الديوان » عمار شاهر قرنفل - الرحال » سحر الجمال الخالد

عدد الابيات : 44

طباعة

إِلَيْكِ يَا سَارَةُ، نُورَ الْحُسْنِ وَالظَّفَرِ

وَيَا سِرَّ قَلْبِي، يَا مَلَاكَ الْهَوَى الْأَغَرِ

شِفَاهُكِ... كَالْفَجْرِ إِذْ يَنْبُجُ عَنْ قُبَلٍ

تُحْيِي رَمَادَ الرُّوحِ فِي جَسَدٍ مُحْتَضِرِ

أَيَا سَارَةَ، شَفَتَاكِ مَنْبَعُ أَسْرَارِي

وَنَهْرُ عِطْرِي، وَسِرُّ الْكَأْسِ وَالسُّكُرِ

كَأَنَّهَا خَمْرٌ تُدَاعِبُ مُهْجَتِي طَرَبًا

وَأَنْتِ كَالْبَدْرِ فِي الْآفَاقِ لَمْ يُقَرِ

رَحِيقُهَا شِعْرٌ، وَلَفْظٌ، وَمُعْجِزَةٌ

لَمْ يُبْدِعِ الْقَوْلَ مِثْلَهَا لَبِيدٌ أَوْ زُهَرِ

أَيَا حُبَّ قَلْبِي، شَفَتَاكِ كُلُّ مَا لَفَظَتْ

بُوحٌ تَوَارَى بِهِ الْوَرْدُ وَالْمَطَرِ

فَمُكِ الْمُحَيَّا... مِحْرَابٌ لِعَاشِقِهِ

وَصَوْتُهُ وَتَرٌ يُدَاعِبُ كُلَّ مَنْ حَضَرْ

أَنْتِ الْجَمَالُ، وَشَفَتَاكِ مُعْجِزَةٌ

مَا جَاءَ مِثْلُهَا غَزَّالٌ أَوْ عَصَرِ

أَيَا تَاجَ رُوحِي، مَلِيكَتِي وَمَعْبَدِي

سَارَةَ، فِيكِ أَرَى دُنْيَايَ وَالسُّوَرِ

تَحَدَّيْتُ بِاسْمِكِ لَبِيدًا وَمُعَلَّقَتَهُ

فَأَيْنَ هُمُ مِنْ شِفَاهٍ فَوْقَهَا قَمَرِ؟

فَإِنْ أَتَوْكِ بِشِعْرٍ، قُلْتُ: إِنَّهَا

شِفَاهُ سَارَةَ... وَالْمَدْحُ لَمْ يَكُ مُزْدَهِرِ

خُذِينِي إِلَيْكِ، فَفِي ثَغْرِكِ دُنْيَتِي

وَفِيكِ أَسَرْتُ عُمْرَ الشِّعْرِ وَالزَّهَرِ

أَيَا سَارَةَ، ثَغْرُكِ الْحُلْوَى وَمَمْلَكَتِي

وَكُلُّ مَا فِيكِ أَسْرَارٌ مِنَ الدُّرَرِ

شِفَاهُكِ الْحُمْرُ تَرْوِي ظَامِئًا أَبَدًا

كَأَنَّهَا الْمَزْنُ يَسْقِي صَحْرَةَ الْفَقَرِ

كَأَنَّهَا الْوَعْدُ، كَأَنَّ اللَّهَ أَوْدَعَهَا

كُلَّ الْجِنَانِ لِتُحْيِيَ قَلْبَ مُفْتَتِرِ

إِذَا ابْتَسَمْتِ، تَرَاقَصَ نُورُ مِبْسَمِهَا

كَمَا يُرَاقِصُ صُبْحَ الْفَجْرِ مُنْتَظِرِ

وَفِي فَمِكِ الْعَذْبِ نُطْقٌ لَيْسَ يَبْلُغُهُ

شُعَرَاءُ دَهْرٍ وَلَا أَسْفَارُ مُفْتَكِرِ

وَيَا لِعَيْنَيْكِ! كَالْبَحْرَيْنِ لَوْ نَظَرَا

إِلَى الْكَوَاكِبِ لَارْتَابَتْ مِنَ الْقَدَرِ

هُمَا لُجَجٌ مِنْ ضِيَاءٍ، لَا انْتِهَاءَ لَهَا

وَكُلُّ مَا فِيهِمَا، عِشْقٌ بِلَا حَذَرِ

أَيَا حَبِيبَةَ عُمْرِي، هَلْ رَأَى الْبَصَرُ

يَوْمًا جَمَالًا يُغَنِّي عَنْ كُلِّ بَصَرِ؟

كَأَنَّ شَفَتَيْكِ سِرُّ الْكَوْنِ، إِنْ نَطَقَتْ

بِهَا الْحُرُوفُ، تَوَلَّتْ سِرَّ مَا ابْتَكَرِ

كَأَنَّهَا الْعِطْرُ إِذْ يَسْرِي بِرَائِحَةٍ

فَيَمْلَأُ الدُّنْيَا حُبًّا دُونَمَا خَبَرِ

تَحَدَّيْتُ الدَّهْرَ أَنْ يَأْتِيَ بِمَا وُهِبَتْ

سَارَةُ، وَالدَّهْرُ يَخِرُّ صَامِتَ الْأَثَرِ

فَقُلْتُ: "يَا زُهَرَ الشُّعَرَاءِ، هَلْ أَتَى

فِيكُنَّ مَنْ يَرْقَى لِثَغْرٍ مِنْ ضِيَاءِ سِرَرِ؟"

