عدد الابيات : 30
هَلْ فِي الْخُلُودِ لِغَيْرِ الْمَجْدِ مِنْ نَسَبِ
أَمْ فِي الدِّمَاءِ طُهُورُ الْحَقِّ مِنْ كَذِبِ
يَا سَارُوتَ الرُّوحِ، يَا عَرْشَ الْبُطُولَةِ، هَلْ
غَيْرُ الشَّهَادَةِ يَمْحُو الْعَارَ مِنْ حَطَبِ
أَنْتَ الَّذِي أَوْقَدَ الثَّوْرَاتِ فِي دَمِنَا
فَاسْتَوْقَدَ الْعُمْرَ نَارًا دُونَ مَا تَعَبِ
أَبْكَيْتَ شَعْبًا، وَكُنْتَ الْبَدْرَ بَيْنَهُمْ
تُنِيرُ دَرْبًا إِذَا مَا اللَّيْلُ لَمْ يَهِبِ
رَمَيْتَ صَدْرَ الْعِدَى بِالْحُلْمِ مُشْتَعِلًا
كَأَنَّ فِيكَ نِدَاءَ الْعَزْمِ وَالْغَضَبِ
يَا مَنْ غَنَّيْتَ لِلْحُرِّيَّةِ ارْتَحِلُوا
إِلَى السَّمَاءِ مَعَ الْأَطْهَارِ فِي رَكْبِ
يَا فَارِسَ الشَّامِ، قَدْ أَدْمَيْتَ قَافِلَتِي
وَأَسْكَنْتَ فِي صَمِيمِ الْقَلْبِ مِنْ نُدُبِ
لَوْلَاكَ مَا كَانَ لِلثَّوْرَاتِ عَاصِفَةٌ
تَجْتَثُّ مِنْ بَاطِلِ التَّارِيخِ مَا يَجُبِ
أَرَاكَ تَمْضِي وَفِي عَيْنَيْكَ مَلْحَمَةٌ
كَأَنَّهَا الْبَدْرُ فَوْقَ اللَّيْلِ وَالشُّهُبِ
سَلْ كُلَّ حَوْرَاءَ فِي الْفِرْدَوْسِ مُنْتَظِرًا
هَلْ قَدْ أَتَتْ قَبْلَكَ الْأَحْرَارَ بِالْعَجَبِ؟
قَدْ كُنْتَ نُورًا، وَكُنْتَ الْعَهْدَ مُكْتَمِلًا
كَأَنَّمَا الْمَجْدُ أَضْحَى بَيْنَكَ السَّبَبِ
هَذِي السَّمَاءُ نَثَرَتْ رُوحَكَ عَاطِرَةً
عَلَى الْخُلُودِ، وَهَلْ فِي الْمَوْتِ مِنْ رَهَبِ
يَا سَارُوتُ، نَمْ قَرِيرَ الْعَيْنِ مُنْتَصِرًا
فَكُلُّ حُرٍّ يَرَى فِي دَرْبِكَ الطَّلَبِ
لَنْ يَنْطَفِئْ فِي حَنَايَا الشَّامِ ذِكْرُكَ يَا
قَلْبَ الشَّجَاعَةِ، يَا مَنْ حَطَّمَ السُّحُبِ
أَنْتَ الْحَقِيقَةُ فِي بَحْرِ الْكَذِبِ صَافِيَةٌ
وَكُلُّ مَا غَيْرَكَ التَّزْيِيفُ وَالْكُثُبِ
يَا سَارُوتَ الرُّوحِ، إِنِّي مَا حَيِيتُ سَأُ
شَيِّدُ الْمُعَلَّقَاتِ بِاسْمِ الْمَجْدِ فِي الْكُتُبِ
يَا مَنْ تَرَجَّلَ عَنْ دُنْيَا الْمَذَلَّةِ فِي
مَيْدَانِ عِزٍّ، وَفِيهِ الْمَوْتُ كَالذَّهَبِ
صِحْتَ “أَمُوتُ لِأَحْيَا”، كُنْتَ مَلْحَمَةً
يَمْضِي بِهَا الْفَخْرُ لِلْأَجْيَالِ فِي الْخُطَبِ
حَمَلْتَ صَدْرَكَ دِرْعًا لِلْكَرَامَةِ إِذْ
خَانَ السِّلَاحَ دُعَاةُ السِّلْمِ وَالْكَذِبِ
أَذَقْتَ أَعْدَاءَنَا بَأْسًا بِمَعْرَكَةٍ
كَأَنَّهَا النَّارُ بَيْنَ الرَّعْدِ وَالْحَطَبِ
يَا سَارُوتُ، وَالشُّهَدَاءُ أَنْتَ لِوَاؤُهُمْ
تَخْطُو بِثَوْرَتِنَا لِلْمَجْدِ فِي عَجَبِ
مَا كُنْتَ تَغْفُو إِذَا اللَّيْلُ اسْتَبَدَّ بِنَا
كُنْتَ النَّهَارَ، وَكُنْتَ الْعِزَّ فِي الشُّهُبِ
مَنْ يَذْكُرُ الْيَوْمَ إِلَّا أَنْتَ رَايَةَ مَنْ
سَارُوا كَأَنَّهُمْ فِي الْمَوْتِ كَالسُّحُبِ
قُدْتَ الْقُلُوبَ، وَكَانَتْ نَارُهَا عَلَمًا
فِي ثَوْرَةٍ كُلَّمَا نَادَتْ: “إِلَى الْحَلَبِ!”
صَوْتُكَ يَا أَيُّهَا الْبُلْبُلُ الشَّادِي، قَدْ
غَنَّى فَشَقَّ جِدَارَ اللَّيْلِ بِالطَّلَبِ
يَا مَنْ بَكَى فِي وَدَاعِ الرُّوحِ أُمَّتَهُ
قَدْ كُنْتَ أَصْدَقَ مَنْ يَحْيَا بِلَا رَيْبِ
الْيَوْمَ تَسْكُنُ فِي الْفِرْدَوْسِ مُرْتَقِبًا
قَوْمًا يُكْمِلُونَ السَّيْرَ فِي النُّهُبِ
دِمَاؤُكَ الْآنَ أَقْمَارٌ تُضِيءُ لَنَا
دَرْبَ الْخَلَاصِ، وَحَقَّ الْحُرِّ فِي السَّلَبِ
نَمْ يَا شَهِيدَ الْعُلَا، فَالْمَجْدُ يَعْرِفُ مَنْ
أَحْيَى الْحَيَاةَ بِعَزْمٍ لَا وَلَا نَضَبِ
يَا سَارُوتَ الرُّوحِ، إِنَّ الْأَرْضَ ذَاكِرَةٌ
بِأَنَّكَ النَّصْرُ، فَاحْفَظْ عَهْدَنَا يَا رَبِ
1280
قصيدة