عدد الابيات : 38
قَدْ مَاتَ كَيْ تَحْيَا الْقُلُوبُ فِدَاءَنَا
وَسَقَى بِدَمْعِ الرُّوحِ أَرْضًا ظَمْآنا
مَضَى يُضِيءُ دُرُوبَنَا بِجِهَادِهِ
وَكَأَنَّهُ شَمْسٌ تَشِعُّ ضِيَانا
لَا، مَا ارْتَضَى إِلَّا الْعُلَا مُتَرَفِّعًا
وَالْمَوْتُ عِنْدَ شُمُوخِهِ حَيًّا بَدَانا
إِنَّ الشَّهِيدَ عَلَى الْمَدَى عُنْوَانُنَا
يُعْطِي الْحَيَاةَ لَنَا وَيَبْنِي بُلْدَانَا
فَاسْكُبْ عَلَى دَرْبِ الْفِدَاءِ قَصَائِدًا
تُحْيِي بِهِ فِي أُمَّتِي الْمَجْدَ هُدَانا
يَا بَدْرَ عِزٍّ فِي السَّمَاءِ أَضَاءَنَا
وَجَعَلْتَ مِنْ نَجْمِ الْخُلُودِ سَمَاءَنَا
أَوَاهُ يَا بَدْرًا غَفَا عَنْ أَعْيُنٍ
قَدْ أَوْجَعَتْهُ بِرَحِيلِهِ ذِكْرَيَاتُنَا
يَا مَنْ تَرَكْتَ الْقَلْبَ يَبْكِي غُرْبَةً
لَكِنْ غَفَا فِي حُبِّكَ كُلَّ أَحْلَامُنَا
نَشْتَاقُ وَجْهَكَ فِي الْحُقُولِ مُبَسَّمًا
لَكِنْ نَرَاكَ بِرُوحِنَا فِي دِيَّارُنا
يَا مَنْ حَمَلْتَ الْمَجْدَ فَوْقَ جَبِينِكَ
وَغَدَوْتَ فِي سِفْرِ الْخُلُودِ مَنَارَا
يَا دَرْبَنَا، يَا صَرْخَةً فِي وَجْهِنَا
لِتَظَلَّ نَجْمًا فِي الْهُدَى وَإِبَاءَنَا
نَبْكِيكَ حُزْنًا، وَالْفُؤَادُ مُعَزَّزٌ
بِأَنَّ رُوحَكَ فِي الْجِنَانِ تُرَى هُنَا
فَنَمْ قَرِيرَ الْعَيْنِ فِي فِرْدَوْسِهَا
حَيْثُ النَّعِيمُ وَحَيْثُ طَابَ لِقَاءَنَا
هُوَ الْفَتَى، لَمْ يَهْوَ غَيْرَ عُلَا الْهُدَى
وَسَمَا عَلَى دَرْبِ الْفِدَاءِ رَجَاءَنَا
قَدْ عَلَّمَ الْأَجْيَالَ أَنَّ الرُّوحَ فِي
سُبُلِ الْكَرَامَةِ تُهْدَرُ اسْتِبْسَالَنَا
مَاضٍ كَسَيْفِ الْحَقِّ لَا يَثْنِيهِ مَا
وَاجَهْتَهُ الْأَيَّامُ غَدْرًا أَوْ عَنَا
فِي الصَّبْرِ قَدْ ضَرَبَ الْمَثَالَ مُخَلِّدًا
مَعْنَى الْوَفَاءِ، وَصَارَ رَمْزًا قُدْسَنَا
يَا رَايَةً لِلْعِزِّ خَفَّاقَةَ الْمَدَى
فِي كُلِّ قَلْبٍ أَوْقَظَتْ أَنْغَامَنَا
ذِكْرَاكَ حَيَّةٌ عَلَى مَرِّ الدُّنَا
يَا مَنْ جَعَلْتَ الْمَجْدَ عَهْدًا عَالَمًا
