عدد الابيات : 25
أَلَا قِفْ بِبَابِ الْحُسْنِ وَانْظُرْ إِلَى السِّحْرِ
تَرَى الْبَدْرَ يُغْنِي عَنْ نُجُومٍ وَمَجْرِ
لَهَا الطَّلْعَةُ الْغَنَّاءُ تَسْبِي عُقُولَنَا
كَأَنَّ الْمَهَا مِنْ حَوْلِهَا فِي تَأَسُّرِ
عُيُونٌ كَسِحْرِ اللَّيْلِ تَغْشَاهُ هَيْبَةٌ
تُضِيءُ، فَتَحْيَا النَّفْسُ فِي ضَوْءِ مَنْظَرِ
وَأَهْدَابُهَا غَابَاتُ وَرْدٍ مُنَمَّقٍ
تُحِيطُ بِفَجْرٍ قَدْ تَوَارَى بِمَحْجَرِ
شَذَا عِطْرِهَا يُفْشِي رَبِيعًا بِوَاقِعِي
فَيَزْهَرُ حَوْلِي الْعَالَمُ الْمُتَغَبِّرِ
وَمَشْيَتُهَا تَسْحَرُ الْقُلُوبَ بِنَغْمَةٍ
كَغُصْنٍ تَهَادَى فِي رَبِيعٍ مُعَطَّرِ
كَلَامُهَا لَحْنٌ، وَالضُّحَاكُ نُجُومُهُ
إِذَا ضَحِكَتْ صَارَ الْكَلَامُ كَمِزْمَرِ
وَأَنْفَاسُهَا رِيحُ الزُّهُورِ إِذَا سَرَتْ
بِوَادِي الْخُلُودِ الْفَيْحِ مِنْ كُلِّ مَنْظَرِ
وَفَمُّهَا الدُّرُّ الْمَصُونُ بِنُورِهِ
إِذَا نَطَقَتْ أَلْقَتْ شُرُوقًا بِمَعْبَرِ
وَلَوْنُ الْوَجْهِ كَالْبَدْرِ أَوْ كَالْيَاقُوتِ
يَفِيضُ بِمَاءِ الْحُسْنِ وَالضَّوْءِ الْأَزْهَرِ
وَشَعْرُهَا لَيْلٌ تَهَادَى بِخِفَّةٍ
تُرَتِّلُهُ أَطْيَافُ نَجْمٍ مُنَوَّرِ
وَبَسْمَتُهَا غُصْنٌ تَمَايَلَ فَرْحَةً
تُحَيِّي صَبَاحَ الْحُبِّ فِي كُلِّ مَعْصَرِ
وَطَلْعَتُهَا نَسْمٌ يُلَامِسُ قَلْبَنَا
فَتَجْرِي السُّرُورَ فِي مَكَانٍ مُسَطَّرِ
وَجِيدُهَا الْمَرْمُوقُ كَالدُّرِّ بَيْنَنَا
إِذَا لَاحَ أَغْنَى عَنْ نُجُومِ الْمُسَفَّرِ
وَقَامَتُهَا مِيزَانُ عِشْقٍ وَمَهْدُهُ
كَأَنَّ الْقَوَامَ الْعَدْلَ فِي حُكْمِ عُمَرِ
طَوِيلَةُ قَدٍّ، كَالنَّخِيلِ إِذَا بَدَا
يُحَيِّي جَمَالًا فِي عُلَاهَا الْمُعَبِّرِ
تُزَيِّنُهَا الْأَخْلَاقُ حِينَ تَرَاهُهَا
كَأَنَّ الْجَمَالَ بَاتَ يَحْنُو بِمَحْضَرِ
فَيَا قُرَّةَ الْأَعْيُنِ تَعَالِي بِبَهْجَةٍ
تُعِيدِي زَمَانَ الْعِشْقِ وَالضَّوْءِ الْأَكْبَرِ
وَنَحْنُ عُشَّاقُ الْجَمَالِ وَنَبْضُنَا
يُجَارِي هَوَاكِ كَالسَّرَابِ الْمُؤَزَّرِ
لَكِ الْقَلْبُ مَفْتُونٌ بِكُلِّ خَصَائِلٍ
تُعِيدِي بِهَا أَيَّامَ بَدْرٍ مُتَنَوِّرِ
أَلَا يَا حَبِيبَةَ الْقَلْبِ، مَا أَنْتِ نَجْمَةٌ
وَلَكِنَّكِ الْأَرْوَاحُ فِي صَوْتِ مِزْمَرِ
وَأَنْتِ الْمَلَاكُ الْعَذْبُ فِي عَيْنِ خَالِقِي
وَسِرُّ الْبَهَاءِ فِي الْمَدَى الْمُتَسَطِّرِ
أَرَاكِ كَمَاءِ الْحُبِّ فِي كُلِّ قَلْبِنَا
تُفِيضِينَ عِشْقًا كَالسَّحَابِ الْمُهَطِّرِ
تَبَارَكْتِ يَا سِرَّ الْجَمَالِ وَنُورَهُ
فَكَمْ أَنْتِ قُرَّةُ الْعَيْنِ بِحُبٍّ مُؤَزَّرِ
1280
قصيدة