عدد الابيات : 90
طباعةسَأُنْشِدُ مِنْ بَدِيعِ الشِّعْرِ دُرًّا
تَتِيهُ بِهِ الْقَوَافِي فِي تَوَقُّدِ
وَأَرْفَعُ رَايَةَ الْبَلَاغَةِ فَخْرًا
كَأَنِّي مِنْ فُحُولِ الشِّعْرِ مُفْرَدِ
سَأَرْوِي عَنْ كِرَامِ النَّاسِ عِزًّا
وَأُسَطِّرُ لِلْمَكَارِمِ خَيْرَ مَشْهَدِ
فَإِنَّ الْفَخْرَ يَزْهُو فِي رِجَالٍ
كِرَامٍ فِي الْمَعَالِي ذَاتِ مَوْرِدِ
وَفِيهِمْ لِلْعُلَا عَزْمٌ وَبَأْسٌ
كَمَا شَمَخَتْ جِبَالُ الْعِزِّ بِالْغَدِ
سَتُبْنَى الْمَدَائِحُ الْغَرَّاءُ عَنِّي
لِصَرْحِ الْمَجْدِ وَالْعِزِّ الْمُشَيَّدِ
كَرِيمٌ فِي الْوَرَى خُلُقًا وَصِدْقًا
وَفِي السَّادَاتِ ذُو قَدْرٍ مُمَجَّدِ
تَرَاهُ إِذَا السَّمَاحُ سَمَا بِرَفْعٍ
يُفِيضُ الْعِزَّ مِنْ كَفٍّ مُسَدَّدِ
فَلَيْسَ يُجَارُ فِي عَزْمٍ وَمَجْدٍ
وَلَيْسَ يُضَامُ فِي خَطْبٍ مُهَدَّدِ
إِذَا مَا الْعُسْرُ ضَاقَ فَكَانَ لَيْلًا
أَضَاءَ النُّورَ مِنْ خُلُقٍ مُؤَيَّدِ
بَرَاحِ الْكَفِّ، بِالْإِيثَارِ جَادًا
وَبِالْعُلْيَا، وَبِالنَّهْجِ الْمُسَدَّدِ
بِنَاءُ الْفَخْرِ مِنْ عُلْيَاهُ قَامَتْ
دَعَائِمُهُ بِصِدْقٍ لَا بِمُفْسِدِ
لَهُ الشَّرَفُ الْعَتِيدُ بِكُلِّ فَخْرٍ
وَفَاءٌ، وَالنَّدَى بَحْرٌ بِلَا حَدِّ
لَئِنْ رَامَ الْكِرَامُ بُلُوغَ فَخْرٍ
فَمَجْدُ الْقَوْمِ عَنْ ذِكْرٍ لَهُ يَدِ
وَلَيْسَ الْبِرُّ فِي الْأَقْوَالِ نَثْرًا
وَلَكِنْ فِي الْفِعَالِ وَبِالتَّخَلُّدِ
فَهَنَّانُو الَّذِي عَزَّتْ ذُرَاهُ
مَقَامٌ فِي الْعُلَا يُحْكَى بِمُسْنَدِ
إِذَا مَا الْخَطْبُ جَاءَ بِغَيْمِ لَيْلٍ
أَضَاءَ النُّورَ فِي فَجْرٍ مُؤَبَّدِ
هَا هِيَ الْقَصِيدَةُ قَدْ أَتَتْكَ عَلَى
نَهْجِ الْكِرَامِ، بَيَانًا فِي التَّرَفُّدِ
فَإِنْ جَاوَزْتُهُ فَالْحَمْدُ رَبِّي
وَإِنْ قَصَّرْتُ، فَالْعُذْرُ الْمُنْشِدِ
فَيَا مَجْدًا تَعَالَتْ فِيكَ رُوحٌ
سَمَتْ فَخْرًا كَعِزِّ السَّيْفِ مُغْمَدِ
وَفِيكَ النُّبْلُ، وَالْإِخْلَاصُ دُرٌّ
يُضِيءُ كَمَا يُضِيءُ النَّجْمُ فَرْقَدِ
فَمَا جُبِلَتْ يَدَاكَ عَلَى دَنَاءٍ
وَلَا خُلُقُ اللَّئِيمِ بَدَا بِمَشْهَدِ
وَلَكِنَّ السَّخَاءَ أُصُولُ بَيْتٍ
