عدد الابيات : 31
رَأَيْتُ وَجْهَكِ كَالْبَدْرِ الَّذِي يَبْتَسِمُ
يَسْرِي بِنُورِي كَغَيْمٍ خَاشِعٍ خَضِمُ
وَفِي عُيُونِكِ سِحْرٌ لَا يُقَاوِمُهُ
إِلَّا الَّذِي خَلَقَ الْأَكْوَانَ وَالنِّعَمُ
كَأَنَّهَا لُجَجٌ سَوْدَاءُ زَاخِرَةٌ
وَفِي ظِلَالِ هِدَابِ اللَّيْلِ تَرْتَسِمُ
إِذَا نَظَرْتُ بِهَا، أَغْفُو عَلَى أَمَلٍ
أَنْ أَسْتَفِيقَ وَقَلْبُ الدَّهْرِ يَرْتَحِمُ
وَضَمَّهَا الْحُسْنُ مِنْ أَطْرَافِهَا فَبَدَتْ
شَمْسًا تُضِيءُ بِعَيْنٍ فِي الْهَوَى هَرَمُ
أَمَا ضُحَاهَا فَحَوْرَاءٌ مُدَلَّلَةٌ
تَحْكِي الْقُلُوبَ إِذَا دَاعَبْتِهَا أَلَمُ
إِذَا ابْتَسَمْتِ، تَنَاثَرَتِ الْوُرُودُ هَوًى
وَسَالَ مِنْ ثَغْرِكِ الرِّضْوَانُ وَالنِّسَمُ
وَشَعْرُكِ اللَّيْلُ إِنْ جَالَتْ أَصَابِعُهُ
حَطَّ الظَّلَامُ وَأَخْفَى كُلَّ مَا سَأَمُ
تَفُوحُ عِطْرًا يُذِيبُ الْقَلْبَ مِنْ وَلَهٍ
كَأَنَّمَا الْمِسْكُ فِي أَنْفَاسِكِ يَنْقَسِمُ
أَيَا غَزَالَةَ هَذَا الْقَلْبِ، فَاتِنَتِي
مِنْ أَيْنَ جِئْتِ؟ كَأَنَّ السِّحْرَ قَدْ وُسِمُ
فِيكِ الْحَنَانُ، كَغَيْثِ الصَّيْفِ نَنْتَظِرُهُ
يَرْوِي الْقُلُوبَ إِذَا أَعْيَا بِهَا السَّأَمُ
وَفِيكِ رِقَّةُ أَنْغَامٍ تُلَامِسُنَا
إِذَا نَسِيمُ الْهَوَى فِي نَهْرِكِ يَرْتَطِمُ
وَفِيكِ حُسْنُ الْمَعَانِي لَا يُضَاهِيهِ
حُسْنٌ وَلَوْ نُثِرَتْ أَشْعَارُهُمْ قِدَمُ
عَذْرَاؤُهُمْ هَامَ فِيهَا الشِّعْرُ
وَانْكَسَرَتْ لَكِنَّ عَيْنَيْكِ يَا فِتْنَتِي تُلِمُّ
تَجْرِي الْقَصَائِدُ فِي عَيْنَيْكِ مُنْعَزِلَةً
شَوْقًا، وَمَا انْتَهَى بَحْرًا وَلَا عَدَمُ
إِذَا نَطَقْتِ، فَإِنَّ الْكُلَّ فِي عَجَبٍ
يَذُوبُ سَمْعًا، كَأَنَّ الْكَوْنَ قَدْ صَمَمُ
وَفِي حَدِيثِهَا أَسْرَارٌ بِهَا هَيْبَةٌ
كَأَنَّ صَوْتَهَا سِرُّ الْعِشْقِ إِذْ حُسِمُ
وَالْخَدُّ وَرْدٌ، إِذَا مَا مَرَّ عَابِرُهُ
ذَابَتْ عَلَى وَجْنَتَيْهِ النَّارُ وَالْحِمَمُ
تِلْكَ الْيَدَانِ كَأَنَّ الطَّيْرَ يَرْقُبُهَا
خَوْفًا، كَأَنَّهُمَا فِي لَمْسَةٍ حُكْمُ
كَأَنَّمَا فِي خُطَاكِ الْأَرْضُ تَرْتَعِشُ
إِذَا مَرَرْتِ بِهَا يَوْمًا، فَلَا نَدَمُ
كُلُّ النِّسَاءِ جَوَاهِرٌ، وَلَكِنَّكِ يَا
دُرَّتِي فَوْقَ تَاجِ الْحُسْنِ يُخْتَتَمُ
وَأَنْتِ وَحْدَكِ سِرُّ الشِّعْرِ فِي أَزَلٍ
إِذَا اسْتَفَاضَ، فَمَنْ بِالشِّعْرِ يَنْهَزِمُ
وَإِنْ أَتَوْا بِالْقَصِيدِ الْعَذْبِ مِنْ زَمَنٍ
تَبْقَى عُيُونُكِ فَوْقَ السِّحْرِ وَالْهِمَمِ
فَلَا امْرُؤُ الْقَيْسِ قَدْ جَارَى مَفَاتِنَهَا
وَلَا لَبِيدٌ إِذَا حَطَّ الْهَوَى بِهِ عَلَمُ
وَلَا عَنْتَرَةٌ إِنْ شَاءَ يَتْبَعُهَا
بِظِلِّ سَيْفٍ لَهُ، بَلْ فِي هَوَاكِ يَسِمُ
وَلَا جَمِيلٌ إِذَا أَبْدَى غَرَامَتَهُ
تَسَاوَتْ قَصَائِدُهُ بِالشَّوْقِ وَالْعِظَمُ
وَأَنْتِ يَا مُهْجَتِي مَا كُنْتُ أَجْهَلُهَا
قَدْ أَذْهَلَتْ كُلَّ أَهْلِ الشِّعْرِ وَالْكَلَمُ
فَقُمْتُ أُبْهِرُ كُلَّ الشِّعْرِ فِي زَمَنٍ
لَا شَاعِرٌ يُبْدِعُ الْأَشْوَاقَ كَالْهِيَمُ
فَيَا عُيُونًا مِنَ الْأَشْعَارِ مُلْهِمَةً
مَا بَالُ عَيْنَيْكِ؟ كُلُّ الْكَوْنِ يَتَعَلَّمُ
تَبْقَى الْقَوَافِي أَسِيرَةً إِنْ ذُكِرَتْ
عَيْنَاكِ، عِشْقَ هَذَا الْقَلْبِ يَا حُلُمُ
1136
قصيدة