وَفِي الرُوحِ ذِكرَاكَ النَبِيلَةُ دَائِقِ
فَكَم غَابَتِ الأَعيُنُ بَعدَكَ حُزنَها
وَفِي الصَدرِ نَارٌ فِي الضُلُوعِ الحَرَائِقِ
وَلكِنَّ رُوحَ الشَوقِ فِي قَلبِ أُمتِي
يَسِيرُ كَطَيفٍ فِي الحَنَايَا الرَوَائِقِ
أَبَا النُورِ، قَد كُنتَ العَزِيزَ لِنَفسِنَا
وَسَارَت بِكَ الدُنيا بِكُلِّ المَرَافِقِ
وَفِي كُلِّ خَيرٍ كُنتَ تَزرَعُ حِكمَةً
تُفِيضُ نُبُوغًا كَالشُجَاعِ الوَثَائِقِ
فَسِيرتُكَ الخَضراءُ لَا زَالت تُعَانِقُ
رِبَى العِلمِ فِي قَلبِ الزَمَانِ المُشَائِقِ
وَفِي كُلِّ يَومٍ نَذكُرُ الفَخرَ بَعدَكُم
كَأَنَّكُمُ فِي كُلِّ طَيفٍ مَلائِقِ
فَأَنتَ العَزُوزُ الذِي لَا يُغَادِرُهُ
خَيَالٌ، وَقَلبٌ فِي الشَمُوخِ الرَوَائِقِ
وَإِذَا غَابَتِ الأَيَّامُ فِي لَيلِ غُربَةٍ
فَذِكرَاكَ نُورٌ فِي الدُرُوبِ الشَائِقِ
أَبَا النُورِ، مَا زِلتَ فِي النَفسِ حَاضِرًا
كَأَني أَرَاكَ فِي سَمَاءِ الخَلَائِقِ
وَفِي كُلِّ لَفظٍ كُنتَ تَكتُبُ حِكمَةً
تُبَارِكُها الأَجيالُ مِن كُلِّ نَائِقِ
فَغَبتَ وَفِي الرُوحِ البَقاءُ لِذِكرِكُم
وَفِي نَفسِنَا بُشرى تُفِيضُ العَوَائِقِ
وَفِي الحِكمَةِ الخَضراءِ أَورَاقُ سِيرَتِكُم
تَحُطُّ كَطَيرٍ فِي الحَيَاةِ الرَوَافِقِ
فَلَا زِلتَ فِي النَفسِ الشَمُوخُ كَمَا بَقَت
أَرَاكَ عَلَى الأَهدَابِ فِي كُلِّ فَائِقِ
وَإِذَا غَادَرنَا، كُنتَ بَينَ قُلُوبِنَا
كَظِلٍّ يَعُودُ فِي السَماءِ الدَوَائِقِ
فَسِيرتُكَ الخَضراءُ تَغفُو بِأُفقِهَا
وَفِي كُلِّ دَربٍ نَحوَ عَهدِكَ نَائِقِ
وَفِي كُلِّ قَلبٍ كُنتَ تَزرَعُ وَدَّكُم
فَأَنتَ المُحِبُّ الدَائمُ الوَصلِ صَادِقِ
وَلكِنَّ ذِكرَاكَ الَّتي لَا تَغِيبُ بَاقِيَةٌ
تَسِيرُ عَلَى العُمرِ بِخُطوَاتِ الفَوَائِقِ
فَغَبتَ، وَلَكِن فِي الضَمِيرِ تَسَكَّنَت
تَفُوحُ كَعِطرٍ فِي الرِيَاضِ المَشَائِقِ
1280
قصيدة