عدد الابيات : 30
أُنَاجِيكَ رَبِّي وَالْجَوَانِحُ تَضْطَرِبُ
وَتَصْرُخُ رُوحِي، وَالرَّدَى فَوْقَهَا يَثِبُ
أُنَاجِيكَ مِنْ قَلْبٍ يَذُوبُ مَحَبَّةً
وَشَوْقًا لِمَنْ الْحُبُّ عِشْقِي يَنْتَسِبُ
فَهَلْ يَجْمَعُ الدَّهْرُ الْقُلُوبَ الَّتِي هَوَتْ
وَأَضْنَاهَا الشَّوْقُ الْمُسَجَّى بِمَا وَجَبُ
إِذَا سَاءَلُونِي عَنْ هَوَايَ وَخَافِقِي
فَإِنِّي بِذِكْرَاهَا أُحَدِّثُ بِهِ عُجُبُ
وَإِنْ سَاءَلُونِي مَا الَّذِي أَلَمَّ بِنَا
قُلْتُ: الْعِشْقُ دَاءٌ جَرَى دَمِي وَحَبُ
فَمَا قَدْ رَأَيْتُ الشَّمْسَ إِلَّا بِذِكْرِهَا
وَلَا بَاتَ قَلْبِي فِي أَمَانٍ وَلَا رَغَبُ
بَكَيْتُ وَأَدْمَانِي النَّحِيبُ عَلَى الْأَسَى
وَكَمْ مِنْ دُمُوعٍ بِالْمَآقِي يَنْسَكِبُ
فَلَا النَّوْمُ يَأْتِي حِينَ أَشْكُو مَرَضًا
وَلَا الصَّبْرُ يُشْفِي مَا بِقَلْبِي لَهَبُ
كَأَنِّي غَرِيبٌ فِي الْحَيَاةِ وَمَا لِيَ
سِوَى رَبِّي الرَّحْمَنِ أَرْجُو بِهِ الْوَهَبُ
أَيَا طَيْفُ هَلْ تَدْرِينَ كَيْفَ مَصِيرُ مَنْ
تَرَكْتِهِ فِي الدَّهْرِ يَشْكُو بِلَا سَبَبُ؟
أَيَا طَيْفُ هَلْ يَرْوِي الْهَوَى ظَمَأَ الْفَتَى
إِذَا طَالَ صَبْرُ الْعَاشِقِ الْمُرِّ وَصَبُ؟
فَقَدْ ضَاعَ صَوْتِي بِالنَّوَاحِ هَوَى
وَيُرَاقِبُنِي ظِلِّي بِحُزْنٍ وَمَا سَحَبُ
إِلَيْكَ إِلَهِي قَدْ رَفَعْتُ تَضَرُّعِي
وَأَدْمَعَتِ الْأَرْوَاحُ ذُلًّا وَمَا كَذَبُ
إِلَيْكَ إِلَهِي فِي أَمَانِكَ رَاحَتِي
فَكُنْ لِيَ مَوْئِلًا إِذَا الدَّهْرُ نَشَبُ
وَأُوصِيكَ بِالْقَلْبِ الَّذِي هَوَيْتُهُ
فَاجْمَعْنَا يَا رَبِّ بِالْخُلْدِ رُطُّبُ
إِلَيْكَ إِلَهِي وَالْعُيُونُ مُسَهَّدٌ
وَفَاضَ دَمْعِي وَالْمَوَاجِعُ تَلْتَهِبُ
وَرُوحِي عَلَى الْأَحْزَانِ تَسْرِي كَأَنَّهَا
سَحَابَةُ حُزْنٍ فَوْقَ أَشْلَاءِ بِهَا نَكَبُ
فَهَلْ تَغْفِرُ الذَّنْبَ الْكَثِيرَ وَإِنَّنِي
أَتَيْتُكَ ذَلُولًا بَيْنَ مَنْ خَابَ وَكَسَبُ
إِلَيْكَ وَصِيٌّ بِالْقُلُوبِ الَّتِي هَوَتْ
وَذَابَ فِيهَا الشَّوْقُ حَتَّى غَدَا لَهَبُ
فَإِنْ جَاءَ يَوْمٌ لَا تَكُونُ بِقُرْبِهَا
فَهَبْهَا الرَّحْمَنِ أَمْنًا وَمَا وَهَبُ
وَاجْمَعْنَا يَا رَبِّ الْفَضَائِلِ فِي غَدٍ
بِرَوْضَةِ خُلْدٍ حَيْثُ لَا كُرْبَ وَلَا نَصَبُ
وَقَدْ آنَ لِلرُّوحِ الَّتِي ضَاقَ دُهْمُهَا
بِعُمْقِ الْمُنَى أَنْ تَسْتَرِيحَ وَتَغْتَرِبُ
فَإِنْ مَرَّ زَائِرٌ بِقَبْرِي وَرَدَّدَتْ
رِيَاحُ النَّوَاحِ مَا تَأَلَّمَ وَتَنْتَحِبُ
فَقُولُوا: هُنَا عَاشَ الْفَتَى فِي مَحَبَّةٍ
وَمَاتَ الْعَهْدِ الَّذِي صَانَهُ الْحَبَبُ
إِلَيْكَ إِلَهِي يَا كَرِيمُ بِمَا بَقِيَ
فَكَمْ مِنْ مُحِبٍّ ضَاعَ بِالدُّنْيَا وَمَا عَشَبُ
فَلَا تُرْهِقِ الرُّوحَ الْمُعَذَّبَةَ الَّتِي
سَجَدْتُ بِهَا طُولَ الزَّمَانِ وَمَا يَطِبْ
وَإِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَصْلٌ فِي جِنَانِهِ
فَإِنِّي أَرَاهَا غَايَةً فِيهَا مُنْتَصَبُ
وَإِنْ قِيلَ لِي يَوْمًا: تَهَيَّأْ لِرِحْلَةٍ
تُزَفُّ إِلَى الرَّحْمَنِ بِالْحَقِّ وَالْكُتُبُ
سَأَقْبَلُ رَبِّي طَائِعًا فِي مَسِيرَةٍ
وَفِي كُلِّ خَفْقٍ لِلْفُؤَادِ لَكَ الرَّهَبُ
فَهَبْنِي بِجُودِكَ يَا إِلَهِي رَحْمَةً
وَأَلْحِقْنِي الْأَحْبَابَ فِي جَنَّةِ الرَّحَبُ
1280
قصيدة