عدد الابيات : 36
أَأَنْتَ الَّذِي فِي النَّاسِ يَعْلُو بِمَحْتِدِ
وَيَحْكُمُ بِالْآرَاءِ حُكْمَ الْمُسَدَّدِ
وَمَا زِدْتَ إِلَّا مَجْدَ آبَاءِ سَلْفِهِمْ
تُقَلِّدُهُمْ بِالْمَجْدِ عِقْدَ الْمُقَلَّدِ
وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْقَوْمِ يَوْمًا فَتَنْظُرُ
لَهُ الْفَضْلُ مَرْفُوعًا كَنَجْمٍ مُوَقَّدِ
وَتَسْعَى لِمَجْدٍ لَا يُطَالُ مَدَاهُهُ
كَأَنَّكَ فِي الْعَلْيَاءِ طَوْدٌ مُرَصَّدِ
وَإِنْ نُدِبَتْ لِلْمَجْدِ كُنْتَ مُقَدَّمًا
كَشَمْسٍ إِذَا مَا أَقْبَلَتْ لِتُوَقَّدِ
وَمَا زِلْتَ مِقْدَامًا بَهِيًّا، مُهَابَةً
بِكَ الْعَزْمُ لَا يَخْبُو وَلَا يَتَبَدَّدِ
وَإِنْ رَامَ خَصْمٌ أَنْ يُطَاوِلَ حِلْمَكَ
رَأَى حِلْمَكَ الطَّوْدَ الَّذِي لَا يُفَنَّدِ
وَكَانَ إِذَا حَلَّتْ بِقَوْمِهِ نَازِلٌ
أَتَى كَاللُّيُوثِ الضَّارِيَاتِ لِيَفْتَدِي
وَإِنْ جَاءَكَ الضَّعْفُ الْمُضَامُ تَنَافَرَتْ
عَلَاكَ نَدًى كَالْمَاءِ لِلْحَرِّ مُبْرِدِ
وَإِنْ جَاءَكَ الْمَلْهُوفُ تَرْفَعُ ضُرَّهُ
وَتُغْنِي يَدَ الْمَحْرُومِ مِنْ كُلِّ مَقْصَدِ
وَإِنْ جَادَ لِلْحُسْنَى بِمِثْلِكَ وَافِرٌ
فَأَنْتَ الَّذِي أَغْنَيْتَهَا بِتَوَسُّدِ
وَإِنْ سِرْتَ الْعَدْلَ فِي كُلِّ مَوْطِنٍ
وَإِنْ حَلَّ خَطْبٌ كُنْتَ حِصْنًا مُشَيَّدِ
وَإِنْ نُودِيَ الْأَحْرَارُ كُنْتَ مُقَدَّمًا
كَأَنَّكَ نَجْمٌ فِي الدُّجَى مُتَوَقِّدِ
وَإِنْ قَالَ ذُو الرَّأْيِ الْمُحَقُّ مَقَالَةً
وُجِدْتَ إِلَى حُكْمِ الصَّوَابِ مُؤَيِّدِ
وَإِنْ جُرْتَ فِي صَفْحٍ تَجَاوَزْتَ زَلَّتَنَا
كَرِيمٌ، عَظِيمُ النَّفْسِ، لَيْثٌ مُسَيَّدِ
يُؤَدِّي بِحَزْمٍ حَقَّهُ غَيْرَ مُبْطِئٍ
وَيَقْسِمُ بِالْإِنْصَافِ غَيْرَ مُقَلَّدِ
وَإِنْ حَلَّ فِي الْمَجْمَعِ الْعَامِ كَانَ لَهُ
مَكَانٌ كَعِقْدِ الدُّرِّ فَوْقَ الْأَبَّدِ
يُجَلِّلُهُ التَّقْوَى وَحُسْنُ خِصَالِهِ
كَمِسْكٍ بِرَيَّا الْعُودِ غَيْرَ مُفَنَّدِ
رَزِينٌ بَهِيُّ الطَّلْعَةِ، الْحِلْمُ حُلَّةٌ
تُطَوَّقُهُ كَالْبَدْرِ لَيْلَ التَّهَوُّدِ
يُعِزُّ صَدِيقًا إِنْ دَنَا مُتَوَدِّدًا
وَيَرْفُضُ ذُلَّ الْحِقْدِ غَيْرَ مُكَبَّدِ
وَمَا هُوَ إِلَّا لِمَعَالِي الْعِزِّ مُتَيَّمٌ
يَسُودُ بِصَبْرِ الْأَصْلِ غَيْرَ مُتَّئِدِ
وَإِنْ صَافَحَتْكَ الرِّيحُ فَاحَتْ بِعِطْرِهَا
فَذِكْرُكَ فِي الْآفَاقِ نَشْرُ الْأَمْدَدِ
وَإِنْ سَأَلَ السَّائِلُ عَنْهُ بِمَشْهَدٍ
فَمَجْدُهُ يَشْهَدُ وَالْحَقُّ مَشْهَدِ
سَمَا فَوْقَ أَكْفَانِ الْجَهَالَةِ مُشْرِقًا
كَنَجْمٍ يَزِينُ اللَّيْلَ بَيْنَ الْأَسْعُدِ
فَيَا نِعْمَ صَاحِبٍ تُحِبُّ لِقَاءَهُ
وَيُشْرِقُ فِي وِجْدَانِكَ الْمُتَوَقِّدِ
وَإِنْ قُلْتَ: هَلْ مِنْ فَارِسٍ بِمَجْدِهِ
فَإِنِّي أَرَيْتُ الْمُزْنَ فِي الْمُتَرَعِّدِ
وَإِنْ أَدْرَكَ الْإِكْرَامُ بَعْضَ مَقَامِكَ
فَمَا أَدْرَكَ الْإِحْسَانُ مِقْدَارَ سُؤْدُدِ
وَإِنْ قَالَ فِيكَ الْمَادِحُونَ فَمَا دَنَوْا
إِلَّا كَمَا قَدْ دَانَ فِي النَّجْمِ مُرْصَدِ
فَيَا صَاحِ، دُمْتَ الْمَجْدَ بَدْرَ كَمَالِهِ
وَدَامَ لَكَ الْعَلْيَاءُ فِي كُلِّ مُتَقِّدِ
فَلِلَّهِ دَرُّ الْعَبْدِ رَزَّاقِ الْمَجْدِ إِنَّهُ
فَتًى فَوْقَ أَكْتَافِ الْمَعَالِي مُسَوَّدِ
وَإِنْ رُمْتَ بِالْأَهْوَالِ عِزَّةَ مُعْتَصِمٍ
رَأَيْتَ الْمَآقِيَ مِنْ عُلَاكَ مُسَهِّدِ
وَإِنْ جَاءَ خَطْبٌ كَانَ أَوْفَى مُجَابِرًا
يُدَاوِي جِرَاحَ الْقَلْبِ غَيْرَ مُفَنَّدِ
يُرَوِّضُ نَفْسًا فِي الْعُلَا غَيْرَ وَاهِنٍ
وَكُلُّ خُطَاهُ بِالْمَعَالِي مُهْتَدِ
أَمِنْ ذِكْرِ الْكَبْشِ الرُّشْدِ وَالْهُدَى
تُثِيرُ جَوَانِحِي لَوْعَةَ الْمُجْتَهِدِ
فَتًى كَانَ فِي الْأَيَّامِ شَمْسًا مُنِيرَةً
تَفِيضُ بِنُورِ الْعَدْلِ غَيْرَ مُبَعَّدِ
1280
قصيدة