عدد الابيات : 26
سَارَتْ رِيَاحُ الْهَوَى بَيْنِي وَبَيْنَكِ
فِي لَيْلٍ طَوِيلٍ بِأَسْرَارِ التَّلَاقِي بَابِ
وَنَاجَتِ الرُّوحُ فِي سِرِّي نُجُومَ سَمَاكِ
حَتَّى اسْتَحَالَ نِدَاءُ الْحُبِّ بَعْضَ تَعَبِ
عَيْنَاكِ، وَاللَّهِ، بَحْرٌ لَا يُسَاجِلُهُ غَيْمٌ
وَلَا النَّجْمُ فِي الْآفَاقِ بِالْهُدُبِ
يَا زَهْرَةً فِي رِيَاضِ الْقَلْبِ نَاعِمَةً
وَرَوْضٌ عَبِقَ بِالْعِطْرِ وَالْعَنَبِ
لَوْ أَنَّ لِي كُلَّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ
لَمَا أَبْدَلْتُ ضِيَاءَ الْوَجْهِ بِالْقُطُبِ
يَا سَارَةَ الْقَلْبِ إِنِّي بِاشْتِيَاقٍ
قَضَّيْتُ عُمْرِي غَرِيبَ الدَّارِ مُغْتَرِبِ
مَا ذُقْتُ مِنْ زَمَنِي إِلَّا جِرَاحَ نَوَىً
تُذْكِي جِرَاحًا، وَتَرْمِي رُوحًا فِي لَهَبِ
عَيْنَاكِ رُوحِيَ، لَا أَرْنُو لِسَاحَتِهَا
إِلَّا وَجَدْتُ لَهِيبَ الشَّوْقِ مُكْتَسِبِ
كَمْ أَوْدَعَتْنِي خُطُوبُ الدَّهْرِ مِنْكِ نَوَىً
حَتَّى تَجَفَّفَ رِيقُ الْوَجْدِ فِي النَّسَبِ
سَارَتْ لَيَالِي الْجَوَى دَمْعًا، فَلَوْ نَظَرَتْ
عَيْنَايَ سِرِّي، لَكَانَتْ بَعْضَ مُنْتَحِبِ
قَدْ كُنْتُ أُقْسِمُ أَلَّا تَمْسَحَ الْأَيَّامُ
عَنْكِ طَيْفِي، وَلَكِنْ خَانَنِي تَعَبِي
هَذِي الدُّمُوعُ الَّتِي تَهْوِي بِلَا عَدَدٍ
هَلْ تَحْفَظِينَ لَهَا فِي الْقَلْبِ مِنْ سَبَبِ؟
أَبْكِي لِذِكْرَاكِ فِي لَيْلِ الْأَسَى وَأَنَا
كَالسَّيْفِ يَقْصِفُهُ الْأَيَّامُ بِالْوَصَبِ
قَدْ قُلْتُهَا: “يَا مُنَى الرُّوحِ انْظُرِي أَلَمِي”
لَكِنَّ صَدَاهَا سَرَى فِي الرِّيحِ كَالنَّدَبِ
إِنْ كُنْتُ فَارَقْتُ دُنْيَا الْعَاشِقِينَ، فَفِي
رُوحِي سَتَبْقَى نَدَى الْأَنْفَاسِ وَالذَّهَبِ
سَارَتْ خُطَايَ إِلَى اللَّحْدِ الْكَئِيبِ
وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ بَيَانٍ يُرْجِعُ الْعَتَبِ
قَدْ كُنْتُ أَرْجُو لِقَاءَ الْعُمْرِ ثَانِيَةً
لَكِنَّ سَيْفَ الرَّدَى حَالَ بِالْحَدَبِ
يَا رَبِّ، أَنْتَ الَّذِي تَرْجُو الْعِبَادُ بِهِ
فَامْسَحْ ذُنُوبِي، وَخَفِّفْ وِحْدَةَ الْكُرُبِ
يَا سَارَةَ الْحُبِّ لَا تَبْكِي فِرَاقَ فَتًى
يَرْجُو لُقْيَاكِ فِي جَنَّاتِهِ الرَّحِبِ
قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ الدَّهْرَ مُنْقَلِبٌ
وَأَنَّ حُبَّ الْهَوَى لِلنَّاسِ كَالشُّهُبِ
لَكِنَّ رُوحِيَ فِي الرَّحْمَنِ قَدْ سَكَنَتْ
فَالْحُبُّ فِي جَنَّةِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَذُبِ
يَا زَهْرَةً كُنْتُ أَرْجُو أَنْ أَضُمَّ بِهَا
كُلَّ الَّذِي فَاتَنِي مِنْ شَوْقٍ مُضْطَرِبِ
لَا تَحْزَنِي، وَاذْكُرِينِي كُلَّمَا سَجَدَتْ
رُوحُ الْمُحِبِّ عَلَى الْأَعْتَابِ بِاللَّهَبِ
هَذَا فُرَاقٌ وَلَكِنْ فِي اللِّقَا أَمَلٌ
يَا سَارَةَ الْقَلْبِ، لَا تَيْأَسِي مِنَ الْيَبَبِ
مَا زَالَ فِي جَنَّةِ الرَّحْمَنِ مَوْعِدُنَا
وَالْحُبُّ إِنْ صَدَقَ الْعَهْدَيْنِ لَمْ يَعِبِ
1280
قصيدة