عدد الابيات : 36
هَبَّ الْهَوَى مِنْ صَمِيمِ الْقَلْبِ كَالصَّاحِي
يَا مَنْ يَطُوفُ عَلَى الْأَفْلَاكِ فِي رَاحِي
يَا لَيْلَ عِشْقِي أَفِقْ، فَالدَّهْرُ شَاهِدُنَا
كَمْ نَالَ قَلْبِي هَوَاكِ الْحُلْوَ بِأَفْرَاحِي
إِنِّي أُحِبُّكِ فِي مُهْجَتِي حُبًّا لَوْ رَأَتْهُ يَدُ
الْأَرْضِ لَأَوْرَقَتِ الْأَكْوَانُ مِنْ فَلَاحِ
يَا مَنْ تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنَيْكِ عِطْرُ هَوًى
كَالنَّجْمِ يَلْمَعُ فِي لَيْلِ الْجِرَاحِ النَّاحِي
كَأَنَّ وَجْهَكِ فَجْرٌ، وَالْهَوَى قَمَرٌ
يُضِيءُ قَلْبِي بِآيَاتِ عِشْقٍ فَوَاحِي
مَا لِي وَلِلصَّبْرِ إِنْ غِبْتِ، وَهَلْ عَلِمَتْ
أَنَّ اشْتِيَاقِي إِلَيْكِ أَضْرَمَ الرِّيَاحِ
تَسْرِي إِلَيْكِ دُمُوعِي، كَالسَّحَابِ إِذَا
هَزَّتْهُ رِعْدَةُ بَرْقٍ فِي سَنَا الْوِشَاحِ
أَنْتِ الْخُلُودُ إِذَا نَادَى الْجَمَالُ بِهِ
وَأَنْتِ صَوْتُ الْمَدَى فِي صَمْتِ أَرْوَاحِي
يَا لَحْظَةَ الْحُبِّ، صُوغِي مِنْ جَمَالِكِ مَا
لَا يَسْتَطِيعُ الْبَيَانُ وَصْفَهُ الْبَاحِي
قَالَتْ: “أَتَمْلِكُ دُنْيَايَ بِذَا أَلَمًا؟”
قُلْتُ: “أَمْلِكُهَا مَا دَامَ فِي رَوَاحِ
أُحِبُّكِ الْآنَ، وَالْآتِي، وَبَعْدَ غَدٍ
وَفِي الْخُلُودِ، وَحَتَّى فِي ذُرَى اللُّحَاحِ
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، هَلْ تَدْرِينَ مَنْ أَنَا؟
أَنَا الْقَصِيدُ الَّذِي فِي حُبِّكِ اسْتِبَاحِي
فَلْتَشْهَدِي يَا لَيَالِي الشَّوْقِ أَنَّ لَنَا
فِي كُلِّ شِرْيَانِ حُبٍّ نَبْضَ أَبْدَاحِ
إِنْ كَانَ فِي الْحُبِّ إِعْجَازٌ يُنَازِلُنَا
فَهَاكِ إِعْجَازَ قَوْلٍ خَطَّهُ نَاحِي
فَلَا عَبِيدٌ وَلَا لَبِيدٌ يَسْبِقُ الْحَرْفَ
إِذَا اسْتَقَاهُ مِنَ الْعِشْقِ مِلَاحِي
هَذَا الْهَوَى تَاجُ شِعْرٍ، إِنْ كَتَبْتُ بِهِ
فَلَا يُجَارَى وَلَا يُبْلَى عَلَى الْبَاحِي
يَا لَائِمِي، هَلْ تَرَى لِلْحُبِّ فَاتِحَةً
تُضَارِعُ الْآنَ أَوْزَانِي وَأَلْمَاحِي؟