يُظَلِّلُ بِالْعُلَى نَسْلًا مُمَجَّدِ
وَإِنْ قِيلَ الْوَفَاءُ، فَذَاكَ نَهْجٌ
بِهِ قَدْ كُنْتَ بِالدُّنْيَا مُتَفَرِّدِ
وَفِيكَ الصِّدْقُ وَالْإِيثَارُ يُرْوَى
كَمَا يُرْوَى الثَّرَى غَيْثُ الْمُبَدِّدِ
أَيَا هَنَّانُو، أُسْدُ الْعِزِّ إِنِّي
أُسَطِّرُ مَدْحَكُمْ شِعْرًا مُرَدَّدِ
فَكَمْ فِي النَّائِبَاتِ تَظَلُّ رُكْنًا
وَكَمْ تُعْطِي الْقُلُوبَ نَدًى بِمَقْصِدِ
كَرُمْتَ فَكَانَ كَرَمُكَ لَا يُجَارَى
وَعِزَّتُكَ الَّتِي تَعْلُو بِسُؤْدَدِ
وَفِيكَ مِنْ مَعَانِي الْحِلْمِ عَرْشٌ
لَهُ فِي الْمَجْدِ أَعْلَامُ الرَّائِدِ
فَلَا زَالَتْ دِيَارُكَ فِي رَخَاءٍ
وَلَا زَالَتْ يَدُ الْعَلْيَاءِ تَتَمَدَّدِ
وَفِي ظِلِّ الْوَفَاءِ تَظَلُّ عَالِيًا
مَقَامُكَ فَخْرُ عِزٍّ لَا يَتَبَدَّدِ
وَإِنْ تَسْأَلْ عَنِ الْمَجْدِ الْمُعَلَّى
فَفِيكَ الْمَجْدُ مُتَّصِلٌ بِمَوْرِدِ
جَلِيلُ الْقَدْرِ، سَامِي النَّفْسِ حُرٌّ
تُهَابُ إِذَا دَنَا خَصْمٌ مُلَبَّدِ
تُطَاوِلُ هَامَةُ الْأَجْيَالِ فَخْرًا
إِذَا قِيلَ الْكَرِيمُ، فَأَنْتَ مُفْرَدِ
فَمَا عَرَفَتْ يَمِينُكَ غَيْرَ جُودٍ
وَلَا عَرَفَتْ خُطَاكَ دُرُوبَ مُفْسِدِ
وَقَارُكَ لِلْقُلُوبِ جَلَالُ بَدْرٍ
لَهُ فِي اللَّيْلِ إِشْرَاقٌ بِمَرْصَدِ
وَحِلْمُكَ لِلْأَنَامِ غَدِيرُ وُدٍّ
يُفِيضُ بِهِ السَّخَاءُ بِغَيْرِ تَرَدُّدِ
أَبَا الْعَلْيَاءِ، يَا عِزًّا تَوَارَى
بِمَجْدِ الْفَاتِحِينَ، وَكَمْ تَفَرَّدِ
وَفِيكَ الْوَفْدُ يَلْقَى الْعِزَّ جُنْحًا
كَأَنَّكَ سَيِّدٌ فِي الْقَوْمِ مُعَبَّدِ
وَفِيكَ الشَّرَفُ يَزْهُو حِينَ يُدْعَى
وَفِيكَ الْعِزُّ عُنْوَانُ الْمُسَدَّدِ
بِكَ التَّارِيخُ يَرْوِي كُلَّ فَخْرٍ
وَيُسَطِّرُ مَجْدَكَ الذِّكْرُ الْمُخَلَّدِ
فَدُمْ أُسْدًا، وَدُمْ عِزًّا وَسَيْفًا
وَدُمْ فَخْرًا تَجَلَّى غَيْرَ مُفْرَدِ
وَإِنْ أَنْسَ الْمَدِيحَ فَلَيْسَ نَسْيًا
مَقَامُكَ تَاجُ عِزٍّ غَيْرُ مُفْتَدِ
وَأَنْتَ النَّجْمُ فِي الْعُلْيَا تَسَامَى
بَرِيقُ الْمَجْدِ فِيكَ ضِيَاءُ مَفْرَدِ
تُحَدِّثُ عَنْكَ أَمْجَادٌ طِوَالٌ
تُشَيِّدُهَا الْمَعَالِي دُونَ مُمَهَّدِ
