عدد الابيات : 20
أَلَا حَيِّ الدِّيَارَ بِمَنْ تَحِلُّ
تَحِيَّةَ عَاشِقٍ هَامَ وَاغْبَقَ الْعَذُولُ
وَقَفْتُ بِهَا أُنَاجِيهَا طَوِيلًا
كَأَنَّ الدَّمْعَ يَرْوِيهَا الْهُطُولُ
أَيَا دَارًا تَرَكْتِ الْقَلْبَ صَبًّا
يُنَاجِي الْوَصْلَ وَالدَّهْرُ الْخَجُولُ
فَمَا رَحِمَتْ بُكَائِيَ يَوْمَ فَارَقْتُ
وَلَا أَشْفَتْ جَوَانِحَهَا الْحُلُولُ
مَنَازِلُ قَدْ سَقَتْهَا الْعَيْنُ دَمْعًا
كَمَا يَسْقِي الْغَمَامُ بِهَا السُّهُولُ
فَلَا نَفَعَتْ شَفَاعَتُهَا وَلَكِنْ
بِهَا ذِكْرَى تُهَيِّجُ لَهَا الْعُقُولُ
تُعِيدُ إِلَيَّ أَيَّامًا حِسَانًا
كَأَنَّ سُعُودَهَا وُلِدَتْ طُفُولُ
وَأَشْهَى حَدِيثِ الرَّكْبِ عِنْدِي
مُحَادَثَةُ الْأَحِبَّةِ بِالْوِدِّ يَطُولُ
وَأَطْرَبُ مِنْ هَدِيرِ الْخَيْلِ جَرْيًا
حَدِيثُ الْغِيدِ إِنْ هَبَّتْ نُسُولُ
وَأَبْهَى مِنْ لِوَاءِ النَّصْرِ يَوْمًا
شِفَاهُ الْغِيدِ إِنْ سَحَبَتْ ذُيُولُ
وَأَطْيَبُ مِنْ مُدَامِ الرَّاحِ كَأْسًا
ثُغُورٌ بِالْهَوَى فِي فَاهَا قُبُولُ
فَكَمْ لِي مِنْ لَيَالٍ كُنْتُ فِيهَا
أَرَى الْأَفْرَاحَ تُنْسَجُ لَا تَحُولُ
وَلَكِنْ قَدْ غَدَوْنَا فِي زَمَانٍ
بِهِ يُمْحَى الْهَوَى وَسَنَاهُ يَذُولُ
فَيَا دَارَ الَّتِي أَهْوَى كُفَانِي
سُهَادُ اللَّيْلِ إِنْ شَوْقِي مَهُولُ
فَإِنْ عَادَتْ لَنَا الْأَيَّامُ يَوْمًا
فَكَمْ نَرْجُو وِصَالَكِ لَا يَحُولُ
وَإِلَّا فَالْحَيَاةُ بِغَيْرِ حُبٍّ
سَرَابٌ فِي مَفَاوِزِهِ الذُّهُولُ
فَدَعْ ذِكْرَ الدِّيَارِ وَعِشْ عَزِيزًا
فَإِنَّ الدَّهْرَ بَلِيغٌ لَا يَمِيلُ
فَكَمْ مِنْ رَاحِلٍ عَنْهُ التَّصَابِي
وَقَدْ غَرَّ التَّصَابِي مَنْ يَصُولُ
وَكَمْ مِنْ عَاشِقٍ هَامَ اشْتِيَاقًا
فَضَجَّ بِهِ الْحَنِينُ وَلَا يَزُولُ
فَلَا عَجَبًا إِذَا سُفِكَتْ دُمُوعِي
فَمَا فِي الْحُبِّ مَأْمَنُهُ الْقَبُولُ
1280
قصيدة