عدد الابيات : 17
أَلَا يَا نَسِيمَ الشَّامِ هَبَّتْ لَكَ النُّجُبُ
وَسَارَتْ عَلَى خَدِّ الرِّيَاضِ بِهَا الطُّرُبُ
تُنَادِي بِأَعْلَى الصَّوْتِ: يَا مُهْجَةَ الْهُدَى
وَيَا رَوْضَةَ الْأَحْرَارِ، إِنْ شَكَتِ السُّحُبُ
إِدْلِبُ يَا دَارَ عِظَمِ الْوَفَاءِ وَمَهْدَهُ
وَمَوْكِبَ مَنَارِ عِزٍّ لِلْكَرَامَةِ لَا يُخَبُ
بِكِ اجْتَمَعَ الْأَحْرَارُ فِي صَفْوِ وَحْدَةٍ
فَلَا اللَّيْلُ يُثْنِي عَزْمَهُمْ أَوْ يَنْتَحِبُ
يُحَاصِرُهَا جَوْرُ الطُّغَاةِ بِصَوْلَةٍ
وَيَحْسَبُ أَنَّ الْقَيْدَ يُكْسِرُهَا غَضَبُ
وَلَكِنَّهَا صَخْرٌ صَوَّانٌ تَأَبَّطَ عِزَّهُ
فَلَا النَّارُ تُثْنِيهَا وَلَا الْحِقْدُ يَجْتَنِبُ
لَهَا فِي الْمَدَى مَجْدٌ تَرَدَّدَ صَوْتُهُ
فَلَا صَوْتَ دَهْرٍ غَادِرٍ فِيهَا يَجُبُّ
سَقَاهَا دِمَاءُ الصِّدْقِ فِي كُلِّ مَوْقِفٍ
فَيَا لَجَمَالِ الطُّهْرِ إِذْ زَفَّهُ الْحَبُّ
تُضِيءُ كَفَجْرِ الصُّبْحِ يَشْعَلُ دَرْبَهُ
إِذَا اللَّيْلُ أَرْخَى حُلْكَةً فَهُوَ لَا يَهِبُ
فَيَا دُرَّةَ أَمْجَادٍ تَعْلُو بِهَامَةِ شَامِنَا
وَيَا جَبَلًا لَا يَنْحَنِي حَيْثُمَا الْحَرَبُ
إِلَيْكِ الْقُلُوبُ الْمُشْرِقَاتُ تَوَحَّدَتْ
وَكُلُّ يَدٍ صَفَّتْ بِهَا الْمُهَجَ وَالْقُرَبُ
فَيَا شَامَنَا، إِنِّي لَأَذْكُرُكِ الْهُدَى
وَكَيْفَ مِنَ الْآلَامِ يَنْطَلِقُ الشُّهُبُ
فَصُبِّي عَلَى الْوَجْدِ الرَّحِيقَ فَإِنَّهُ
سَيَسْكُنُ قَلْبًا كُلَّمَا اهْتَزَّ أَوْ يَجِبُ
إِذَا خَانَكِ الدَّهْرُ الْجَحُودُ بِصَوْلَةٍ
فَإِنَّكِ نُورُ اللَّهِ إِنْ زَاغَتِ السُّحُبُ
فَمَا زَالَ فِيكِ النُّورُ يَشْعَلُ دَرْبَهُ
وَإِنْ جَارَتِ الدُّنْيَا، فَمَا كُسِرَ الذَّنَبُ
فَإِدْلِبُ تَارِيخٌ عَظِيمٌ خَالِدٌ بِمَجْدِهَا
بِأَعْظَمِ دَمْعٍ فِي الْجُفُونِ، هُوَ الذَّهَبُ
1280
قصيدة