إِذَا مَا الْخَطْبُ أَعْيَا الْقَوْمَ يَوْمًا
فَأَنْتَ لِمُعْضِلَاتِ الدَّهْرِ مُهْتَدِ
تَصُدُّ الظُّلْمَ، تَأْبَى كُلَّ عَيْبٍ
وَفِيكَ الْحَقُّ كَالسَّيْفِ الْمُهَنَّدِ
وَفَاءٌ لَا يُجَارَى، صِدْقُ عَهْدٍ
تَسَامَى فِيكَ عَنْ قَوْلٍ مُبَدَّدِ
فَلَا خُنْتَ الْوُعُودَ وَلَا جَفَوْتَ
وَلَا بِعْتَ الْوَفَاءَ بِكَفِّ أَنْكَدِ
كَرَامَتُكَ السَّنَا وَالضَّوْءُ فِيهَا
إِذَا اشْتَدَّ الظَّلَامُ تُضِيءُ فِي غَدِ
وَشَرَفُكَ الْمُعَلَّى لَيْسَ يُشْتَرَى
وَمَجْدُكَ صَرْحُ عِزٍّ غَيْرُ مُفْسَدِ
تُفَاخِرُكَ الْجِيَادُ بِدَمِّ عَزْمٍ
وَيَذْكُرُكَ الرِّمَاحُ إِذَا تَجَهَّدِ
كَأَنَّكَ لِلسُّيُوفِ بَيَانُ حَدٍّ
إِذَا انْقَضَّ الزَّمَانُ بِمَوْتِ مُقَيَّدِ
فَدُمْ يَا سَيِّدَ الْإِحْسَانِ فَخْرًا
يُحَلِّقُ فِي الْعُلَى كَالصُّبْحِ أَرْغَدِ
وَدُمْ تَاجًا يُضِيءُ الدَّهْرَ عِزًّا
بِصِدْقٍ لَا يُضَامُ وَلَا يُصْفَدِ
لَقَدْ عَلَوْتَ الْمَقَامَ فَكُنْتَ فَخْرًا
تُفَاخِرُكَ الْمَنَابِرُ فِي التَّفَرُّدِ
تُعَانِقُكَ الْمَكَارِمُ وَهِيَ تَزْهُو
كَأَنَّ الْمَجْدَ وُلِدَ لَكَ الْمَوْلِدِ
إِذَا نَادَى الْكَرِيمُ فَكُنْتَ أَنْدَى
وَإِنْ نَادَى الْجَسُورُ فَكُنْتَ مُحْتَدِ
وَإِنْ سَأَلُوا عَنِ الْأَحْرَارِ يَوْمًا
فَأَنْتَ الْحُرُّ فِي الدُّنْيَا بِلَا ضِدٍّ
تُسَابِقُكَ الْعُلَى شَرَفًا وَعَزْمًا
كَأَنَّكَ لِلْفَضَائِلِ صَرْحُ مَرْصَدِ
وَفَاءُ الْقَلْبِ مِنْكَ سِرَاجُ نُورٍ
بِهِ الدَّهْرُ الْمُكْفَهِرُّ بَدَا مُسْعَدِ
فَلَا زَالَتْ مَآثِرُكَ اعْتِزَازًا
تُسَطِّرُهَا الْقُلُوبُ بِغَيْرِ تَجَحُّدِ
وَلَا زَالَتْ دِيَارُ الْعِزِّ تُعْلِي
لِوَاءَكَ فَوْقَ هَامِ مَجْدِ لِلْأَبَدِ
فَأَنْتَ السَّيْفُ إِنْ عَزَّتْ سُيُوفٌ
وَأَنْتَ الْحِصْنُ إِنْ خَانُوا الْمُوَاعَدِ
وَأَنْتَ النُّورُ فِي لَيْلِ الْمَعَالِي
تُضِيءُ الدَّرْبَ لِلْعُلْيَا وَتَهْتَدِي
إِذَا مَا الْخَيْرُ ضَاقَ بِبَابِ قَوْمٍ
فَأَنْتَ لِكُلِّ مُحْتَاجٍ كَمُسْنَدِ
وَإِنْ جَفَّتْ يَنَابِيعُ الْعُلَى يَوْمًا
فَمِنْ كَفَّيْكَ يُسْتَسْقَى بِمَوْرِدِ
