عدد الابيات : 19
أَبْكِي فِرَاقَكِ، وَالدُّنْيَا مُعَاتِبَةٌ
وَالدَّمْعُ فِي مُقْلَتِي سَيْفٌ لَهُ نَقَمُ
أَبْكِي وَقَلْبِي كَسِيرٌ لَا جَبِيرَ لَهُ
إِلَّا اللِّقَاءُ، وَهَلْ فِي الْعَوْدِ مُحْتَكَمُ؟
يَا غَائِبَةً عَنْ عُيُونِي لَسْتِ غَائِبَةً
عَنْ مُهْجَتِي، فَلَهَا فِي ذِكْرِكِ نَسَمُ
كَيْفَ السَّبِيلُ إِلَى لُقْيَاكِ فِي أَمَلٍ
يَسْعَى إِلَيَّ، وَلَكِنْ دُونَهُ ظُلَمُ؟
مَا كَانَ وَصْلُكِ إِلَّا نُورَ مُبْتَهَجٍ
فَصَارَ بَعْدَكِ نَارًا تَحْرِقُ الْأَلَمَ
كُنْتِ السَّمَاءَ لِقَلْبِي وَهِيَ مُنْفَتِحَةٌ
وَالْيَوْمَ كَانَتْ بَرَاقِيعًا بِهَا حُلُمُ
قَدْ كُنْتِ شَمْسَ الْحَيَاةِ الَّتِي أَبْصَرَتْ
بِهَا الدِّيَارُ وَكَانَ النُّورُ يَبْتَسِمُ
وَالْآنَ كُلُّ الدُّنَا لَيْلٌ يُغَشِّينِي
وَالصَّمْتُ فِي رِحْلَتِي نَايٌ بِهِ نَدَمُ
لَيْلِي طَوِيلٌ وَلَا نَجْمٌ يُؤَانِسُنِي
إِلَّا شُجُونٌ بِهَا الْأَرْوَاحُ تَصْطَدِمُ
إِنْ جَاءَ طَيْفُكِ زَارَنِي مُسَلِّيًا
وَإِنْ تَأَخَّرَ زَادَ الْحُزْنُ وَالظُّلَمُ
كَمْ طَالَ صَبْرِي عَلَى هَجْرٍ بِهِ سَكَنَتْ
فِي جَوْفِهِ أَحْزَانِي لَهَا الْهِمَمُ
وَاللَّهِ لَوْ كَانَ دَمْعِي بَابَ رَاحَتِكُمْ
لَسَالَ حَتَّى تَرَاكَمْ فَوْقَهُ الْأُمَمُ
لَا عَيْنَ صَبْرِي عَلَى دَهْرٍ يُغَالِبُنِي
وَلَا الْجِرَاحُ الَّتِي فِي الْقَلْبِ تَلْتَئِمُ
وَكَيْفَ يَسْكُنُ حُزْنِي فِي تَجَلُّدِهِ
وَأَنْتِ مِنِّي كَحُرِّ الشَّمْسِ وَالْعَلَمِ
إِنِّي لَفِي هَجْرِكُمْ صَبٌّ يُكَلِّمُنِي
كُلُّ الرِّيَاحِ فَلَا يُغْنِي لَهُ الْكَلِمُ
وَالْجِسْمُ بَعْدَكِ بَاتَ الرُّوحُ تُسْكِنُهُ
وَلَكِنَ الْقَلْبَ فِي الدُّنْيَا لَهُ هِيمُ
مَا لِي أَرَى الْكَوْنَ وَالْوَصْلَ مُقْفِرٌ
حَتَّى الْخَمَائِلُ صَارَتْ بِهَا الْأَرْقَمُ
يَا مَنْ غَدَوْتِ وَمَا أَحْيَتِ مُغْتَرِبًا
إِلَّا الْحَنِينُ وَفِي أَشْجَانِهِ قَسَمُ
هَذَا الْفِرَاقُ وَكَمْ فِي الْعَيْنِ مِنْ أَلَمٍ
يَشْكُو الْفُؤَادُ وَمَا لِلدَّمْعِ مِنْ أثَمُ
1139
قصيدة