عدد الابيات : 20
هَبَّتْ رِيَاحُ الشَّوْقِ فِي لَيْلِ النَّوَى
وَسَرَتْ تُذِيبُ الْقَلْبَ مِثْلَ الْأَيْلَجِ
نَادَيْتُهَا وَاللَّيْلُ أَرْخَى سُدْفَهُ
وَالْحُزْنُ يُلْقِينِي بِوَادٍ مُدْلِجِ
يَا نَفْحَةً هَبَّتْ فَذَابَتْ مُهْجَتِي
أَيْنَ الرَّحِيلُ بِكِ وَأَيْنَ الْمَخْرَجِ
أَتُرَاكِ تَسْمَعِينَ وَجْدَ تَأَوُّهِي
أَمْ صُدَّ سَمْعُكِ كَالْهَجِيرِ الْأَلْهَجِ
قَطَّعْتِ وَتْرَ الرُّوحِ حِينَ تَرَكْتِنِي
كَالسَّيْفِ يَقْصِفُ نَحْرَ غُصْنٍ مُزْهِجِ
وَاللَّهِ مَا أَنْسَى لِثَغْرِكِ بَسْمَةً
وَالشَّوْقُ يُدْمِي خَافِقِي كَالْأَمْهَجِ
أَرْقَى إِلَيْكِ بِآهِبَاتٍ حُرَّةٍ
وَأَبِيتُ مُضْطَرِبَ الْفُؤَادِ الْمُحْرِجِ
أَلْفَيْتُ بَعْدَكِ يَا حَبِيبَةُ مُهْجَتِي
قَلْبًا يَضُجُّ كَمَا تَضِجُّ الْعَسْجَجِ
سَكَنَتْ رُوَيْدَكِ فِي جُفُونِي وَالْهَوَى
كَالنَّارِ تَحْرِقُ جَوْفَ قَلْبٍ مُهْرَجِ
لَيْتَ الزَّمَانَ يَعُودُ يَجْمَعُ شَمْلَنَا
فَأُقَبِّلُ الْخَدَّ الرَّطِيبَ الْمُدْلِجِ
لَكِنَّهُ الدَّهْرُ الْعَنِيدُ وَحُكْمُهُ
سَيْفٌ يُمَزِّقُ لُطْفَ وُدٍّ مُنْهَجِ
يَا طِبَّ جُرْحِي يَا دَوَائِي وَالَّذِي
مِنْ فَقْدِهِ كُلُّ الْأَنَامِ تُزَعْزِجِ
هَا أَنَا أَلْفِظُ آخِرَ الْأَنْفَاسِ فِي
جَسَدٍ أَضَاءَ كَشُعْلَةِ الْمُتَوَهِّجِ
إِنْ جِئْتِ يَوْمًا لِلْقُبُورِ فَسَلِّمِي
وَاقْرَئِي سَلَامَ الْعَاشِقِ الْمُتَأَجِّجِ
قُولِي لَهُ قَدْ كَانَ يُحِبُّكِ صَادِقًا
وَمَضَى بِذِكْرَاكِ الْفُؤَادُ الْمُزْعِجِ
وَإِذَا نَظَرْتِ إِلَى الرُّجُومِ فَذَاكَ مَا
أَبْقَى الْهَوَى مِنِّي وَبَاتَ يُعَجِّجِ
يَا دَهْرُ رُدَّ لِيَ الَّتِي أَهْوَيْتُهَا
أَوْ فَاقْتُلِ الذِّكْرَى بِسَيْفٍ مِفْلَجِ
كُفِّي الْمَلَامَ فَمَا لِقَلْبِي رَاحَةٌ
إِلَّا إِذَا لَثَمَ التُّرَابَ الْمُهْدَجِ
يَا رَبِّ فَاجْمَعْنِي بِهَا فِي جَنَّةٍ
يَحْيَا الْهَوَى وَيَمُوتُ دَهْرُ الْمُخْرِجِ
وَيَعُودُ قَلْبِي يَنْبِضُ الْعِشْقَ الَّذِي
بَاتَ الْحَزِينَ وَحَفَّهُ كُلُّ الْأَسَجِ
1280
قصيدة