عدد الابيات : 21
يَا شَاهِرَ الْمَجْدِ، هَلْ يُحْصَى لَكَ الْأَثَرُ
كَلَّا، وَكَيْفَ لِمَنْ يَسْمُو لَهُ الْقَدَرُ
إِنِّي ذَكَرْتُكَ إِذْ ضَجَّتْ مَعَالِمُنَا
فَجَاءَ ذِكْرَاكَ نُورٌ يُجْلِي الْكَدَرُ
فَأَنْتَ فِي النَّاسِ نَجْمٌ لَا يُغَيِّبُهُ
لَيْلٌ، إِذَا جَنَّ، أَوْ عَاثَتْ بِهِ الْغِيَرُ
وَأَنْتَ فِي الْحَرْبِ سَيْفٌ، لَا يُفَلُّ لَهُ
قَوْمٌ، وَلَا تَثْنِهِ عَنْ عَزْمِهِ خُطَرُ
وَإِنْ دَعَوْتَ فَكَمْ لَبَّى النِّدَاءَ فَتًى
يَمْضِي كَأَنَّ بِهِ إِعْصَارَهُ الْقَدَرُ
وَكَمْ رَفَعْتَ رُؤُوسًا قَدْ تَهَدَّدَهَا
طُغْيَانُ دَهْرٍ بِهِ الْأَهْوَالُ تَشْتَهِرُ
يَا نَاصِرَ الْحَقِّ، كَمْ زَاغَتْ بَصَائِرُهُمْ
لَكِنَّ رُؤْيَاكَ لَا يَخْبُو لَهَا بَصَرُ
فَأَنْتَ فِي الصِّدْقِ مَاءٌ يَسْتَقِي شَرَفًا
وَأَنْتَ فِي الْجُودِ بَحْرٌ لَيْسَ يَنْحَصِرُ
تَجْرِي الْكَرَامَةُ فِي أَخْلَاقِكَ الشُّمَمِ
كَالْمَاءِ يَسْقِي فَلَا يُثْنِيهِ مُنْحَدَرُ
إِنِّي رَأَيْتُكَ فَوْقَ النَّاسِ قَاطِبَةً
لِأَنَّ فِيكَ مِنَ الْأَحْرَارِ مُفْتَخَرُ
إِذَا تَحَدَّثْتَ، خَرَّ الْخَطْبُ مِنْ رَهَبٍ
وَإِنْ أَمَرْتَ، جَرَى فِي النَّاسِ مَا تَأْمُرُ
وَإِنْ رَمَيْتَ، فَلَا تُخْطِئْ مَقَاصِدَهَا
سَهْمٌ يُصِيبُ، فَلَا يُبْقِي وَلَا يَذَرُ
يَا مَنْ جُبِلْتَ عَلَى الْعَلْيَاءِ مُنْذُ صِبَا
فَأَنْتَ مِنْ أَوَّلِ الْأَزْمَانِ مُزْدَهِرُ
وَكَمْ خَبَرْتُكَ فِي الدُّنْيَا رِضًى وَجِلًا
كَالنُّورِ يُشْرِقُ فِي الْأَعْمَاقِ مُنْتَشِرُ
إِنْ غَابَ شَخْصُكَ فَالْأَرْوَاحُ تَذْكُرُهُ
وَإِنْ مَضَيْتَ فَذِكْرَاكُمْ لَهَا أَثَرُ
يَا وَالِدَ الْفَخْرِ، كَيْفَ الشِّعْرُ يُنْصِفُهُ
وَإِنْ سَمَا، فَهُوَ فِي أَعْتَابِكَ الْحَجَرُ
أَنْتَ الَّذِي رَفَعَ التَّارِيخُ هَامَتَهُ،
وَسَارَ فِي النَّاسِ مَسْرَاكَ الَّذِي يُسَرُ
وَمَا عَهِدْنَاكَ إِلَّا الدَّهْرُ يَخْشَى إِذَا
غَضِبْتَ، وَالْبَأْسُ فِي أَهْدَابِكَ يَزْدَهِرُ
لِلَّهِ دَرُّكَ كَمْ كَانَتْ يَدَاكَ نَدًى
وَكَمْ غَدَوْتَ، وَكَمْ أَعْطَيْتَ، يَا قَمَرُ
بِكَ ابْتَهَيْنَا، وَعِزُّ النَّاسِ عِزُّكَ فِي
دُنْيَا يُظَلِّلُهَا مِنْ مَجْدِكَ الظَّفَرُ
1036
قصيدة