مَا كُنْتُ أُحْصِي هَوَاكِ، الْحُبُّ أَوْسَعُ مِنْ
أَنْ تَحْتَوِيَهُ قُلُوبُ الْعَاشِقِ الصَّدَّاحِ
يَا زَهْرَةَ الْعُمْرِ، فِي كَفَّيْكِ أُغْنِيَتِي
وَفِي ابْتِسَامِكِ سِرُّ النُّورِ وَالنَّجَاحِ
كَأَنَّ عَيْنَيْكِ شَمْسٌ حِينَ تُشْرِقُ فِي
أُفُقِ الْحَيَاةِ، فَتُحْيِي الْقَلْبَ بِالنَّوَاحِ
كَأَنَّ خَصْرَكِ غُصْنٌ رَاحَ يَرْقُصُ فِي
نَسِيمِ فَجْرٍ يُغَنِّي لَحْنَ الْأَرْوَاحِ
مَا لِلْحُرُوفِ إِذَا نَادَيْتُهَا خَجَلٌ
إِلَّا إِذَا ذَابَ حَرْفِي فِيكِ يَا مَلَاحِي
أُحِبُّكِ الْآنَ، هَذَا الْعِشْقُ مُمْتَلِكٌ
قَلْبِي، وَعُمْرِي، وَدَمْعِي، وَأَمْسَ رَاحِي
مَا لِي سِوَى طَيْفِكِ الْبَاقِي يُؤَانِسُنِي
إِذَا دَنَا اللَّيْلُ بَيْنَ الْحُزْنِ وَالْجِرَاحِ
أَبْنِي لَكِ مِنْ خَيَالَاتِي قُصُورَ هَوًى
وَأَزْرَعُ الْأَرْضَ حُبًّا فِي رُبَى الْوِشَاحِ
هَذِي النُّجُومُ إِذَا نَادَيْتُهَا شَهِدَتْ
أَنَّكِ النُّورُ فِي دَرْبِ الْمَدَى الْمِلَاحِ
يَا مَنْ بِعَيْنَيْكِ أَضْوَاءُ السَّمَاءِ بَدَتْ
كَأَنَّهَا مَلَكُوتُ اللَّهِ فِي الْفِجَاحِ
وَمَا الْعُصُورُ إِذَا مَا قُسْتُهَا بِكِ إِلَّا
ظِلًّا بَعِيدًا لِظِلِّ النُّورِ فِي الْمَرَاحِ
قَدْ أُبْصِرُ الْحُبَّ فِي عَيْنَيْكِ مُتَّقِدًا
كَأَنَّهُ الْجَمْرُ فِي صَدْرِ الدُّنَا الْوَضَّاحِ
إِنَّ الْهَوَى لَوْ أَرَادَ الْكَوْنَ يَمْلِكُهُ
لَصَاغَ مِنْكِ وَمِنِّي سِرَّ أَفْرَاحِ
يَا مَنْ تَحَدَّيْتُ فِيهَا الشِّعْرَ قَاطِبَةً
وَأَسْكَرْتُ الْقَلْبَ بِالْإِبْدَاعِ فِي الصَّفَاحِ
هَذِي الْمُعَلَّقَةُ الْخَالِدَةُ ابْتَكَرْتُ بِهَا
مَا لَنْ يَجِيءَ لَهُ مِثْلٌ مَدَى النَّوَاحِ
يَا شِعْرَ دَهْرٍ، وَيَا تَاجَ الْقَصَائِدِ، هَلْ
بَعْدَ الْجَمَالِ كَلَامٌ يَسْكُنُ الْوَاحِي؟
هَذَا هُوَ الْعِشْقُ، تَاجُ الْأَرْضِ وَالْبَشَرِ
فَمَا تُعَانِقُهُ الْأَكْوَانُ مِنْ رَاحِي
فَلْتَشْهَدِ الْأَرْضُ، وَالتَّارِيخُ يَكْتُبُهَا
أَنَّ الْهَوَى نَبْضُ قَلْبٍ، وَالْخُلُودُ وِشَاحِي
1055
قصيدة