عدد الابيات : 19
هِيَ الشَّامُ الَّتِي عَبَرَتْ دُهُورًا
تُعَلِّمُ فِي الْمَدَى مَعْنَى الْيَقِينَا
بَنَتْ صَرْحَ الْمَعَارِفِ فِي شُمُوخٍ
فَكَانَتْ لِلْعُلُومِ الْجُذُورَ لَدِينَا
عَلَى أَطْلَالِهَا سَارَتْ قَوَافِلُ
تُدَوِّنُ مَجْدَهَا أَحْرُفًا مُبِينَا
هُنَا الْأَوَّلُونَ خَطُّوا خَطَّ فَخْرٍ
وَأَهْدَوْا لِلزَّمَانِ بِهَا الْأَمِينَا
بِدِمَشْقٍ حُبِكَتْ آيُ الْقَصَائِدِ
وَكَانَتْ لِلْعُرُوبَةِ لِمَوَاطِنِينَا
تَدَاعَتْ لِلثَّقَافَاتِ اعْتِرَافًا
بِأَنَّكِ لِلْمَفَاخِرِ الْأَوَّلِينَا
رُبَى بَرَدَى الَّتِي نَطَقَتْ بَيَانًا
وَكَانَتْ فِي الْمَدَى صَوْتًا دَفِينَا
إِذَا ذُكِرَ الْفُرَاتُ أَتَى نِدَاهُ
يُشِيدُ بِأَنَّ شَامَكِ لِلْعِزِّ عَرِينَا
كَتَبْنَا فَوْقَ أَسْمَائِكِ وُجُودًا
لِتَبْقَى فِي الْحَضَارَاتِ الْجَبِينَا
وَفِيهَا النُّورُ أَنْشَأَ أَلْفَ بَيْتٍ
وَأَهْدَى لِلْحَضَارَةِ مَا رَمَيْنَا
بَنَتْ لِلشِّعْرِ قَصْرًا مِنْ ضِيَاءٍ
وَأَلْبَسَتْهُ تِيجَانًا وَدُرًّا ثَمِينَا
وَفِي سَاحَاتِهَا حُكْمُ الْعَدَالَةِ
وَفَوْقَ تُرَابِهَا الْحَقُّ مُسْتَكِينَا
هُنَا شَامُ الْيَقِينِ لِكُلِّ حُلْمٍ
تُؤَلِّفُ مِنْ شَذَا الْحَرْفِ السَّفِينَا
إِذَا ضَاقَتْ بِنَا الدُّنْيَا أَضَاءَتْ
جَمَالَ اللَّهِ فِي صَفَا أُفُقٍ مُبِينَا
هِيَ الْحَاضِنَةُ الَّتِي رَفَعَتْ لِوَاءً
عَظِيمًا فِي الزَّمَانِ عِزَّاً أموينا
تُبَارِكُ لِلسَّمَاءِ بِأَنَّ فِيهَا
عَبِيرَ عِطْرٍ تَنَاثَرَ بِالْمَيَادِينَا
وَأَشْجَارُ الْيَاسَمِينِ عَلَى رُبَاهَا
تُحِيطُ الْقَلْبَ بِالْحُبِّ الْمُعِينَا
وَفِي أَحْيَائِهَا التَّارِيخُ يُصْغِي
لِأَنْغَامِ الْجَمَالِ وَقَدْ عَرِينَا
كَأَنَّ الْمَجْدَ يُشْرِقُ مِنْ رُبَاهَا
فَيَحْيَا الْكَوْنُ عِشْقًا مُسْتَبِينَا
1280
قصيدة