فِي جَنَّةِ الرَّحْمَنِ أَضْحَى مَنْزِلًا
حَيْثُ الْأَمَانُ وَحَيْثُ طَابَ مَآبُنَا
هُنَاكَ فَوْقَ الظِّلِّ عِنْدَ عُرُوشِهَا
تُحْيِيهِ أَرْوَاحُ النَّقَاءِ هِبَاتَنَا
يَا سَاكِنًا بَيْنَ الْجَدَاوِلِ وَالنَّدَى
وَثِمَارِهَا، حَيْثُ الْعَطَاءُ جَزَاءَنَا
لَبِسَ الْبَيَاضَ مَعَ الْمُلُوكِ مُكَرَّمًا
وَحَظِيَ بِرُؤْيَةِ رَبِّهِ، مَا أَسْمَنَا
قَدْ جَاءَ وَعْدُ اللَّهِ، يَرْفَعُ قَدْرَهُ
لِيَكُونَ فِي الْفِرْدَوْسِ نُورًا مُثْلنَا
نَمْ فِي نَعِيمِ الْخُلْدِ، مُبْتَسِمًا بِمَا
قَدْ كَانَ فِي الدُّنْيَا نِضَالًا عَزَّنَا
شَهِيدُنَا نَجْمٌ تَسَامَى فِي الْعُلَا
وَأَضَاءَ فِي ظُلُمَاتِنَا إِشْرَاقَنَا
هُوَ الشِّهَابُ، بِهِ يُزِيلُ ظَلَامَنَا
وَيُهْدِينَا صُبْحًا جَدِيدًا سَامَنَا
رَمْزُ الْكَرَامَةِ، قَدْ غَدَا فِي مَوْطِنٍ
عَلَمًا يُرَفْرِفُ بِالْعُلَى أَحْلَامَنَا
مِنْهُ الْأَجْيَالُ اسْتَلْهَمَتْ دَرْبَ الْفِدَى
وَصَنَعَتْ مِنْ عَزْمِ الشَّهِيدِ جِدَارَنَا
هُوَ الْكِبْرِيَاءُ عَلَى الْمَدَى مُتَأَلِّقٌ
وَمَدَى الْخُلُودِ سَيَحْفَظُ فِي آثَارَنَا
يَا مَنْ تَرَكْتَ الرُّوحَ إِرْثًا خَالِدًا
تَبْقَى بِذَاكِرَةِ الزَّمَانِ لِوَاءَنَا
هَذَا الشَّهِيدُ، شُمُوخُهُ لَا يَنْثَنِي
يَبْقَى مِثَالًا لِلْعَطَاءِ نِدَاءَنَا
فِي مَوْكِبِ التَّضْحِيَةِ أَلْقَى رُوحَهُ
وَعَلَى طَرِيقِ الْمَجْدِ خَطَّ خُطَانَا
بِدِمَائِهِ صَاغَ الْحَيَاةَ كَرَامَةً
وَجَعَلَ مِنْ حُزْنِ الْفِرَاقِ رِضَاءَنَا
فِي جَنَّةِ الرَّحْمَنِ أُسْدِلَ سِتْرُهُ
فَغَدَا سَعِيدًا فِي النَّعِيمِ لِقَاءَنَا
رَمْزًا لَنَا، شَمْسًا تُضِيءُ دُرُوبَنَا
وَحُرُوفَهُ تَحْيَا أَبَدًا مَعَنَا هُنَا
يَا مَنْ مَضَى، قَدْ خَلَّدَتْكَ مَوَاقِفٌ
لِتَكُونَ فِي أَزْمَانِنَا مِنْ إِلْهَامَنَا
فَالشُّهَدَاءُ رَسَائِلٌ مِنْ رَبِّنَا
تَعْنِي الْحَيَاةَ، وَتَمْنَحُ كُلَّ إِقْدَامَنَا
1280
قصيدة