عدد الابيات : 20
رَأَيْتُ فِي وَجْهِكِ الْبَدْرَ الَّذِي سَكَنَا
يَغْسِلُ الظُّلْمَةَ عَنْ دُنْيَايَ وَالْأَزَلَا
تَسْبِي الْمَلَائِكَةَ الْعَيْنَانِ إِنْ بَصُرَتْ
وَتُغْرِقُ الرُّوحَ فِي مَوْجِ الْهَوَى وَصَلَا
يَا قَمَرًا طَلَّ مِنْ غُصْنٍ يُنَادِينِي
فَاقَ النُّجُومَ وَأَذْكَى الْفُؤَادَ عَسَّلا
وَثَغْرُكِ الدُّرُّ مَكْنُونٌ بِمُبْتَسَمٍ
كَالنَّوْرِ يَشْرَقُ إِذْ أَشْرَقْتِ مُكْتَمِلَا
وَالْخَدُّ شُهْدٌ تَفَانَتْ فِي رَوَائِحِهِ
زُهُورُ وَادٍ جَرَى بِالرَّيْحِ مُبْتَهَلَا
يَا زَهْرَةَ الْحُسْنِ قَدْ بَاهَتْ بِرِقَّتِهَا
وَرْدَ الْخَمَائِلِ فِي أَحْلَامِهِ كَسَلَا
وَالشَّعْرُ أَغْصَانُ لَيْلٍ غَيْرُ مُفْتَرِقٍ
يَحْكِي لِكُلِّ جَبِينٍ كَيْفَ كَانَ حُلَلَّا
وَالرَّاحَتَانِ كَمِسْكٍ كَانَ مَنْبَتُهُ
سَهْلًا تُحَايِكُهُ أَطْيَافُكِ الدُّلَلَا
وَالْقَلْبُ مَأْوًى لِكُلِّ النُّورِ يَسْكُنُهُ
حُبًّا يُرَتِّلُ أَحْرُفَ السَّمَاءِ وأَوْصَلَا
تُضِيئُ فِي ظُلُمَاتِ الرُّوحِ مِصْبَاحًا
وَتُحْيِي الْجَفَافَ بِرِيقٍ طَالَمَا انْهَمَلَا
إِنِّي لَأَسْتَغْرِبُ الْإِنْسَانَ إِنْ نَظَرَتْ
عَيْنَاهُ نَحْوَكِ لَمْ يُقْسِمْ لَكِ الْأَمَلَا
كَيْفَ التَّغَافُلُ عَنْ حُسْنٍ تَفَرَّدَ فِي
تَفَاصِيلِكِ النَّاعِمَاتِ صِدْقَ مَا نَقَلَا
لَوْ كَانَ جَمَالُكِ مَحْفُوفًا بِمَجْلِسِهِ
لَقِيلَ فِي الشِّعْرِ مَا أَعْيَانَهُ كَلَلَا
يَا سَارَةَ الْحُسْنِ، سَرَتِ النُّفُوسَ هَوًى
فَكُلُّ عَيْنٍ بِسِحْرِ الطَّرْفِ قَدْ جَلَلَا
هَلْ يَسْتَطِيعُ جَبِينُ النُّورِ أَنْ يُضَاهِي
مَحْيَاكِ وَهُوَ لِمَحْيَاكِ اسْتَحَى خَجَلَا؟
إِنِّي لَأَحْسَبُ فِي كَفَّيْكِ مَغْفِرَةً
تُبَاعِدُ الْإِثْمَ عَنْ قَلْبٍ دَنَا وَسَلَا
تَفْتَرُّ بَاسِمَةً وَالْأَرْضُ تَحْتَفِي
كَأَنَّهَا أَبْصَرَتْ فِي ضَحْكِكِ الْمَثَلَا
وَالْحُبُّ يَنْطِقُ فِي أَحْدَاقِكِ اعْتَرَفًا
لِلرُّوحِ قَدْ سَكَنَتْ فِي عِشْقِكِ الْغَزْلَا
يَا كَامِلَةَ الْحُسْنِ، كَيْفَ الشِّعْرُ يَحْتَمِلُ
وَصْفَ الْجَمَالِ الَّذِي لِلْبَحْرِ كَمُلَا؟
إِنِّي لَأَرْفَعُ رَايَاتِ الْغَرَامِ لَهَا
وَأُودِعُ الْوَصْفَ فِي سَاحَاتِهَا وَصْلَا
1035
قصيدة