عدد الابيات : 21
قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى سَارَةَ وَمَنْزِلِ
بِسَفْحِ الرِّيَاحِ الْمُوحِشَاتِ بِمَهْلِلِ
رَأَيْتُ الدِّيَارَ الدَّامِيَاتِ كَأَنَّهَا
بَوَاقِي دُمُوعٍ فِي الْخُدُودِ مَنْهَلِ
تَبَدَّلَ نُورُ الْبَابِ ظِلًّا مُعَتِّمًا
وَأَصْبَحَ وَجْهُ الْحَيِّ بَاتَ مُكَلَّلِ
وَكَمْ كَانَ فِي هَاتِيكَ أَظْلَالُ رَوْضَةٍ
تُطَاوِلُ فِي أَنْدَاحِهَا كُلَّ جَنْدَلِ
فَمَنْ لِي بِتِلْكَ الْعَيْنِ تَسْكُنُ جَفْنَهَا
وَتُطْفِي لَظَى الشَّوْقِ الْعَتِيِّ الْمُعَلَّلِ
بِهَا كَانَتِ الْأَحْلَامُ تَجْرِي زَمَانَهَا
وَتَرْوِي أَرَاجِيفَ الصَّبَابَةِ أَكْمَلِ
فَهَلْ تُنْبِتُ الْأَطْلَالُ مَا قَدْ ذَوَتْ بِهِ
وَهَلْ تَرْجِعُ الْأَيَّامُ عَهْدًا مُؤَمَّلِ
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَرَى الْبَيْتَ مُنْزِلًا
كَمَا كَانَ فِي دَهْرٍ تَوَلَّى مُبَجَّلِ
وَأَسْمَعُ صَوْتَ الْحُسْنِ يَشْدُو بِلَحْنِهِ
فَتَهْدَأُ نَارُ الْوَجْدِ فِي الْقَلْبِ مُشْعِلِ
أَلَا يَا حَبِيبَ الْقَلْبِ مَهْلًا فَإِنَّنِي
تَعِبْتُ مِنَ التَّسْآلِ وَالْحُزْنِ مَقْتُلِ
تَرَكْتَ أَنِينَ الْعُشَّاقِ حُرْقَةَ لَوْعَةٍ
وَمَا زِلْتَ فِي الْأَحْلَامِ طَيْفًا مُظَلَّلِ
فَإِنْ كَانَ دَهْرِي قَدْ رَمَانِي بِشِدَّةٍ
فَلَنْ يُطْفِئَ الْإِحْرَاقَ مَاءُ الْمُهَلْهَلِ
وَإِنْ صَرَّفَتْنِي الرِّيحُ شَرْقًا وَغَرْبَةً
فَإِنَّ هَوَاكَ الْمُرْتَجَى لَيْسَ يَزْوَلِ
أَرَى الْبَيْنَ كَالسَّيْفِ الَّذِي قَدْ جَلَبْتَهُ
عَلَى مُهْجَتِي فَاسْتَعْذَبَ الْجَرْحُ مُثْكِلِ
وَإِنْ غَابَتِ الْأَيَّامُ عَنْ مَهْدِ حُبِّنَا
فَقَدْ بَقِيَتِ الْأَشْوَاقُ دَهْرًا مُوَاصِلِ
فَلَا الْعُمْرُ يَشْفِي مَا جَرَى مِنْ فِرَاقِنَا
وَلَا الدَّهْرُ يَنْسَى مَا جَنَتْهُ الْأَنَامِلِ
سَقَى اللَّهُ تِلْكَ الدَّارَ بَكْرًا وَأَوْهَنًا
فَإِنِّي عَلَى الذِّكْرَى لَهَا مُتَمَلْمِلِ
فَهَلْ تَسْمَعِينَ النَّدْبَ فِي صَوْتِ نَايِنَا
وَهَلْ تُبْصِرِينَ الدَّمْعَ فَوْقَ الْجَدَاوِلِ
أَلَا فَاعْلَمِي أَنِّي بِقَلْبِي مُشَوَّهٌ
وَأَنَّ هَوَاكِ الْجَارِحَ الدَّاءُ الْمُنْزِلُ
أُرَاعِدُ نَجْمَ اللَّيْلِ كَيْ أَسْتَطِيعَهُ
وَأَسْأَلُهُ عَنْكِ السَّوَادَ الْمُؤَثَّلِ
1280
قصيدة