عدد الابيات : 18
لَا تَشْكُ ضَعْفَكَ لِلْأَحْيَاءِ يَا عَرَبُ
فَالنَّارُ لَا يُطْفِئُ الْأَشْجَارَ وَالْعَتَبُ
وَالْجُرْحُ فِي الصَّدْرِ إِنْ أَبْدَيْتَهُ خَطَرٌ
فَالنَّاسُ كَالذِّئْبِ، مَا أَبْدَيْتَهُ سَلَبُوا
كَمْ خِلْتُ أَنَّ لَهُمْ قَلْبًا يُوَاسِيهِمُ
فَمَا وَجَدْتُ سِوَى أَشْبَاهِ مِنَ الْخَشَبُ
شَكْوَاكَ تَسْلُبُكَ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ، فَهَلْ
يُرْجَى دَوَاءٌ لِمَنْ فِي نَفْسِهِ وَصَبُ؟
إِنَّ الْبُكَاءَ دُمُوعٌ لَا تُعِيدُ لَنَا
مَجْدًا تَهَاوَى، وَلَا تُحْيِي لَنَا سَبَبُ
لَا تَرْتَجِ الْعَدْلَ فِي دُنْيَا مُزَخْرَفَةٍ
فَالظُّلْمُ كَالطَّوْفِ، وَالْأَرْزَاقُ تَنْقَلِبُ
وَالنَّاسُ لِلْجَاهِ عَبَّادٌ بِلَا خَجَلٍ
وَالْمَكْرُ دِينُهُمُ، وَالْمَالُ مُنْتَدَبُ
كَمْ خَانَ قَلْبٌ مَنَحْتُهُ الْأَمَانَ، وَفَكَمْ
طَافَتْ خَنَاجِرُهُ فِي الصَّدْرِ تُغْتَصَبُ
وَكَمْ أَضَأْنَا دُرُوبَ الْعَيْشِ لِلسُّفَهَاءِ
حَتَّى بَدَوْا مِثْلَ نَارٍ، حَوْلَهَا الْحَطَبُ
لَكِنَّنَا رَغْمَ أَوْجَاعِ الزَّمَانِ بِنَا
نَغْزُو الْمَدَى بِالصَّبْرِ، الْحُزْنُ يَنْتَحِبُ
أَدْمَى الْمَصَائِبُ أَرْوَاحًا مُعَلَّقَةً
لَكِنَّهَا بِالنَّدَى وَالْعَزْمِ تَلْتَحِبُ
فَاصْبِرْ عَلَى الدَّهْرِ، إِنَّ الصَّبْرَ مَنْزِلَةٌ
لَا يَعْتَلِيهَا سِوَى الْأَحْرَارِ إِنْ غَلَبُوا
وَانْهَضْ كَطَوْدٍ إِذَا مَا الرِّيحُ عَاصِفَةٌ
وَاكْسِرْ قُيُودَ الْأَسَى، إِنْ كَانَ يَقْتَرِبُ
كُلُّ الْحَيَاةِ نِزَالٌ بَيْنَ عَاشِقِهَا
وَبَيْنَ مَنْ غَلَبَتْهُ النَّارُ وَاللَّهَبُ
فَالْخَيْرُ غُصْنٌ رَقِيقٌ فِي مَسَالِكِهَا
وَالشَّرُّ بَحْرٌ بِهِ الْأَمْوَاجُ تَضْطَرِبُ
لَا تَنْتَظِرْ مِنْ ظَلُومٍ رَحْمَةً أَبَدًا
فَالشَّوْكُ يُنْبِتُ إِنْ سَادَتْهُ الرُّحَبُ
وَاللَّهُ مَلْجَأُنَا فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ
يَا رَبِّ فَارْحَمْ قُلُوبًا كُلُّهَا تَعَبُ
فَإِنْ سَأَلْتَ، فَلَا تَسْأَلْ سِوَى مَلِكٍ
بِيَدَيْهِ كُلُّ الَّذِي تُرْجَى بِهِ الطَّلَبُ
1280
قصيدة