وَيَا لَبِيدًا، خُذِ الشِّعْرَ الَّذِي كَتَبُوا

وَعُدْ فَقُلْ: "لَمْ يَكُ شِعْرِي سِوَى هَذَرِ"

فَإِنَّ سَارَةَ أَبْدَعَتْ فِي حُسْنِهَا أَمَلًا

لَمْ تَبْلُغِ الْخَلْقَ مِنْهُ لَحْظَةُ الْبَصَرِ

أَيَا مَلِيكَةَ قَلْبِي، كُنْتُ مُعْجِزَةً

حَتَّى وَجَدْتُكِ، فَانْثَالَتْ يَدِي بِحَرِ

لِأَكْتُبَ الشِّعْرَ مَسْحُورًا بِحُسْنِكِ يَا

سَارَةَ، فَمَا الشِّعْرُ إِلَّا طَيْفُكِ الْأَزْهَرِ!

إِذَا تَحَدَّثْتِ، تَرَاقَصَتْ نُجُومُ الْهَوَى

وَأَصْبَحَ اللَّيْلُ فِي نُطْقِكِ كَالسَّحَرِ

كَأَنَّ صَوْتَكِ أَوْتَارٌ مُعَلَّقَةٌ

عَلَى قُلُوبِ الْعُشَّاقِ دُونَمَا وَتَرِ

وَيَا لِرُوحِكِ، مَا أَحْلَاكِ مِنْ أَمَلٍ

فِيهِ اسْتَقَامَتْ ظُنُونُ الْعَاشِقِ السَّفَرِ

يَا سَارَةَ، الْفَمُ قُبْلَةُ الْخَلْقِ، إِنْ رَسَمَتْ

شِفَاهُكِ مَعْنَى الْغَرَامِ فَوْقَ مُبْتَدَرِ

أَنْتِ الْقَصِيدَةُ، بَلْ أَنْتِ الْمُعَلَّقَةُ

عَلَى جِدَارِ الْخُلُودِ، حُسْنُكِ مُفْتَخَرِ

أَنْتِ الَّتِي فِيكِ تَاهَ الْعَقْلُ وَانْكَسَرَتْ

أَقْلَامُ شُعَرَاءِ دَهْرِي عَنْكِ فِي النَّظَرِ

إِذَا أَتَيْتُ أُحَيِّي فِيكِ عَاطِفَتِي

رَأَيْتُ فِيكِ الْهَوَى يَسْرِي كَمَا الشُّرَرِ

عَيْنَاكِ سَاحِرَتَانِ، إِنْ رَمَقْتُهُمَا

ضِعْتُ، وَضَاعَ الْهَوَى فِي لَحْظَةِ الْقَدَرِ

شَفَتَاكِ تَاجُ الْمُلُوكِ، بَلْ كَأَنَّهُمَا

بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ الْخَضْرَاءِ فِي السَّحَرِ

لَوْ كَانَ لِي أَنْ أُبَارِزَ كُلَّ مَنْ نَطَقُوا

فِي الْغَزَلِ، مَا بَلَغَتْ أَقْلَامُهُمْ أَثَرِي

فَأَنَا الَّذِي حِينَ صَاغَ الْحُبُّ أُغْنِيَتِي

كُنْتُ الْحَبِيبَ الَّذِي فِي سَارَةَ ازْدَهِرِ

يَا حُسْنَ سَارَةَ، يَا لَحْنًا عَلَى شَفَتِي

وَيَا يَقِينًا، عَلَى خَدَّيْكِ قَدْ سُطِرِ

مَا زِلْتُ أَكْتُبُ، وَالْأَنْوَارُ تُحْرِقُنِي

وَأَنْتِ شِعْرِي، وَمَأْوَايَ، وَمُبْتَكَرِي

أَيَا شُعَرَاءَ، قِفُوا إِجْلَالًا لِسَارَةَ، فَهْيَ

الَّتِي كَسَرَتْ قَوَاعِدَ الْمُعَلَّقَاتِ مِنَ الْأَثَرِ

وَيَا لَبِيدًا، دَعِ الشُّعَرَاءَ فِي خَجَلٍ

فَالْحُسْنُ فِي شَفَتَيْهَا جَاءَ فِي أُطُرِ

سَارَةَ، أَنْتِ الْقَصِيدَةُ، أَنْتِ مُعْجِزَتِي

وَفِيكِ خَتَمْتُ كُلَّ الْقَوْلِ وَالْبَشَرِ

نبذة عن القصيدة

المساهمات


معلومات عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

عمار شاهر قرنفل - الرحال

1074

قصيدة

عمار شاهر قرنفل، كاتب وشاعر ومدوّن، يحمل دبلومًا في القانون الدولي من كلية الحقوق بجامعة حلب. وُلد في سلقين في 31 مارس 1972، فكان للحروف فيه ميلاد آخر. عاشق للشعر، رحّال بين الكلمات والمعاني،

المزيد عن عمار شاهر قرنفل - الرحال

أضف شرح او معلومة