كَرِيمُ الْأَصْلِ، مَجْبُولٌ بِعِزٍّ
تَسَامَى فَوْقَ أَنْسَابٍ وَمَمْتَدِ
فَلَا نِدٌّ يُضَاهِي الْعِزَّ فِيكَ
وَلَا فِي النَّاسِ مِنْ فَخْرٍ يُعَدَّدِ
عَظِيمُ النَّفْسِ، لَمْ تَنْحَنِ يَوْمًا
وَلَمْ تُعْطِ الدَّنِيَّةَ لِلْمُسَوَّدِ
فَسِرْ وَالْمَجْدُ يَعْلُوكَ افْتِخَارًا
وَسِرْ وَالْعِزُّ رَايَاتٌ بِمَقْعَدِ
فَأَنْتَ الصَّرْحُ لَا تَهْوِي أُصُولٌ
وَأَنْتَ الْفَخْرُ لَا يُمْحَى بِمَحْشَدِ
يُخَلِّدُكَ الزَّمَانُ بِكُلِّ حُسْنٍ
وَتَحْيَا خَالِدًا رَغْمَ التَّبَعُّدِ
فَيَا ابْنَ الْعِزِّ، يَا نَجْمًا تَسَامَى
عَلَى هَامِ الْكَوَاكِبِ فِي التَّفَرُّدِ
جَعَلْتَ الْمَجْدَ مِيرَاثًا عَرِيقًا
فَأَنْتَ الْأَصْلُ فِي شَرَفٍ وَسُؤْدَدِ
جَوَادٌ لَا تُجَارَى فِي عَطَايَا
كَغَيْثِ الْمُزْنِ فِي الْعَامِ الْأَنْكَدِ
وَإِنْ تَسْأَلْ عَنِ الْإِخْلَاصِ يَوْمًا
فَفِيكَ الصِّدْقُ مَشْهُودُ الْمُسَجَّدِ
إِذَا نَادَى الْوَفَاءُ فَأَنْتَ أَوْفَى
وَإِنْ صَاحَ الْعَطَاءُ فَأَنْتَ مُرْعِدِ
وَإِنْ سَأَلُوا عَنِ الْإِحْسَانِ فَخْرًا
فَأَنْتَ الذِّكْرُ فِي الدَّهْرِ الْمُخَلَّدِ
تَظَلُّ مَدَى الزَّمَانِ لِوَاءَ فَخْرٍ
وَتَبْقَى رَايَةً تَسْمُو بِأَمْجَدِ
وَفِيكَ مِنَ الْمَكَارِمِ كُلُّ مَجْدٍ
وَعَنْكَ الْخَيْرُ فِي الدُّنْيَا مُسْمَدِ
فَدُمْ رَمْزًا، وَدُمْ لِلْمَجْدِ أَهْلًا
وَعِشْ حُرًّا كَرِيمًا غَيْرَ مُفَنَّدِ
فَأَنْتَ الْفَخْرُ لَا يُعْلَى عَلَيْهِ
وَأَنْتَ الْعِزُّ مُذْ كُنْتَ وَإِلَى الْأَبَدِ
فَنَمْ فِي عِزِّكَ السَّامِي قَرِيرًا
فَمِثْلُكَ لِلْعُلَى حُرٌّ وَمُسْعَدِ
وَفِيكَ الْمَجْدُ لَمْ يَبْرَحْ مَقَامًا
فَأَنْتَ الْفَخْرُ مُذْ كُنْتَ كَرِيمًا وَسَيِّدِ
تَبَاهَى الدَّهْرُ إِذْ خَطَّتْ يَدَاكَ
مَعَانِي الْعِزِّ فِي جُودٍ وَسُؤْدَدِ
وَذِكْرَاكَ الْمُضِيئَةُ لَنْ تَزُولَ
كَمِثْلِ النَّجْمِ فِي اللَّيْلِ الْمُسْعَدِ
فَدُمْتَ الْعِزَّ لَا يُعْلَى عَلَيْهِ
وَحُقَّ لَكَ الثَّنَاءُ بِغَيْرِ تَرَدُّدِ
فَأَنْتَ الْمَاجِدُ السَّامِي مَقَامًا
وَأَنْتَ الْمُرْتَجَى فِي كُلِّ شِدِّ
1036
قصيدة