عدد الابيات : 24
لَا تَشْتَكِ الدَّهْرَ، فَالدُّنْيَا بِهَا نِقَمُ
كَمْ أَوْجَعَ الدَّهْرُ قَلْبًا طَاهِرَ الشِّيَمِ
لَا يَعْرِفُ الْجُرْحَ إِلَّا مَنْ بِهِ سَقَمٌ
وَالْأَلَمُ يُوجِعُ الْعَطْشَانَ فِي الظُّلَمِ
إِنَّ الشِّكَايَةَ نَقْصٌ، لَا تَزِدْ شَجَنًا
كَمْ مِنْ ضَعِيفٍ رَأَى فِي بَثِّكَ التُّهَمِ
لَا تَطْلُبِ الْعَدْلَ مِمَّنْ عَاشَ فِي دَعَةٍ
قَدْ يُضْحِكُ الظُّلْمُ مَنْ فِي رَاحَتَيْهِ نِعَمِ
إِنْ تَشْتَكِ لِصَنَمٍ، قَدْ كَانَ مِنْ حَجَرٍ
فَالصَّمْتُ أَوْلَى، فَمَنْ يَدْعُو إِلَى صَنَمِ
وَإِنْ شَكَوْتَ لِمَنْ تُرْضِيهِ آهَاتُكَ
زَادَ الْأَذَى، وَكَسَتْكَ الْخِزْيَ وَالنَّدَمِ
هَلْ تَنْفَعُ الدَّمْعَةُ الْحَرَّى لِمَنْ وَطَنٌ
قَدْ هَدَّهُ الْقَهْرُ أَوْ ضَاعَتْ بِهِ الْعَظَمِ
كَمْ خِبْتُ ظَنًّا، وَكَمْ أَهْدَيْتُ وِدَّهُمُ
فَمَا حَفِظْتُ سِوَى الْوَيْلِ الَّذِي عَصَمِ
كَمْ كُنْتُ جِسْرًا، لِمَنْ أَهْوَاهُمُ فَرِحُوا
مَشَوْا عَلَى أَضْلُعِي، مَرُّوا بِلَا نَدَمِ
دَاسُوا فُؤَادِي، وَذَاكَ الْقَلْبُ مَنْزِلُهُمْ
أَيُّ الْوَفَاءِ لِمَنْ، مَا رَاقَهُ الْقَسَمِ
لَا الْيَأْسُ يُهْزِمُنِي، لَا الْحُزْنُ يُكْسِرُنِي
جُرْحِي عَنِيدٌ، وَيَشْفِي لَسْعُهُ الْأَلَمِ
أَجْرَعْ دُمُوعَكَ، لَا تُبْدِ الْحُزْنَ، فَاصْطَبِرْ
فَاللَّيْلُ يَحْرِقُ شَمْعَ النُّورِ مُبْتَهِِمِ
كَبِّلْ هُمُومَكَ، وَاجْعَلْ ظَهْرَهَا فَرَسًا
وَارْكُضْ كَسَيْفٍ، إِذَا اشْتَدَّتْ بِهِ النِّقَمِ
فَالْخَيْرُ خِلٌّ، وَلَكِنْ فِي الْفُؤَادِ لَهُ
قَلَقٌ، يُذِيبُ حَنِينَ الطَّيِّبِ فِي الظُّلَمِ
وَالشَّرُّ ذِئْبٌ، خَبِيثٌ، مَاكِرٌ نَهِمٌ
يَفْتَرِسُ الْعُمْرَ، إِنْ غَفْوَةَ مِنْ هَرَمِ
كُنْ ذَا دَهَاءٍ، وَلَا تَخْشَى لَهُمْ سُبُلًا
فَالْمَكْرُ قَدْ صَارَ فِي الْأَيَّامِ كَالْعَلَمِ
فَالْمَالُ يُعْبَدُ، وَالْجَاهَا لَهُ سَجَدَتْ
كُلُّ الْعُقُولِ، وَمَا نَجَّى بِهِ قَلِمِ
وَالْأَقْوِيَاءُ طُغَاةٌ، لَيْسَ يَحْكُمُهُمْ
إِلَّا سُيُوفٌ، تَفِيضُ الْمَوْتَ مِنْ خَتَمِ
شَكْوَاكَ نَقْصٌ، فَدَعْهَا، لَا تُعَذِّبْ بِهَا
قَلْبًا يُصَارِعُ أَوْجَاعًا مِنَ الْوَهْمِ
هَلْ غَيْرُ رَبٍّ إِلَى الْمَظْلُومِ مُلْتَجَأٌ؟
مَنْ غَيْرُهُ نَرْتَجِي عَوْنًا وَنَعْتَصِمِ
كُنْ حَكِيمًا، تَرَ الدُّنْيَا بِهَا خَدَعٌ
وَالنَّاسُ فِيهَا ظِبَاءٌ، بَعْضُهَا غَنَمِ
يَتَقَاتَلُونَ عَلَى اللَّاشَيْءِ، مُعْتَكِفُوا
عَلَى السَّرَابِ، وَهُمْ فِي الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ
لَا تَشْتَكِ الدَّهْرَ، بَلْ كُنْ سَيِّدَ الْأَلَمِ
وَاصْبِرْ، فَإِنَّ الَّذِي يَحْكُمُهُ حَكَمِ
1051
قصيدة