عدد الابيات : 25
عُيُونُهَا سِحْرٌ يُضِيءُ دُجَى الْفِكْرِ
وَخَدُّهَا يُزْهِي نُجُومَ الْأُفُقِ الْمُظْلِمِ
وَشَعِيرُهَا الْمَسْكُوبُ يَنْسَابُ رِقَّةً
كَالنَّهْرِ يَرْقُصُ فَوْقَ جَبْهَةِ الْعَلَمِ
ضَحِكَتُهَا تَسْكُبُ فِي الرُّوحِ انْسِجَامًا
كَالشَّمْسِ تَنْثُرُ نُورَهَا فِي كُلِّ مُنْعَسِمِ
عِطْرُهَا يَمْشِي خَلِيلًا لِلنَّسِيمِ
يَبْكِي الْجَمَالُ وَيَرْوِي غُلَّةَ الْمُتَأَلِّمِ
حَنَانُهَا يَبْنِي سَمَاءً مِنْ رِقَاقَةٍ
تَسْكُبُ دِفْئًا فَوْقَ قَلْبٍ مُتَرَمْلِمِ
رِقَّتُهَا تَسْطُو عَلَى صَمْتِ الزَّمَانِ
وَتُعِيدُ تَأْوِيلَ الْجَمَالِ لِمُسْتَلِمِ
وَجْهُهَا مِثْلُ الْبُدُورِ إِذَا اكْتَسَتْ
حُلَلًا مِنَ النُّورِ تُرَصَّعُ بِالدِّمَمِ
شَعْرُهَا يَحْكِي سَرَابِيلَ الْهَوَى
يَنْسَابُ مِسْكًا فِي رِحَابِ الْمُتَكَلِّمِ
أَنْتِ الَّتِي تَسْكُبُ فِي الْقَلْبِ سُكُونًا
حِينَ الْعَوَاصِفُ تَصْطَلِي لِمُضْطَرِمِ
قِفْ يَا زَمَانُ فَقَدْ بَدَا فِي وَجْهِهَا
سِرُّ الْخُلُودِ وَمِصْبَاحُ كُلِّ مُظْلِمِ
صَوْتُهَا يُغْنِي السَّمَاءَ بِأَلْحَانِهِ
وَيُعِيدُ تَشْكِيلَ الْمَسَاءِ الْمُتَرَمِّمِ
وَالرِّدْفُ يَحْكِي رِقَّةَ الْأَمْوَاجِ فِي
بَحْرٍ مِنَ الْعِطْرِ يَتَدَفَّقُ بِالْعَنَمِ
عَيْنَاكِ تَسْقُطُ فِيهِمَا الشَّمْسُ خَجْلَةً
وَالنَّجْمُ يَرْكُضُ خَائِفًا مِنْ تَأَثُّمِ
أَنْتِ الَّتِي تَحْمِلِينَ فِي طَيِّ خَصْرِكِ
أَسْرَارَ كَوْنٍ يَرْتَعِشُ الْمُتَكَتِّمِ
وَالْجِيدُ يَحْكِي عُنُقَ الظَّبْيِ رِفْقَةً
لَكِنَّهُ أَشْجَى وَأَحْلَى مِنْ مُلَمِّ
خَطْوُكِ يَرْسُمُ فِي الرِّمَالِ حِكَايَةً
مِنْ نَثْرِ أَحْلَامٍ تُنَاجِي الْمُتَرَسِّمِ
وَالْكَفُّ يَسْكُبُ فِضَّةً مِنْ رِقَّتِهَا
تَبْكِي الْجِبَالُ وَتَذْوِي الشَّمْسُ مِنْ أَلَمِ
وَالنَّفَسُ الْمَسْكُوبُ يَمْحُو ظُلُمَاتِهِ
عَنْ كُلِّ قَلْبٍ قَدْ تَجَلْدَى بِالْمَأْتَمِ
أَنْتِ الَّتِي تَسْطُوِينَ فِي لَوْحِ الْقَضَاءِ
قِصَّةَ عِشْقٍ لَا تُرَاجَعُ فِي الْخَتْمِ
وَالْفَمُ يَسْكُبُ عَسَلَ الْأَحْلَامِ فِي
كَأْسِ الْوُجُودِ فَيَشْرَبُ الْكَوْنُ مِنْ فَمِ
وَالشَّعْرُ يَحْمِلُ فِي خُصَلَاتِهِ دَمًا
مِنْ قَلْبِ مَعْشُوقٍ تَشَتَّتَ بِالْهِمَمِ
وَالْخَدُّ يَحْكِي قَمَرًا فِي صَحْوِ لَيْلَةٍ
لَكِنَّهُ أَبْهَى وَأَسْحَرُ مِنْ قِدَمِ
وَالْحُبُّ يَسْكُبُ فِي عُرُوقِ الزَّمَنِ
سُمًّا يُطِيلُ حَيَاةَ الْمَيِّتِ الْهَرِمِ
وَالْوَجْهُ يَرْوِي فِي مَحَارِيفِ الدُّجَى
أَنَّ الْجَمَالَ سَيَبْقَى سَيِّدَ الْأُمَمِ
1058
قصيدة